إلى الأسوأ، تسير الأوضاع في السودان، مع استمرار المعارك المسلحة بين قوات الجيش وقوات التدخل السريع، مما ينذر بعواقب خطيرة ليست فقط على الداخل السوداني ولكنها قد تمتد إلى المنطقة كلها. ومنذ شهر أبريل من عام 2023 دخلت السودان، في دوامة الصراع المسلح، مما خلّف عشرات الآلاف من القتلى وملايين النازحين إلى الدول المجاورة والداخل السوداني، فيما تتحدث تقارير أممية عن ظروف إنسانية صعبة هناك. وما بين مخاطر حدوث مجاعة ومخاطر توّسع نشاطات التنظيمات الإرهابية المسلحة واتخاذ السودان كمنطقة انطلاق جديد، تتزايد المخاوف الدولية من تفاقم الأوضاع هناك أكثر مما هي عليه الآن. ويرى محللون في حديث لمنصة وقناة "المشهد" إنّ الأوضاع في السودان تسير إلى مراحل خطيرة مع انسداد الأفق حول إمكانية وجود حل سياسي بين القوى المُتصارعة. لا أمل في حل سياسي وقال المحلل السياسي، الدكتور أسامة السعيد، إنّ المشهد في السودان سيئ للغاية، خصوصا بعد أن حققت قوات الدعم السريع بعض النجاحات العسكرية، لافتًا إلى أن حدة الصراع تزداد في الخرطوم وإقليم دارفور. وأضاف السعيد في حديث لـ"المشهد"، أنّ زيادة حدة الصراع انعكس بالتأكيد على الملايين من النازحين السودانيين، وهو ما ينذر بوقوع كارثة إنسانية لعدم وجود غذاء. وتطرق السعيد إلى الحديث عن ضرورة الجلوس على طاولة الحوار ووقف فوري لإطلاق النار هناك لأن الوضع لا يحتمل مزيدا من التأخير. وقال: "الأمل في حل سياسي يتلاشى وبالتالي على دول الجوار بذل دور كبير في تقريب وجهات النظر من أجل التوصل لحل سياسي".المجاعة في السودانوكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت من أن مناطق نزاع في السودان معرضة لخطر مجاعة "كارثية" بين أبريل ويوليو، وهي "فترة عجاف" بين موسمَي الحصاد، في وقت يكافح الملايين هناك من أجل إطعام أنفسهم. وقال بيتر غراف ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان، إنّ 5 ملايين شخص يعيشون في حالة طوارئ بسبب الجوع. واتفقت مع الطرح السابق، الباحثة في الشأن السوداني، رحمة حسن، مشيرة إلى أن الصراع هناك مرشح للزيادة والتوّسع أكثر. وقالت في حديث لمنصة "المشهد" إنّ الصراع المسلح وتمسك كل طرف بالحل العسكري لحسم الأمر أدخل السودان في كارثة إنسانية متمثلة في نزوح الملايين إلى دول الجوار، لافتة إلى أن التقارير الأممية تتحدث عن مخاطر كثيرة يتعرضون لها مثل نقص الطعام والأدوية. وأوضحت حسن أنّه كان هناك قرار أممي قبل رمضان بشأن تنفيذ هدنة إنسانية خلال الشهر الكريم ورغم إعلان أطراف الصراع التزامهم بالهدنة فإنها لم تُنفذ على أرض الواقع. كارثة أخرى تتحدث عنها الباحثة في الشأن السوداني، وهي الاستعانة بالأطفال للمشاركة في المعارك المسلحة بين طرفي الصراع وكذلك تعرض النساء للاعتداءات المتكررة، وهو ما حذّرت منه المنظمات الأممية.التنظيمات المتطرفة على الأبواب وفي تقرير استخباراتي، حذّرت الولايات المتحدة من إمكانية عودة الجماعات المتشددة إلى السودان، والانخراط في الحرب مع أي طرف ضد الآخر. وقال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، منير أديب، إنّ الجماعات المتطرفة تعيش في السودان منذ قرابة 30 عامًا، منذ حكم الرئيس السودانيّ السابق عمر البشير. وأضاف خلال حديث لقناة "المشهد"، أنّ زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، عاش فترة في السودان خلال تسعينيات القرن الماضي، لافتًا إلى أنّ السودان استقبل أيضًا جماعات متطرفة بعد عام 2013، وهم جماعات منبثقة من الإخوان في مصر، مثل حركة "حسم" و"لواء الثورة"، وهي جماعات تستخدم العنف. وأوضح أديب أنّ التقرير الأميركيّ يدقّ ناقوس الخطر حول الوضع في السودان، لافتًا إلى أنّ طرفَي الصراع في السودان، يستخدمون الخلايا المتطرفة لصالحهم خلال العمليات العسكرية في السودان. وأشار الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إلى أنّ السودان لم يعد بيئة خصبة لنموّ الجماعات الإرهابية المتطرفة وحسب، ولكن بالفعل هناك جماعات تعيش، وهناك مخاطر من تمدّدها، مشيرًا إلى أنه بعد حكم البشير، عاش السودان فترة عدم استقرار سياسيّ وأمنيّ كبير.(المشهد)