سقوط بشار الأسد فتح صفحة جديدة في العلاقات بين دمشق ومحيطها الإقليمي والعربي، فالنظام السابق أدخل البلاد في خلافات عدة مع جميع الدول الواقعة في المحيط السوري.أكثر العلاقات اضطرابًا في عهد الأسد -الأب والابن- كانت مع لبنان، هذا النظام الذي دأب خلال سنوات حكمه الخمسين على كل ما من شأنه أن يُثير الانقسامات ما بين طوائف المجتمع اللبناني، بحسب محللين.الحكومة السورية الجديدة وضعت هذا الأمر على رأس أولوياتها في محاولة لمحو فترة حكم الأسد وما حملته من تعقيدات للعلاقات بين البلدين. هذه المحاولات بدأت باستقبال الإدارة الجديدة لزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، في أول زيارة رسمية لمسؤول لبناني لدمشق.إلا أن تطورات سلبية عرقلت جهود رأب الصدع بين بيروت ودمشق، وذلك بعدما أعلنت الإدارة السورية الجديدة منع دخول اللبنانيين إلا لمن تربطهم بمواطنين سوريين روابط زواج أو دخول عبر حجوزات فندقية وذلك ردًا على تعقيدات وضعتها الحكومة اللبنانية على دخول السوريين إلى أراضيها فور سقوط نظام الأسد.كل هذه التطورات، دفعت الدبلوماسية اللبنانية إلى تكثيف اتصالاتها مع الجانب السوري لسرعة حل المعضلة.حدة الخلاف تفاقمت بعد تصريحات للمعارض السوري هيثم المالح، التي قال فيها إن لبنان جزء من الأراضي السورية ولابد له أن يعود إليها وهو ما أثار حملة استنكار واسعة في الأوساط اللبنانية.مخاوف مشتركةوتعقيبًا على تصريحات المالح، ردت الكاتبة السياسية اللبنانية، عاليا منصور، برفضها هذا الطرح وقالت إن لبنان دولة ذات سيادة، وكل تصريحات المسؤولين اللبنانيين وحتى الإدارة السورية الجديدة تصب في هذا الاتجاه.وأكدت في مقابلة مع قناة "المشهد" على ضرورة توطيد العلاقات بين سوريا ولبنان على أساس الاحترام المتبادل وسيادة كلا البلدين، مشيرة إلى تصريحات رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع التي أشار فيها إلى أن سوريا الجديدة تسعى لتلافي أخطاء النظام السوري السابق.وأشارت منصور إلى أنه لا توجد حالة غموض في العلاقات بين البلدين، ووجهت انتقادات لبعض الأوساط السياسية في لبنان وقالت "في لبنان البعض لم يعترف بعد بسقوط بشار الأسد" في إشارة إلى "حزب الله" والقوى المُتحالفة معه.وقالت إن بشار الأسد كان ينتمي إلى المحور الإيراني الذي يضم أيضًا "حزب الله" في لبنان، مشيرة إلى أن التصعيد الأخير أو الإجراءات تم نسخها من الجانب السوري وهي إجراءات سارية منذ سنوات.وأوضحت أن الجانب السوري لديه الكثير من المخاوف فيما يخص عبور بعض اللبنانيين للأراضي السورية، خصوصًا أن "حزب الله" ساهم خلال الصراع في سوريا في قتل الكثير من السوريين.وأكدت ضرورة أن تتم زيارة رئيس الوزراء اللبناني إلى سوريا في أقرب فرصة لكي تستمر العلاقات بين البلدين ويتم غلق الكثير من الملفات العالقة، خصوصا ملفات المسجونين السياسيين السوريين في لبنان.وقالت منصور إن الحكومة اللبنانية ساهمت في التضييق على الحريات الخاصة بالمعارضين السوريين خلال حكم بشار الأسد عبر الزج بهم في السجون اللبنانية، لافتة إلى أنّ هناك الكثير من الأشخاص المحسوبين على تيار "حزب الله" لا زالوا في مناصب تنفيذية في الحكومة اللبنانية وهو ما يكشف الكثير من المماراسات التي تتم خلال الأيام الماضية.(المشهد)