اختارت مجموعة من السياسيين رئيس حزب المعارضة الرئيسي كمال كيليجدار أوغلو ليكون المنافس الرسمي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الانتخابات التي ستجري في 14 مايو المقبل، في حين أن ترشيحه لاقى رفضا من أحزاب أخرى. ويبدو أن الحملة التي تنتهجها المعارضة في تركيا "هشة" لكنها تسعى لإسقاط إردوغان الذي يحكم تركيا منذ نحو 20 عاما. وانتهى اجتماع عقدته مجموعة من أحزاب المعارضة في الأيام الماضية، إلى الإجماع على ترشيح رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو (74 عاما) كمرشح رئاسي لها بعد عداء كاد أن يُسقط التحالف. امتحان دقيق وفي هذا السياق، قالت الباحثة المختصة بالشأن التركي الاجتماعي والسياسي هدى رزق إن إردوغان وحكومته يقفون أمام امتحان داخلي صعب يضاعف هذا الوضع الأزمة الاقتصادية التي تنعكس على معيشة الأتراك في ظل معركة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأوضحت رزق في تصريح لمنصة "المشهد" أن المعركة "قاسية الآن، فالسباق الانتخابي محموم لأنه يوجد استقطاب كبير في تركيا ما بين المعارضة وما بين حكومة العدالة والتنمية". وأضافت الباحثة:لم يكن ينقص إردوغان بعد الأزمة الاقتصادية سوى هذا الزلزال الكبير.يمكن أن يُقال إنه جاء بالوقت غير المناسب لحكومة العدالة والتنمية.كان من المتوقع حدوث الزلزال في إسطنبول حيث كان هناك تدريبات على التعامل معه.الأمور جاءت معاكسة وحدث الزلزال في كهرمان مرعش. المعارضة التركية استغلت الزلزال منذ لحظة وقوعه ولم تنتظر مرور الوقت وهذا مثير للعجب.ألقت باللائمة على حكومة حزب العدالة والتنمية وكأن الزلزال مقصود وليس ظاهرة طبيعية. فيما اعتبر الباحث اليمني المقيم في تركيا نبيل البكيري أن الانتخابات التركية المقبلة ستكون مفصلية فيما يتعلق بتاريخ تركيا المعاصر وهي انتخابات شديدة الحساسية في القضايا المركزية التي تمثل تركيا. ولفت البكيري في حديثه لمنصة "المشهد" إلى أن انتخابات مايو 2023 سترسم تاريخا جديدا سواء بعهد إردوغان أو بدونه وستأخذ مسارا مختلفا تماما إذا استمر الرئيس التركي في الحكومة في ظل استقطاب كبير بالشارع التركي. وأضاف: "لا أعتقد أن كيليجدار أوغلو له القدرة على منافسة إردوغان حتى لو جمع كل المعارضة السياسية خلفه".وتابع: "هو رجل ضعيف الشخصية وتاريخه السياسي غير مؤهل لمواجهة مرشح بنجاحات كبيرة كما رجب طيب إردوغان في الصعيد السياسي والاقتصادي وهيكلة الدولة التركية".تحديات وتحولات رزق تقول إن إردوغان بدأ باستدعاء الدول لمساعدته خصوصا بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوب البلاد في 6 فبراير الماضي وأوقع نحو 50 ألفا بين قتيل وجريح في تركيا. وأضافت: "نحن نعلم أن لتركيا حسب سياسة العدالة والتنمية خصوما كُثر لأن مشروع إردوغان كان مشروعا كبيرا وينتظر انتخابات 2023 لكي ينتهي العمل باتفاقية لوزان"، مشيرة إلى أن "كل الموانع التي التزمت بها تركيا ستنتهي لتبدأ بالتوسع سعيا لأن تكون دولة إقليمية مستقلة القرار".وتابعت: "لاحظنا أنه منذ 10 أعوام هناك تحول في السياسة التركية"، لافتة إلى أن ذلك "سينعكس على مسألة الإعمار وتلبية طلبات إردوغان في هذا الوقت بالذات خصوصا وأن معظم الدول في الإقليم تنتظر الانتخابات". وشددت رزق على ذلك قائلة: "لا أعتقد أنه سيكون هناك مساعدات مهمة لتركيا ولحزب العدالة والتنمية قبل أن تضع الانتخابات أوزارها ونشهد نتائجها". وقالت إن هناك تكهنات في الآونة الأخيرة بين إردوغان التي أضاف إليه الزلزال صعوبات جديدة وبين المعارضة التي اجتمعت في الطاولة السداسية التي تتألف من الحزب الأكبر وهو حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثله صلاح ديمرتاش المتواجد في السجن. وأكدت "نعلم تماما أن رجب طيب إردوغان لديه مشكلات كبيرة مع حزب الشعب الديمقراطي". وأوضحت رزق أن "حظر هذا الحزب صعب حاليا، لذلك سوف يدعم الحزب الشعب الديمقراطي الذي هو حزب الأكراد واليساريين والمهمشين وسيدعم كمال كيليجدار أوغلو". وأضافت "رأينا مرال أكشنار وهي رئيسة حزب الجيد تعترض على ترشيح كيليجدار أوغلو لانها تعتبر أنها الأولى بالمنصب كونها تتمتع بخبرة وكانت وزيرة داخلية وتعرف الدولة العميقة بشكل كبير"، إلا أنها رضخت للأمر في النهاية من أجل وحدة المعارضة.إلا أن البكيري يرى أن: الرئيس التركي يدير المشهد في تركيا منذ 2002 حتى الآن بنجاحات هائلة.خاض أكثر من 20 انتخابات بنجاحات متتالية.رصيده الاقتصادي لا بأس به رغم الأزمة الاقتصادية الحالية وهي ضمن الأزمة العالمية. إردوغان خلق مدرسة سياسية مختلفة تماما في تركيا بخلفيته الإسلامية ومزجها بين الدولة العلمانية والمحافظة.ساهم هذا في تعزيز مكانة الرجل على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.واعتبر البكيري أن "التحديات التي ستواجه إردوغان عدة أهمها الملف الاقتصادي وهو تحدي كبير جدا يحمل في طياته عقبات كبيرة في إصلاح العلاقة مع دول الخليج لحد كبير". ما هي حظوظ المعارضة؟ الباحثة في الشأن التركي، أوضحت أنه في الطاولة السداسية يوجد حزبان اثنان قويان، هما حزب الشعب الجمهوري والحزب "الجيد" أما الأحزاب الأخرى مثل حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو فهو حزب ضعيف ولا يمثل أكثر من 2%. وأشارت رزق إلى أن حزب الشعب الديمقراطي هو الأبرز على ساحة المعارضة مع الحزب "الجيد" وبالتالي سيكونان نقطة انطلاق قوة المعارضة. وأكدت أن المعارضة ليست ضعيفة إلا أنها ليست قوية أيضا، وقوتها تعتمد على الأكراد ولا يمكن الحسم إن كان انقسامها سوف يضعفها لإنها تجتمع على أمر واحد وهو إسقاط إردوغان. وقالت "إذا ما نظرنا إلى مشاريع المعارضة، فهي تتلخص بإسقاط إردوغان واستعادة النظام البرلماني". وأضافت رزق أنه "ربما هناك بعض الإجراءات الاقتصادية التي تريد المعارضة اتخاذها فيما يخص ملف الهجرة على سبيل المثال". وتابعت: "أعتقد أن تركيا في وضع تنتظر فيه مهاما صعبة وتغيّرا في علاقاتها الإقليمية والدولية بعد الزلزال المدمّر الذي مازالت ارتداداته قائمة". ولفتت رزق إلى أن المعركة الانتخابية "حامية" والمبادئ المطروحة مع المشاريع يمكن أن تقلب الوضع في تركيا، وحتى لو فاز إردوغان بالانتخابات فإنه سيكون هناك متغيرات عدّة في البلاد. وفيما يخص من سيفوز في الانتخابات، أكدت أن المعارضة تتصدّر الترشيحات لغاية اللحظة، وتحاول أن تظهر أنها منافس قوي وشرس خصوصا وأنها مدعومة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. المعارضة التركية وفق الباحث اليمني تعمل حاليا على ملف اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا وهذا يضعف من صورتها أمام الناخب التركي خصوصا مع موجة التعاطف الكبيرة مع اللاجئين. ويقول البكيري إن إردوغان يعمل على ملفات أخرى، أهمها الملف الاقتصادي الذي أكد أنه "سيسهم في ترسيخ العملة وإنعاش الاقتصاد التركي من خلال مليارات الدولارات التي ستُضخ للخزينة التركية كقروض وودائع إضافة إلى الاتفاقيات الاستراتيجية مع الإمارات في مشاريع البنية التحتية والمشاريع الاستراتيجية الكبيرة". وأضاف أن كل هذا سيعزز قيمة إردوغان في الانتخابات المقبلة، معتبرا أنه بالنسبة للمعارضة فإن نسبة فوزها ضعيفة وبالتالي لا ملف لديها لتعمل عليه. (المشهد)