حرفَ الهجوم الذي شنته حركة "حماس" ضدّ إسرائيل في 7 أكتوبر، الأنظار عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع الاهتمام العالميّ بالحرب إلى مستوى غير مسبوق منذ اندلاعها، ما أثار الشكوك حول دورٍ روسيّ في التصعيد الأخير الذي شغل العالم بأكمله. في كل حروب العالم، غالبًا ما يكون الصراع الحقيقيّ بين الدول الكبرى، خصوصًا بين الشرق والغرب. يبدو أنّ الصراع الأميركي - الروسي يمتدّ إلى ساحة جديدة، وهي غزّة، عبر دعم كل جهة لطرف في النّزاع، مع الأخذ بالاعتبار اختلاف ديناميات الحرب القائمة اليوم.عزّز هذا الطرح اتّهام روسيا بالتنسيق مع حركة "حماس" ودعم "حزب الله" بأنظمة متطورة، في وقت تدعم أميركا إسرائيل بشكل علني، ويولي الرئيس الأميركيّ جو بايدن اهتمامًا غير مسبوق بالمعركة الدائرة، إذ قام بزيارة إسرائيل، في ظل أوضاع متوترة جدًا، كذلك نشرت واشنطن حاملات طائرات في شرق البحر الأبيض المتوسط. روسيا تدعم "حزب الله"؟ نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيّين قولهم، إنّ الولايات المتحدة لديها معلومات استخباراتية تفيد بأنّ مجموعة فاغنر الروسية قد توفر نظام دفاع جويًا لـ"حزب الله" اللبناني. وأضافت الصحيفة أنّ النظام المعنيّ هو "إس إيه- 22" (SA-22)، وهو نظام يستخدم صواريخ مضادة للطائرات، إلى جانب مدافع الدفاع الجوّي لاعتراض الطائرات. وكشفت وول ستريت جورنال أنّ مسؤولًا أميركيًا قال إنّ واشنطن لم تؤكد إرسال النظام، لكنها تراقب المناقشات التي تجمع بين فاغنر و"حزب الله"، مبرّزة أنّ التسليم المفترض لهذا النظام يشكل "مصدر قلق كبير". في المقابل، نفى الكرملين هذا التقرير، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إنّ فاغنر "بحكم الأمر الواقع" غير موجودة، وبالتالي فمثل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة. وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الحرب السورية قرّبت بين روسيا و"حزب الله" بشكل كبير، حيث ظهر الجانبان كتحالف مع سوريا، مع اختلاف أهداف كل طرف على حداه. في السياق، يقول المتخصص بالشأن الروسي فايز حوالة في حديثه إلى منصة "المشهد"، أنّ "الأنباء التي تتحدث عن مدّ روسيا "حزب الله" بالمضادات الجوية ليس صحيحًا، ونفاه المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف. استقبال روسيا لأعضاء "حماس" ليس جديدا، وهي سعت لتوحيد الصفّ الفلسطيني، خصوصًا في ظل الخلاف القائم بين حركة "فتح" و "حماس"، والسفارة الإسرائيلية اعترضت على استقبال وفد "حماس"، وادّعت أنّ موسكو لم تطلعهم على النتائج، وهذا يُعتبر من الحماقات السياسية، لأنّ روسيا ليست مضطرة أن تُطلع سفارة أيّ بلد على نتائج المحادثات".ويضيف حوالة "يجب ألّا ننسى أنّ من بين الأسرى عدد من المواطنين الروس، وبالتالي تسعى روسيا الاتحادية بكل قواها لإطلاق سراح ليس فقط الروس، بل كل الأسرى، وهذا الأمر تشاورت فيه روسيا مع قطر ومصر". بدوره، يشير الدبلوماسيّ الأوكرانيّ السابق فولوديمير شوماكوف، إلى أنّ "عددا كبيرا من عناصر مجموعة فاغنر خرجوا من المجموعة إلى مجموعات أخرى أو دخلوا في الجيش الروسي".ويرى شوماكوف أنه "منذ عام تحدثت أنّ عصر حروب يلوح في الأفق، بسبب أزمات مختلفة منها الغذائية ومنها الحربية. من صالح روسيا زرع فوضى في الشرق الأوسط، وربما قد يكون بوتين راغبًا في اندلاع حرب عالمية ثالثة، من المعروف أنّ روسيا ومجموعة فاغنر تزوّدان "حزب الله" بالسلاح، لكن في الوقت ذاته لدى "حزب الله" عدد كبير من الجنود". وبرأي شوماكوف"يمكن لروسيا أن تزوّد فاغنر بتكتيكات وتقنيات جديدة، ونحن نشاهد أنّ حرب أوكرانيا هي جديدة مقارنة مع حروب أخرى، فهي حرب مسيّرات، كذلك أيضًا شاهدنا "حماس" استخدمت المسيّرات ضدّ إسرائيل، ومن المتوقع أنّ روسيا وإيران تزوّدان "حزب الله" بالمسيّرات".هناك جهات تقع خلف هجمات "حماس" وفقًا لشوماكوف، قائلًا "ليس روسيا فقط، بل حتى إيران وغيرها. وسنرى حالة عدم استقرار ليس فقط في غزّة، بل في مناطق أخرى".العلاقات الروسية – الإسرائيلية بالتزامن مع التوتر في العلاقات الروسية – الإسرائيلية منذ الحرب في أكرانيا، انتقدت تل أبيب الحرب مرارًا وعبّرت عن دعمها المعنوي لكييف. في المقابل، استقبلت روسيا أعضاء من حركة "حماس" 4 مرات، كان آخرها قبل أيام، في ظل استنكارات إسرائيلية لهذه الزيارة. وعلى الرغم من وجود تفاهمات روسية - إسرائيلية في سوريا غير علنية في ما يتعلق بالاستهدافات الإسرائيلية على الأراضي السورية، إلّا أنّ التوتر قد يصل إلى هذه المنطقة أيضًا.عبّر عن ذلك تقرير نشرته صحيفة بلومبيرغ قال إنه "منذ أن بدأت الحرب مع "حماس" أوائل الشهر الماضي، كثّفت إسرائيل ضرباتها ضدّ الفصائل المدعومة من إيران في سوريا، والتي تحركت بالقرب من الحدود الإسرائيلية، ويأتي هذا التطور مع تحوّل رئيسيّ في السياسة الإسرائيلية، فهي لم تعد تحذّر دائمًا روسيا، حليفة سوريا، قبل الهجمات على الأراضي السورية". وأضاف التقرير "هذا التغيير من شأنه أن يفاقم توتر العلاقات بين إسرائيل وروسيا، في ظل خطر من ظهور سوريا كجبهة جديدة في الحرب بين إسرائيل و"حماس"، وهو الوضع الذي تحاول الولايات المتّحدة وحلفاؤها الإقليميون تجنّبه في سعيهم لاحتواء الصراع". على النقيض من ذلك يقول حوالة، "ليس هناك أيّ تنسيق روسي - إسرائيلي في سوريا، وهذه تقارير مغرضة، وإسرائيل تريد من ذلك شرعنه ضرباتها على سوريا من قبل روسيا، وهو أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة، لأنّ روسيا ليست في صدد إعطاء أو عدم إعطاء الموافقة للضربات الإسرائيلية على سوريا، وكل هذه الادعاءات تدخل في إطار تشويه سمعة روسيا".ويبين شوماكوف "هناك جهات تقع خلف هجمات "حماس"، وليس روسيا فقط، بل حتى إيران وغيرها. ونحن سنرى حالة عدم استقرار ليس فقط في غزة، بل في مناطق مختلفة من العالم". ما هو نظام SA-22 Greyhound الروسي؟ وفقًا للمعلومات المتوافرة فإنّ هذا النظام يتمتع بتقنيات عالية جدًا، وبالقدرة على التأثير بشكل كبير على ديناميكيات الحروب الحديثة التي أصبحت تأخذ شكلًا مختلفًا، وأيضًا يشكل وجود هذه المنظومة فرص ربح كبيرة بالحرب. لهذا السبب فإنّ تسليم مثل هذه المنظمة لـ"حزب الله" يخيف الطرف الآخر، لأنه سينشرها على حدوده مع إسرائيل التي تشهد توترات منذ 7 أكتوبر. أبرز ميزات SA-22 Greyhound: نظام دفاع جوي أرض-جو قصير ومتوسط المدى. تتألف SA-22 Greyhound من قاذفة صواريخ وشاحنة رادار ومركز قيادة. تمّ تصميمها لتوفير دفاع جوي ضدّ كل من الطائرات المأهولة وغير المأهولة، بالإضافة إلى أنواع معيّنة من الصواريخ. روسيّ الصنع صُمّم من قبل مكتب صناعة الأجهزة.يستخدم صواريخ مضادة للطائرات، إلى جانب مدافع الدفاع الجوي لاعتراض الطائرات. الجدير بالذكر أنّ وزارة الخزانة الأميركية كشفت عددًا من صفقات التعاون بين "حزب الله" وروسيا، للتغلب على العقوبات الأميركية المفروضة على الطرفَين، وكذلك نشرت تقارير مفصلة تتحدث عن مخطّطات تمويل غير المشروع لإيران و"حزب الله".(المشهد)