دخل نظاما إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، ومعدل لنظام الخدمة المدنية الجديدان، حيز التنفيذ بعد صدورهما في عدد الجريدة الرسمية الاردنية يوم الاثنين.وحمل النظامان المعدّلان أنباءً غير سارة للموظفين الأردنيّين الحاصلين على إذن بالعمل خارج أوقات الدوام الرسمي، وهو ما نصّت عليه المادة 33 فقرة (هــ) من النظام المعدل للموارد البشرية.ونصّت إحدى مواد النظام المعدل لنظام الخدمة المدنية، أنه "على الموظفين الحاصلين على إذن بالعمل خارج أوقات الدوام الرسمي قبل نفاذ أحكام هذا النظام المعدّل، إنهاء ذلك العمل قبل" 31 ديسمبر المقبل.في حين جاء في نظام إدارة الموارد البشرية في القطاع العام، أنه "يُحظر على الموظف وتحت طائلة المسؤولية التأديبية، الإقدام على أيٍّ من الأعمال التالية: العمل خارج أوقات الدوام الرسمي".حوافز في النظامواستند مشرّعو النظامين، إلى منح حوافز للموظفين المتميّزين تصل لـ150 % من حجم راتب الموظف الشهري، إذا نال تقدير "إنجاز المهام بتميّز" لعامين متتاليين سابقين لسنة الأداء الاستثنائي، أو 100% من راتبه إذا كان تقديره "إنجاز المهام بتميّز" لعام واحد سابق لسنة الأداء الاستثنائي، و50% من الراتب للموظف إذا كان تقديره "إنجاز المهام بالمستوى المطلوب" لعام واحد سابق لسنة الأداء الاستثنائي، ما يدفع الموظفين للتنافس لتقديم أفضل ما لديهم للفوز بمكافأة الحوافز.سخط شعبيوأثار كلا النظامين، جدلًا على مدار اليومين الماضيين، في حين اعتبر موظّفون أنّ البنود الواردة فيهما بمثابة "إعدام" اقتصاديّ للموظف الحكومي.وعبّروا عن سخطهم واستيائهم من اللجوء إلى "حصار" الموظف، بدلًا من مدّ يد العون له لمواجهة الأعباء الاقتصادية المتزايدة.وذهب آخرون للحديث عن أنه لولا ضيق الحال لدى الكثيرين من موظفي القطاع العام، لما لجأوا للعمل في وظائف ثانية تصل في بعضها إلى أن تكون "أدنى" من مؤهلاتهم.وفي هذا السياق، قال مدير ديوان الخدمة المدنية السابق الدكتور هيثم حجازي، إنّ إصدار النظام الموارد البشرية الجديد هو جزء من خطة التحديث الإداريّ التي طرحته الحكومة الأردنية إلى جانب خطة التحديث الاقتصاديّ والسياسي.ولفت إلى أنّ التحديث الإداريّ هو رافع للتحديث السياسيّ والاقتصادي، وأنه بدون وجود جهاز إداري كفؤ، لا يمكن تحقيق عملية التحديث الشمولية.وحول ما الأسباب الموجبة لإقرار النظامين، لفت حجازي إلى أنّ أحد مقتضيات التحديث الإداريّ كان التفكير الحكوميّ في إصدار نظام إدارة الموارد البشرية، أي الانتقال إلى مرحلة رأس المال البشري، واعتبار العاملين في القطاع الحكوميّ كمورد شأنه لا يقل عن شان بقية الموارد الأخرى.واعتبر أنه "لا يوجد قانون في العالم كامل 100%"، وبالتالي فإنّ نظام الموارد البشرية الجديد، هو امتداد لنظام الخدمة المدنية الصادر عام 2020 والذي كان نظامًا متميزًا جدًا.نقاش ومراجعةوقال حجازي إنّ النظام الجديد سيخضع إلى نقاش ومراجعة لتدارك بعض الأمور الطارئة. ويعتقد أنّ الفكرة الأساسية من إصدار النظامين هو أن يكون الموظف مرتاحًا في عمله، بحيث يحضر في اليوم التالي إلى العمل بكامل نشاطه، الأمر الذي يؤدي إلى إنتاجية أكبر.وأشار إلى أنّ السبب الثاني هو إتاحة المجال للمتعطلين عن العمل في الحصول على وظائف.إلا أنّ حجازي قال إنه يعتقد أنّ الحكومة ستعود بتعديلات على النظامين، وستقوم بإلغاء "منع" الموظفين في القطاع العام من العمل في وظيفة ثانية، في ظل مخاوف من ركود اقتصاديّ مستقبلي، وزيادة قيمة "الشيكات المرتجعة" وتضرر القطاع البنكيّ وغيرها.عبء مالي إضافيفيما أكد أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي، أنه في مثل هذه القرارات عادة، إذا لم تأخذ في عين الاعتبار البعد الاجتماعيّ والاقتصاديّ والنفسيّ للمجتمع والسوق في الأردن، فبالتأكيد سيكون لها أضرار كبيرة جدًا على الوضع الاقتصاديّ وثم على الوضع الاجتماعي.وقال خزاعي في تصريحات لمنصة "المشهد"، إنّ أكثر المتضررين من هذا القرار هم الذين حصلوا على قروض عبر الاعتماد بالدرجة الأولى على دخلهم الثاني.وأوضح أنّ غياب هذا الدخل سيؤدي إلى عبء ماليّ كبير جدًا على فئة كبيرة من المقترضين.وأشار إلى أنه كان من المفترض دراسة أبعاد أخرى منها ما هو مرتبط بالقروض والالتزامات البنكية والظروف الاقتصادية والمعيشية للأسر، والارتباطات الاجتماعية للموظفين في القطاع العام.واعتبر أنّ تطبيق هذا القرار له آثار عدة مستقبلية خصوصًا على الوضع الاقتصاديّ في المملكة، ما سيؤدي تاليا إلى انتشار الجرائم الاقتصادية وتطوّر الجرائم الواقعة ضدّ المال مثل الشيكات المرتجعة.ديون بالملياراتوبلغ عدد الشيكات المرتجعة في الأردن خلال عام 2023، نحو 220 ألف شيك بقيمة مليار و370 مليون دينار أردنيّ بزيادة 4% عن عام 2022.ويعني ذلك أنّ الوضع الاقتصادي صعب جدًا في الأردن، وهو ما يعني أنّ هناك خطرًا في التعثّر بالسداد لدى فئة كبيرة من الأردنيّين، وبالتالي وضع البنوك في مواجهة مع المجتمع.وقال خزاعي إنّ هنالك ما نسبته 40% من الأردنيّين هم من المستأجرين، فيما النسبة الباقية هم من المالكين الذين من بينهم فئة كبيرة تقع تحت بند القروض العقارية.وشدّد على أنّ القرار الحكوميّ الأخير، سيخلق اضطرابات عدة كان الأردنيون في غنى عنها لأعوام طويلة.وأشار إلى أنّ خسارة مصدر الرزق الثاني، سيؤدي إلى تعثّر مالي، يخلق بدوره عنفًا مجتمعيًا وأسريًا يتطوّر بالتالي إلى زيادة نسبة الطلاق والهجرة إلى الخارج.قرار غير "مدروس"وأكد خزاعي أنّ هذا القرار باختصار، هو غير "مدروس ولم يأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصاديّ للأردن، ولا مديونية الخزينة ولا الأفراد".وأشار إلى أنّ الأردنيّين يعيشون تحت ديون متراكمة لصالح البنوك تبلغ نحو 12 مليار دينار.وأشار إلى أنّ القرار لن يدفع ثمنه الموظف في القطاع العام فقط، وإنما جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية التي ستتأثر بشكل غير مباشر.ولفت إلى أنّ هناك "جهلًا" للمشرّع الذي وضع هذا النظام، خصوصًا وأنه تبين أنه لا يعرف المجتمع والسوق في الأردن، وغابت عنه الإحصائيات التي تؤكد أنّ 76% من الأردنيّين دخلهم أقل من 500 دينارًا شهريًا.(المشهد)