رغم فوز الأحزاب السياسية المكوّنة لـ"الإطار التنسيقي" في العراق، بغالبية المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات، التي أجريت في 18 ديسمبر الماضي، وحصولها على النسبة الأكبر من المقاعد في 10 محافظات شيعية، فإن قوى الإطار أعلنت رغبتها في تغيير المحافظين الفائزين.وأدت نتائج الانتخابات، إلى إعلان قوى الإطار التنسيقي عن خطة جديدة لتغيير المحافظين، رغم فوزهم في الانتخابات، وذلك عن طريق إعادة توزيع المناصب في الحكومات المحلية. ونشرت وسائل إعلام مقتطفات من وثيقة أعدها الإطار التنسيقي، جاء فيها أن الانتخابات الأخيرة كرّست ظاهرة الزعامات المحلية في 3 محافظات بعد إعلان فوز قوائم المحافظين في البصرة بـ12 مقعداً وواسط 7 مقاعد وكربلاء 7 مقاعد.وحسب الوثيقة، فهذه النتائج لها دلالات في توظيف سلطة هؤلاء المحافظين لصالح قوائمهم، ومستقبلاً في تحديد حجمهم في انتخابات مجلس النواب، وأن الإطار التنسيقي يمتلك الأريحية لتشكيل الحكومات في 7 محافظات، فيما تبقى البصرة وكربلاء وواسط محل نزاع مع منافسين آخرين. التغيير يدعم الحكومة وتعليقاً على خطة الإطار التنسيقي في تغيير المحافظين، قال المحلل السياسي وائل الركابي لمنصة "المشهد" إن نيّة الإطار التنسيقي، منذ أن تشكلت الحكومة، هي "استبدال الرئاسات الثلاثة، رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، ورئاسة البرلمان، بالتالي عندما جاءت الانتخابات المحلية هو أيضاً يريد استبدال كل المحافظين".ويرى الركابي أن: القضية ليست معنية بحكم أو سيطرة على المحافظات، بقدر اهتمام قوى الإطار التنسيقي بنجاح الحكومة، لأن الدستور العراقي يؤكد على نظام الحكومات المحلية اللامركزية، بالتالي عمل المحافظات يجب أن يكون مساعدا وداعما لإنجاح الحكومة.الأمر يمضي وفق العملية السياسية، ولا يوجد تجاوز أو خرق للقانون، فالإطار التنسيقي حصل على نصف زائد واحد في الانتخابات داخل مجلس كل محافظة، بالتالي يحق له تغير المحافظ.القضية ليست قضية تسلّط أو استفراد بالقرار أو إقصاء الآخرين إنما هي قضايا ضمن العملية السياسية، ويريد الإطار التنسيقي أن ينجح هذه الحكومة من خلال دعم الحكومات المحلية باختيار محافظين يستطيعون أن ينفذوا البرنامج الحكومي الاتحادي بشكل صحيح، خصوصا نحن مقبلون على انتخابات برلمانية في نهاية عام 2025.الإطار التنسيقي يتوسط الساحة ورداً على سؤال، حول قدرة الإطار التنسيقي على تغيير المحافظين، قالت بسمة الأوقاتي، أستاذة العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد إن "الإطار التنسيقي بمكوناته المعروفة، وفي مقدمتها، دولة القانون، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، قوى سياسية محورية في الساحة السياسية العراقية، تحظى بعلاقات ورعاية إقليمية قوية، بخلاف القوى السياسية الأخرى المنافسة، التي لا شك تحصل هي الأخرى على الرعاية والدعم، لكن بما لا يوزاي ما يحصل عليه الإطار".وترى الأوقاتي أن للإطار التنسيقي "قدرة على المرونة والمناورة السياسية في المواقف الحرجة، كل هذا يؤهله للتفوق على الآخرين، حتى في المحافظات التي حقق فيها نجاحا متواضعا، سيجيد الإطار، الفن السياسي الخاص باستقطاب وجمع الحلفاء السياسيين من حوله".المحاصصة والتقاسم من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي مناف الموسوي، إن الإطار التنسيقي فوجئ بعد كل التحضيرات التي قام بها، أن هناك الكثير من المحافظات التي استطاع فيها المحافظون منافسته بشكل كبير.ويوضح الموسوي أن 3 محافظات رئيسية في الوسط والجنوب، وهي البصرة، واسط وكربلاء، وصلت نتائج المحافظين فيها إلى نصف عدد المقاعد، مما جعل الإطار التنسيقي أمام موقف محرج، وهو الوقوف ضد نتائج الانتخابات ورغبة الناخبين. ويكمل الموسوي:يحاول الإطار التنسيقي الضغط على الكتل الفائزة، في سبيل تغيير المحافظين الفائزين بشخصيات أخرى. هذا يدل أن سياسة الإطار لا تصب في دعم العملية الديمقراطية، بقدر اهتمامه بالحصول على منافع سياسية، منها الموازنات المخصصة لهذه المحافظات من خلال المحاصصة والتقاسم بين الكتل الفائزة.سياسة الإطار بالدعوة لتغيير المحافظين الفائزين، ترسخ مفهوم استخدام السلطة والتحايل على النتائج الانتخابية، والذهاب إلى تسويات تعود عليه بالفائدة من العمل المحاصصة، وتنفيذ السياسات الحزبية التي لا تلبي رغبة الناخبين.الشارع العراقي قال كلمته ويرى المحلل السياسي عائد الهلالي في حديث لمنصة "المشهد" أن الانتخابات الأخيرة، "أفرزت واقعا جديدا في العملية السياسية في العراق، حيث ظهر جيل جديد من الشخصيات السياسية، التي دفع بها الشارع العراقي، وخصوصا في وسط وجنوب العراق، لتتصدر المشهد السياسي".ويشرح الهلالي رؤية الشارع العراقي قائلاً إن: "الناخب العراقي تخلى بشكل أو بآخر عن الأحزاب الكلاسيكية، التي بقيت تتحكم بالمشهد السياسي منذ عام 2003، وأظهرت نتائج الانتخابات نضجا لدى الشارع العراقي، ورغبته أن يكون شريكا أساسيا في رسم سياسات الدولة، لكن هذا لم يعجب الإطار التنسيقي الذي يسعى لتغيير المحافظين والسيطرة على المحافظات، بحجة أنه يدعم حكومة محمد شياع السوداني".ويعتقد الهلالي أن: رغبة قوى الإطار التنسيقي، بتغيير المحافظين بعد فوزهم بالانتخابات، تُخفي خططا أخرى للسيطرة على المحافظات من خلال تعيين شخصيات داعمة لهم، وجاهزة للوقوف إلى جانبهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة في عام 2025.أتمنى أن نحتوي هؤلاء المحافظين، وندفع بهم على اعتبار أنهم نتاج جديد لقادة العملية السياسية، وممكن أن نطور عملهم في السنوات المقبلة، أو نقوم بعملية تدوير هؤلاء المحافظين إلى باقي المحافظات، والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم التي تركت بصمة واضحة في محافظاتهم.وتشكّل الإطار التنسيقي في 11 أكتوبر 2021، بهدف تنسيق مواقف القوى الشيعية الرافضة للنتائج الأولية للانتخابات البرلمانية المبكرة، والتي طالبت بإعادة فرزها يدوياً، بسبب التراجع الكبير لعدد مقاعدها قياساً إلى الانتخابات السابقة.وضمّ الإطار التنسيقي، مجموعة من القوى الحليفة لإيران وفصائل الحشد الشعبي، وهي: ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري، وحركة عطاء، وحركة حقوق، وحزب الفضيلة، بالإضافة إلى تحالف قوى الدولة بزعامة عمار الحكيم وحيدر العبادي.(المشهد)