مرّ اليوم كغيره من أيام غزة الحزينة، فالقصف الإسرائيليّ لم ينقطع منذ أكثر من 9 أشهر، ولا أمل في هدنة قريبة تمنح أهلها فرصة للعق جراحهم التي نزفت وما زالت. إلا أنّ منزل عائلة بهار الكائن في حيّ الشجاعية، كان على موعد مع مأساة جديدة، عنوانها "قصة سيبني يا حبيبي خلص"."سيبني يا حبيبي خلص"، جملة قصيرة غامضة تحمل في طياتها الكثير من المعاني الإنسانية. كعادتها كانت عائلة بهار البسيطة تقطن في منزلها بحيّ الشجاعية، بينما تنهمك الأم في تدبير حاجيات أبنائها، وعيونها تراقب ابنها الأقرب إلى قلبها كل بضع دقائق ربما يحتاج إلى شيء ما، فتهرول مسرعة لتلبية طلباته البسيطة التي لا تزيد عن طلب الماء والطعام. "سمعنا خطوات خلف باب بيتنا وحينما نظرنا وجدنا الجنود الإسرائيليّين يطوّقون البيت"، تقول الأم بينما تحاول أن تغالب دموعها، ولم يمر وقت طويل حتى اقتحمت الكلاب منزلهم، وهاجمت ابنها محمد صلاح بهار صاحب متلازمة داون.قصة سيبني يا حبيبي خلصحين رأى محمد الكلاب تقترب منه، شعر بالخوف حاول منعها بكلمات قليلة "ولد.. أرجع"، ولكنّ الكلاب لم تستجب لتوسّلاته، وانقضت عليه بينما استسلم الشاب إلى المشهد الذي لم يعتد عليه، بينما يردد موجهًا حديثه للكلاب: "سيبني يا حبيبي خلاص". تقول الأم في حديث لوسائل إعلام فلسطينية، إنها حاولت منع الكلاب من مهاجمة ابنها ولكنها لم تستطع، بينما تضيف شقيقته الصغيرة أنّ جنود الجيش الإسرائيلي أجبروهم على رفع الرايات البيضاء وترك المنزل وترك شقيقها بداخله، ولم تفلح توسلاتهم في إنقاذ الشاب المريض.ساعات قضاها محمد بداخل المنزل بمفرده، بينما يحاصره الجنود المدججون بالأسلحة، ينزف جرحه وتستعد روحه لمفارقة هذه الأرض،وبالفعل بعد ساعات "غاب " إلى الأبد. تشير أسرة الشاب ضحية الكلاب، إلى أنّ الجنود تركوا ابنهم ينزف حتى مات، بينما تبكي والدته وتقول: "ابني لا يعرف من الحديث سوى كلمتين "ميا" و"أكل"، فكيف يكون له علاقة بالمقاتلين. بمجرد انتشار قصة الشاب محمد، ضجت وسائل التواصل الاجتماعيّ غضبًا على الانتهاكات التي يتعرض لها ذوو الهمم في غزة. ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، قُتل أكثر من 38 ألف شخص، فيما جرى تهجير أكثر من مليوني شخص بشكل قصري، بعد أن دمرت الآليات الإسرائيلية منازلهم والبنية التحتية للمدينة المُحاصرة. (المشهد)