على غير العادة "الأعداد لم تكتمل" في إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024 (الثانوية العامة)، فقد حالت ظروف الحرب على قطاع غزة دون تقدّم 39 ألف طالب ثانوية عامة من ممارسة حقهم في التعليم، بينما ارتقى 450 من مجمل الطلبة، واعتقلت قوات الجيش الإسرائيلي 55 منهم، ودمرت تلك القوات المباني المدرسية، وقتلت المئات من الكوادر التعليمية وفق تقارير حقوقية دولية، بالمقابل وتقدم 50 ألف طالب وطالبة في محافظات الضفة الغربية، والمدارس الفلسطينية بالخارج.وبالتزامن مع إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024 (الثانوية العامة)، عم الحزن أرجاء الضفة الغربية، وساد الهدوء التام بعدم إظهار بهجة الفرح بالنجاح تضامناً واسعاً وشاملاً مع أهالي القطاع، الذي ظللت سماءه غمامة الأسى بفعل الحرب الدامية، وسط تغييب قسري لـ39 ألف طالب بين ضحية وجريح وأسير ونازح في قطاع غزة، الذي كان دوماً في صدارة أوائل الطلبة المتفوقين. وفي ذات السياق، جدّدت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية التزامها بعقد دورة خاصة لطلبة الثانوية العامة في قطاع غزة "في حال انتهاء العدوان، والعزم على تنفيذ خطة لإنقاذ العام الدراسي حتى نفوّت الفرصة على إسرائيل الساعية إلى طمس مستقبل أجيالنا". من جانبه، شدد نادي الأسير الفلسطيني، أن السلطات الإسرائيلية صعدت من سياسة اعتقال الطلبة في القدس والضفة الغربية، وحرمتهم من حقهم في التعليم، منذ بدء حرب الإبادة، وبين النادي أن "55 طالباً من الثانوية العامة هم من بين الطلبة المعتقلين، ويواجهون جريمة الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة". وعبرت والدة الطالب المعتقل في السجون الإسرائيلية محمد أبو عجمية من بيت لحم، لمنصة "المشهد" عن حزنها الشديد لعدم تمكن ابنها من تقديم الثانوية العامة، وقالت "إسرائيل تحارب الفلسطينيين في التعليم، تسعى لتجهيل جيل كامل، وهذا ما نواجهه اليوم في الضفة وغزة، القوات الإسرائيلية اعتقلت محمدا تحت ذرائع واهية منذ بداية العام الدراسي، ولم تحدد له تهمة أو محاكمة حتى الآن، وقد خسر الدراسة وضاع عليه العام وحرم من النجاح". وأهدى رضا ورحيل توأم الأسيرة سهام أبو عياش من بلدة بيت أمر شمال الخليل، تفوقهما بالنجاح لوالدتهما التي تقبع في السجون الإسرائيلية، ولأهالي قطاع غزة، وأكدا لمنصة "المشهد" بأنه "رغم ظروفنا الصعبة مع وجود الوالدة سهام في السجون الإسرائيلية، وحاجتنا لدعمها والوقوف بجانبنا، تمكنا من الجد والاجتهاد والنجاح، لكن فرحتنا منقوصة لغيابها القسري، وللظلم الواقع على أبناء غزة من حرب دامية، وحرمان الطلبة من التعليم". غياب قسري تبددت طموحات الطالب الغزي عنان أبو صفية في الالتحاق بكلية الطب، التي كانت ترافقه ويحلم بها منذ نعومة أظفاره، كحال بقية آلاف الطلبة في قطاع غزة، فالحرب المستعرة حالت بينهم وبين مقاعد دراستهم بالثانوية العامة، فباتوا ضحايا، وجرحى، ونازحين في قطاعهم، يبحثون عن الأمان وسط كم هائل من الركام الممزوج بالمآسي والظروف اللاإنسانية. بصوت خافت يملؤه الحزن يصف الطالب عنان لمنصة "المشهد" شدة القهر والحسرة التي ألمت بها لحظة إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024 (الثانوية العامة)، وهو نازح مع عائلته في خيمة بمدينة رفح، ونجا من موت محتوم مرات عدة، "أشعر بحسرة في قلبي وروحي المنهكة على خسارة مقاعدنا الدراسية، وحرماننا من الفرحة بالنجاح وتوزيع الحلويات والالتحاق بالجامعة، بل تم الزج بنا بالخيم وحوصرنا بالرصاص والموت، قضت الحرب على واقعنا ومستقبلنا، وحطمت بصيص الأمل مع الدمار والنكبة التي حلت علينا وأفقدتنا كل شيء". تتشابه أحزان طلبة غزة، وتتوحد أوجاعهم بالفقد والظلم وفقاً لرزان اليازجي، التي قالت لمنصة "المشهد" إنه "رغم الفقد والنزوح ومواجهة الموت بشكل يومي، لم يغب عني في لحظة من اللحظات أنني طالبة ثانوية عامة، وما زلت أحتفظ بكتبي ودفاتري على أمل استئناف الدراسة، فرغبتي أن أصبح مصممة أزياء هي مصدر عزيمتي وإصراري على التفوق والنجاح رغماً عن كل المحن"، وأضافت رزان "أشعر بظلم كبير تجاهنا خصوصا نحن طلبة الثانوية العامة، أصبت بانهيار متعب لحظة إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024 (الثانوية العامة)". ويعتري الحزن والد الطالبة رنين غالب من مدينة غزة، حيث تميزت بتفوقها المدرسي، وكانت تنتظر الثانوية العامة لتثبت جدارتها، وتكمل تعليمها خارج البلاد في علم الفضاء، وأشار لمنصة "المشهد" بأن "رنين اليوم على سرير العلاج بالمستشفى، حيث تعرضنا لحزام ناري إسرائيلي على المربع السكني حيث نعيش، مما أدى لإصابتها بحروق وبتر رجلها، وهي بحالة نفسية سيئة، أحاول دعمها، لكن مع إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024، باتت حالتها أصعب ونفسيتها تتراجع شيئاً فشيئاً، لأن طموحاتها باتت بعيدة المنال في الوقت الحاضر".رقم الجلوس غير مدرج تلقت عبير غزاوي (45) عاماً من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، رسالة نصية على هاتفها المحمول أفادت بعدم إدراج ابنها باسل ضمن قوائم الناجحين في إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024 (الثانوية العامة)، تروي عبير الأم المكلومة على فقدان ولدها باسل لمنصة "المشهد" كيف أن الفرحة الفلسطينية معلقة لإشعار آخر، وتغيب مع رحيل الأحبة، "قصة ابني باسل تلخص وجعنا وصراعنا مع إسرائيل، التي تنتزع الفرح والأحلام من قلوبنا"، وتابعت حديثها "أصر باسل على اجتياز امتحان الثانوية العامة، وحضر نفسه رغم إصابته البليغة وشدة أوجاعه، وهو على سرير العلاج بالمستشفى، إذ تعرض لقصف مسيرة إسرائيلية، وبعدها تسللت وحدة إسرائيلية خاصة إلى مستشفى ابن سينا، وقامت بقتل أبنائي محمد، وباسل .. الذي اغتالت إسرائيل شغفه بالنجاح والذهاب لمرحلة التعليم الجامعي .. على سرير العلاج". وباسل غزاوي من بين 20 طالب ثانوية عامة، ارتقوا منذ السابع من أكتوبر في الضفة الغربية، وكان آخرهم الطالب يزن اشتية من قرية سالم بمدينة نابلس. وأكد الطالب المتفوق يزن السمّان من مدينة القدس لمنصة "المشهد" الحاصل على المركز الأول للفرع العلمي، في إعلان نتائج التوجيهي فلسطين 2024 (الثانوية العامة)، "فرحتنا منقوصة وقلوبنا حزينة على من فقدنا من الطلبة الزملاء في قطاع غزة والضفة الغربية، فالحرب حرمتهم من مقاعد الدراسة، وفرحة النجاح، والدخول إلى التعليم الجامعي، بالإضافة إلى الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها والحرمان من كل مقومات الحياة".(القدس - المشهد)