"ألما ابنة أخي الطفلة البريئة كسائر الأطفال دفعت ثمن الحرب المندلعة في المنطقة... نريد أن يحلّ السلام علينا، وننعم بالأمن والأمان وهذا حق كفلته كل الأعراف البشرية"، هذا ما قاله حسن فخر الدين، عم الطفلة ألما أيمن فخر الدين (11 عاماً) لمنصة "المشهد"، لافتا إلى أن الزمن توقف عند لحظة انفجار الصاروخ في ملعب كرة القدم بقرية مجدل شمس حيث تقطعت أجساد الأطفال وتناثرت أحلامهم.واستكمل حديثه في نبرة حزينة "هذه الحادثة ستحفر في الذاكرة، كيف لملعب كرة القدم أن يتحول لساحة من الأشلاء والدم؟ ابنة أخي ألما أحبت الرياضة وكانت تحلم بالعالمية، الحزن مضاعف عليها وعلى الأطفال الذين كانوا ينسجون خيوط الأمل بمستقبل أفضل".أجواء الحزن والكآبة ما زالت تسيطر على أهالي قرية مجدل شمس، في هضبة الجولان لليوم الثالث توالياً، البالغ عددهم نحو 40 ألف نسمة من أبناء الطائفة الدرزية، الذين يتمسكون بهويتهم السورية، ويرفضون محاولات إسرائيل لتجنيسهم منذ احتلال الهضبة عام 1967، ويعانون الاستيطان والانتهاكات الإسرائيلية.وفي هذا الإطار رفض أهالي هضبة الجولان تجيير المقتلة الحاصلة ضمن حسابات إسرائيل وساستها، وواجهوهم بالطرد وطالبوهم بالرحيل عن أرض الهضبة. الحادثة أثارت جدلاً واسعاً، بعد أن ادعت إسرائيل أن الأطفال قتلوا نتيجة "صاروخ إيراني الصنع أطلقه حزب الله"، ادعاء فنده مسؤولون في الحزب، وأبلغوا الأمم المتحدة أن الحادث كان نتيجة سقوط صاروخ إسرائيلي مضاد للصواريخ على ملعب كرة القدم، وأثارت الاتهامات القائمة أصلاً تجاه إسرائيل بأنها "تعمّدت إبقاء المناطق التي لا يسكنها اليهود غير محمية بمنظومات الدفاع الجوي والقبة الحديدية، أو جعلها مناطق اعتراض للصواريخ مما يعرضها للحوادث". وبدت الأمهات والنساء يتمزقن حسرة وسط توابيت الضحايا الأطفال الذين قضوا بانفجار الصاروخ، وما تزال قرية مجدل شمس تعيش مشاعر الذهول والصدمة، حيث أشار شاهد عيان لمنصة "المشهد" بنبرة ترافقها الدموع "من الصعب أن أصف الصورة التي رأيتها أمامي، حيث قلب الصاروخ أرض ملعب كرة القدم رأساً على عقب في لحظة واحدة، فجأة تحولت أجساد الفتية والفتيات إلى دماء وأشلاء مقطعة، ومع وصول الأهالي اشتد الصراخ والألم على هول الحدث وسط دمار هائل". أطماع إسرائيلوفي هذا السياق، اعتبر الخبير والمحلل السياسي عادل شديد لمنصة "المشهد" بأن "إسرائيل تتلاعب بتناقضات الأقليات بالمنطقة، وتتباكى على واقعة قرية مجدل شمس سياسياً وإعلامياً، وهي أكبر وأول المستفيدين من الحدث، حيث تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف من وراء الالتفاف على قضية انفجار الصاروخ بملعب كرة القدم، لأنها فشلت منذ العام 67 من تذويب الحالة الوطنية للدروز في هضبة الجولان، وتحاول استغلال المحنة والمصيبة بكل السبل، لتظهر أمام سكان الهضبة أن سلامتهم ومستقبلهم الآمن، ومكانهم الصحيح في إسرائيل، وليس في سوريا، وتحرص عليهم ومستعدة للذهاب باتجاه حروب دفاعاً عنهم".وشدد المحلل السياسي شديد لـ"المشهد"، بأن "إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، والدليل هو قيام أهالي مجدل شمس بطرد وإهانة كل المسؤولين الإسرائيليين الذين وصلوا للتعزية بالضحايا، ورفضوا وجودهم بالجنازة والهضبة، وإفشال المخطط الإسرائيلي جاء أيضاً من قوة ووحدة الموقف الديني والوطني لقادة الدروز في لبنان في هذه القضية، حيث سعت إسرائيل من خلال التباكي على حادثة مجدل شمس، إلى تحريض دروز سوريا ولبنان على البيئة المجتمعية لـ"حزب الله"، وإدخال قوى عالمية في حرب شاملة مع الحزب ومساومته على حرب داخلية وخارجية، وإما وقف إطلاق النار، وإعادة مقاتلي الحزب إلى ما بعد الليطاني وترك غزة وحدها". رد عسكري محدود وتتوالى ردود الفعل على واقعة مجدل شمس، حيث أفادت التصريحات الإسرائيلية، بأن هناك 3 سيناريوهات للرد المرتقب:أن يكون "مدروسا" حيث يتم احتواؤه من قبل "حزب الله" ويتجنب حرباً شاملة.رد قوي من الجيش الإسرائيلي يفضي إلى تبادل ضربات مع "حزب الله" تستمر أياما عدة ثم تنتهي بهدوء متبادل.الحرب الشاملة مع لبنان، حيث يتم توجيه ضربة واسعة النطاق لأهداف "حزب الله" وتنفيذ اجتياح بري إلى عمق الحدود اللبنانية. وأوضح الباحث السياسي الإسرائيلي شلومو غانور لمنصة "المشهد" بأن "الرد الإسرائيلي على حادثة قرية مجدل شمس البشعة، سيكون محدوداً لكنه سوف يأتي اليوم أو غداً، طبيعة الرد ومكانه ووقته سيحدد فيما بعد، بموجب الصلاحيات التي أعطيت لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، اختيار الأسلوب والتكتيك بالرد الإسرائيلي العسكري على "حزب الله" منوط بقرار نتانياهو وغالانت، هل هذا الرد سيجر المنطقة إلى حرب إقليمية أو جبهة جديدة، الأيام المقبلة ستظهر النتيجة، لكن الهدف الإسرائيلي أن تكون الضربة محدودة، لعدم جر المنطقة لحرب واسعة أو إقليمية". وحول سؤال "المشهد" عن الإصرار الإسرائيلي للدفاع عن حادثة قرية مجدل شمس الدرزية، ويرفض أهلها كبقية قرى هضبة الجولان المحتل الجنسية الإسرائيلية، ويناهضون محاولات فرض الأمر الواقع، أجاب غانور، "سكان هضبة الجولان هم سكان في دولة إسرائيل، سواء أكانوا عربا، أم يهودا أم دروزا، يعيشون في حماية إسرائيل، والرد العسكري الإسرائيلي هنا، يأتي ضد الخطر على الأطفال والأهالي دون تمييز أو عنصرية، الكل متساو وواجب الحكومة الإسرائيلية حمايتهم والدفاع عنهم". (المشهد - القدس)