جو بايدن، الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، هو سياسيّ يتمتع بمسيرة طويلة في الحياة العامة الأميركية. كان يطمح لولاية رئاسية ثانية، إلا أنّ ذلك لم يتحقّق بعدما تراجع عن الترشّح عقب الضغوط الكبيرة التي مورست عليه، من جرّاء الزلات الكثيرة التي تعرّض لها، والفيديوهات التي انتشرت له، ما أدّى إلى زيادة التساؤلات حول قدرته على الاستمرار. بايدن وانتخابات 2024 كان بايدن ينوي منافسة المرشّح الجمهوريّ دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024، إلا أنّه لاقى الكثير من الاعتراضات وتحديدًا من الحزب الديمقراطي، الأمر الذي كان له تأثير كبير على خياره، بالإضافة إلى أنّ استطلاعات الرأي كانت تُظهر تقدّم ترامب خصوصًا بعد المناظرة، حيث وصف أداؤه بغير الموفّق. وأعلن بايدن أنه لن يترشح لفترة ثانية، ما أحدث تغييرًا كبيرًا في المشهد السياسي. جاء هذا القرار وسط تحديات كبيرة واجهت إدارته، وهي تشمل، بالإضافة إلى العوامل السابقة المتعلقة بأدائه، الانتقادات حول استجابته لجائحة كورونا، وأداء الاقتصاد، والتوترات الدولية المتزايدة. قرار انسحابه المفاجئ، ترك الحزب الديمقراطيّ في وضع يتطلب إعادة تقييم استراتيجي. وعقب هذا القرار، قرر الحزب الديمقراطيّ ترشيح نائبة الرئيس كامالا هاريس لخوض الانتخابات الرئاسية كمرشحة الحزب. ويُعتبر ترشيح هاريس خطوة تاريخية، كونها أوّل إمرأة وأول شخص من أصول جنوب آسيوية وإفريقية يتم ترشيحه للرئاسة من قبل حزب كبير. ومن المتوقع أن تكون حملتها الانتخابية مركّزة على مواصلة سياسات بايدن وتحقيق رؤية تقدمية للمستقبل.بايدن الرئيس تميّزت فترة رئاسة جو بايدن للولايات المتحدة بمجموعة من التحديات والإنجازات الكبيرة على الصعيدين الداخليّ والخارجي. فقد تولى بايدن الرئاسة في وقت حرج، حيث كانت البلاد تواجه جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية. ركز بايدن في بداية ولايته على تسريع عملية توزيع اللقاحات، وتقديم حزم تحفيزية لدعم الاقتصاد الأميركيّ المتأثر بالجائحة. وعمل بايدن على تمرير حزمة إنقاذ اقتصاديّ ضخمة، وإقرار قوانين تهدف إلى تحسين البنية التحتية في الولايات المتحدة، وتعزيز الاستثمارات في التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة. أمّا على صعيد السياسة الخارجية، فقد سعى بايدن إلى إعادة بناء التحالفات الدولية التقليدية للولايات المتحدة، وأعاد التزام أميركا باتفاقية باريس للمناخ، كما تعامل بحزم مع تحديات من قوى عالمية مثل الصين وروسيا. وواجهت إدارة بايدن انتقادات بشأن تعاملها مع بعض القضايا، مثل الانسحاب من أفغانستان، والانقسامات الداخلية الحادة في السياسة الأميركية. كذلك، كان بايدن منشغلًا بمفاوضات مستمرة بشأن الحرب في غزّة، في ظلّ محاولات الولايات المتحدة للتوسط بين إسرائيل وحركة "حماس" لوقف إطلاق النار والوصول إلى حلّ للنزاع. من هو جو بايدن؟ اسمه الكامل جوزيف روبينيت بايدن جونيور، ووُلد في 20 نوفمبر 1942 في سكرانتون، بنسلفانيا. نشأ في عائلة من الطبقة العاملة. والده، جو بايدن الأب، كان يعمل كبائع سيارات مستعملة بعد مروره بفترات من البطالة. والدته كاثرين يوجينيا فينيغان، كانت تُعرف بتأثيرها الكبير على جو الصغير. تلقى بايدن تعليمه في مدارس محلية كاثوليكية في سكرانتون وكلايمونت، ديلاوير بعد انتقال العائلة في الخمسينيات. حصل على درجة البكالوريوس من جامعة ديلاوير في عام 1965، حيث تخصص في التاريخ والعلوم السياسية. أظهر اهتمامًا مبكّرًا بالسياسة، وكان فاعلًا في الأنشطة الطلابية. تابع دراسته في كلية الحقوق بجامعة سيراكيوز، حيث حصل على درجة القانون في عام 1968. بعد فترة قصيرة من العمل كمحامٍ في القطاع الخاص، بدأ بايدن مسيرته في الحقل السياسي، بانضمامه إلى مجلس مقاطعة نيو كاسل في ديلاوير في عام 1970. قرّر بايدن الترشّح لمجلس الشيوخ الأميركيّ عن ولاية ديلاوير، واستمر في تمثيل الولاية لأكثر من 3 عقود، ما أكسبه خبرة واسعة في السياسة الأميركية. على عكس كلّ التوقعات، فاز في الانتخابات وأصبح واحدًا من أصغر أعضاء مجلس الشيوخ في التاريخ بعمر 29 عامًا فقط. بعد أسابيع قليلة من فوزه، تعرضت زوجته الأولى نيليا هانتر وابنتهما نعومي، لحادث سيارة في ديسمبر 1972 أدّى إلى وفاتهما، بينما كان ابناه، بو وهنتر، يعانيان إصابات خطيرة. ترأس بايدن لجانًا عدة مهمة، من بينها لجنة العلاقات الخارجية ولجنة القضاء. كان له دور بارز في قضايا مثل معاهدات الأسلحة النووية، ومكافحة الإرهاب، والإشراف على تعيينات المحكمة العليا. ترشح بايدن للمرّة الأولى للانتخابات الرئاسية في عام 1988، لكنّه انسحب باكرًا. حاول بايدن الترشّح للرئاسة مرّة أخرى في عام 2008، لكنه لم يتمكّن من الحصول على دعم كبير فانسحب. عمل كنائب للرئيس باراك أوباما من 2009 إلى 2017، حيث لعب دورًا كبيرًا في صياغة السياسات الداخلية والخارجية، بعدما اختاره أوباما نائبًا له بعد فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي. كان بايدن مستشارًا أساسيًّا لأوباما في مجال السياسة الخارجية، حيث عمل على تحسين العلاقات الأميركية مع دول عدة، وتعزيز التعاون الدوليّ لمكافحة الإرهاب. أصبح رئيسًا للولايات المتحدة بعدما فاز في الانتخابات الرئاسية، وتولى منصبه عقب هزيمة ترامب في الانتخابات عام 2020. أشرف بايدن على الانسحاب الأميركيّ من أفغانستان بعد 20 عامًا من الحرب. عاد بايدن إلى اتفاقية باريس للمناخ بعد انسحاب ترامب منها. وقّع بايدن على مشروع قانون لتمرير حزمة تحفيز اقتصادية بقيمة 1.9 تريليون دولار لدعم الاقتصاد الأميركيّ بعد جائحة كورونا. قرّر بايدن في يوليو الماضي الانسحاب من السباق الرئاسيّ للانتخابات المقبلة. (المشهد)