في زيارة هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد أجرى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد مع نظيره المصري سامح شكري محادثات السبت في القاهرة، وسط حالة من الانفتاح العربي نحو دمشق المعلّقة عضويتها في جامعة الدول العربية جرّاء الأزمة السورية عام 2011.وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن اللقاء لبحث العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، فيما قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد في بيان رسمي إن محادثات الوزيرين "تناولت سبل مساعدة الشعب السوري على استعادة وحدته وسيادته على كامل أراضيه (..) وتكثيف قنوات التواصل بين البلدين على مختلف الأصعدة خلال المرحلة المقبلة".لقاء الأسد والسيسي وعمّا ستحمله المرحلة المقبلة لسوريا، يقول رئيس لجنة العلاقات العربية والخارجية في مجلس الشعب السوري (البرلمان) بطرس مرجانة في تصريحات لمنصة "المشهد" إن "زيارة المقداد هي لاستكمال بعض المواضيع التي بحثها شكري في دمشق، ومن بينها تحضير اللقاء بين الشقيقين والرئيسين المصري والسوري لما في ذلك من أهمية إقليمية وعربية". وكان شكري قد زار دمشق في 27 فبراير الماضي، ونقل إلى الرئيس السوري بشار الأسد رسالة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي أكد فيها تضامن مصر مع سوريا واعتزازه بالعلاقات التاريخية بين البلدين، وحرص القاهرة على تعزيز هذه العلاقات وتطوير التعاون المشترك". وأكد مرجانة أن لقاء الأسد والسيسي "هام لعودة الروح للعلاقة الأخوية بين سوريا ومصر وشعبيهما والتي تعكس عودة الودّ والتفاهم والتعاون فيما بينهما، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والسلم في المحيطين العربي والإقليمي الذي لابد أن تستعيد سوريا فيه دورها الإيجابي". وأضاف مرجانة أن "المباحثات الجارية ستزيل التراكمات والرواسب بشكل شفاف وواضح". بدورها، تؤكد وكيلة لجنة الشؤون الخارجية والعربية والإفريقية بمجلس الشيوخ المصري سماء سليمان في تصريحات لمنصة "المشهد" أن "الاجتماع بين الرئيسين السوري والمصري سيكون تدشينا للعلاقات المصرية السورية وتمهيدا للعودة التدريجية والرسمية لسوريا للوطن العربي، لأن القاهرة تسعى منذ فترة لعودة الاتصالات المباشرة بين السيسي والأسد، وكان يتم التجهيز لاتصال مباشر بينهما منذ عامين تقريبا تحضيرا للقاء مباشر بينهما بعد انقطاع العلاقات عام 2012". وكان السيسي أجرى اتصالا هو الأول مع نظيره السوري، بعد أيام من وقوع الزلزال وعرض مساعدة مصر في جهود الإغاثة والإنقاذ. وأضافت سليمان: "السيسي حرص على عدم قطع العلاقات بين مصر وسوريا بشكل كامل واستمر التنسيق بين الطرفين بشكل غير معلن". وبخلاف دول عربية عدّة، أبقت مصر سفارتها مفتوحة في دمشق طيلة سنوات النزاع، لكنها خفّضت مستوى التمثيل الدبلوماسي وعدد أفراد بعثتها. توقيت الزيارة وعن توقيت الزيارة، يوضح مرجانة أن "زيارة المقداد في العرف البروتوكولي هي ردّ لزيارة وزير الخارجية المصري"، معربا عن شكره لدولة الإمارات عن دورها الريادي والأخوي في رسم الطريق والتمهيد لفتح باب الحوار بين سوريا وباقي الدول العربية". وكذلك أكّدت المسؤولة المصرية أن "اجتماع المقداد وشكري يأتي في توقيت تشهد فيه المنطقة متغيرات عدة وتقارب على مستوى الدول العربية، واستكمالا لجهود تفعيل العلاقات التي لم تتوقف بين البلدين في أصعب الأوقات، وبداية لعودة لسوريا للوطن العربي الكبير الذي تعدّ فيه مصر وسوريا دولتين محوريتين للأمن القومي العربي". محاور المباحثات وحول ما تضمنه اللقاء، يؤكد مرجانة أنه "يوجد الكثير من المواضيع لكن أهمّها إزالة التراكمات والرواسب التي خلّفتها الحرب التي فرضت على سوريا منذ 12 عاما، وسيكون ذلك بشكل أخوي وصريح وشفاف من أجل فتح صفحة جديدة تخلو من الشوائب وبنظرة مستقبلية لا تنظر إلى الماضي إلا بالقدر التي يدفعها نحو المستقبل الذي يبنى على علاقات حقيقية ومستدامة". ونفى المسؤول السوري وجود نقاط خلاف قائلا إن "لا بد من الاتفاق على بعض الأمور التي تعتبر بمثابة اختلاف من دون الوصول إلى الخلاف لأن المباحثات هي بين الأشقاء والأخوة"، معربا عن أمله في أن "يتم تذليل نقاط الاحتلاف بالحوار والتفاهم الذي يؤدي إلى نهاية ممتازة". بينما فصّلت سليمان الأجندة قائلة: "المقداد يحمل العديد من الملفات التي تهمّ سوريا في المقام الأول وعودة الأمن والاستقرار لها وعلاقتها مع دول جوارها والمنطقة العربية"، متوقعة أن "تكون المباحثات قد تطرقت لحضور سوريا في القمة العربية التي ستعقد في الرياض في 19 مايو المقبل، والتي ستضع على جدول أعمالها فك عزلة سوريا وعودتها للحضن العربي واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية". وتابعت: "ستتم مناقشة آخر التطورات في المنطقة والعالم"، مشددة على أن "عودة سوريا للوطن العربي هي الأولوية في اجندة اللقاء بعد هذا الزخم من مصر وبعض الدول العربية لتفعيل العلاقات وعودة التمثيل الدبلوماسي معها".انعكاسات التقارب المصري والسوري ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، قطعت دول عربية عدة خصوصا الخليجية علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها في دمشق، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا، وغابت دمشق عن المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة. وهنا يشدد مرجانة على أن "مكانة سوريا وحضورها وفعاليتها في محيطها العربي قوي ولا يمكن إنكاره وبالتالي لا يمكن الحديث عن عودة سوريا فقط، بل عن الحاجة الملحة لتكون بين أشقائها العرب لأن وجودها يكسب القرار العربي مناعة قوية". وترى سليمان أن "التقارب السوري المصري سيؤدي حتما إلى عودة سوريا لعلاقات طبيعية مع الدول العربية خصوصا مع تقاربها الأخير مع الإمارات والسعودية"، كاشفة عن أن "زيارة وزير الخارجية المصري إلى تركيا عقب الزلزال كان تمهيدا لحل أزمة التواجد العسكري التركي في الأراضي السورية، إذ أكدت القاهرة مرارا على ضرورة خروج أنقرة من سورية في المحافل الدولية". من جهته، يؤكد الخبير المصري في الشؤون الخارجية أيمن سلامة لمنصة "المشهد" أن "عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية من شأنه توطيد أركان وآليات الأمن القومي العربي". واعتبر سلامة أن "التطور الحاصل في هذه الزيارات التي يمكن أن تكون مساعدة لعودة العلاقات كاملة مع الجمهورية السورية واحتمالية التغلب على المعوقات التي تحول دون عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تأتي في التطور الدراماتيكي في الإقليمي وتعبير عن الملامح الرئيسية لخريطة الإقليم بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، فضلا عن تغيرات جيوسياسية نتيجة تبعات وآثار مختلفة الأصعدة للحرب الأوكرانية الروسية". وفي مارس الماضي، أعلنت السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، بمبادرة من الصين. ومن جانب اقتصادي، يقول رئيس لجنة الأخوة السورية المصرية في البرلمان السوري الدكتور نضال العلو إن "التقارب السوري المصري له انعكاسات إيجابية بين البلدين وتحديدا على الاقتصاد السوري"، مشيرا إلى أن "عودة سوريا سيؤدي إلى تطور في الجانب الاقتصادي". وأمل العلو أن يسفر التقارب الجاري عن "عودة المستثمرين السوريين من مصر إلى سوريا للمساهمة في مرحلة إعادة الإعمار". وتوافق سليمان على ذلك قائلة: "مما لا شك فيه أن سوريا بحاجة لإعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات، وهو ما سيكون لمصر والدول العربية دور كبير فيها لضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي لسوريا". (المشهد)