تصريحات وخطط إسرائيلية أضحت حديث الساعة، لما بات يعرف باليوم التالي للحرب، حيث توالت المبادرات الإقليمية والدولية من أجل وقف إطلاق النار، لكن خطة إسرائيلية بلورها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وكشفت تفاصيلها صحيفة "جيروزاليم بوست" دعت إلى تشكيل حكومة عسكرية إسرائيلية مؤقتة في غزة، وتتطلع الخطة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقبلية محدودة، وسلام مع دول المنطقة وأبرزها المملكة العربية السعودية.فهل سينجح نتانياهو في إقامة الحكومة العسكرية في غزة، أم أنها خطوة استباقية اعتراضية للخطط الأميركية والإقليمية التي تتحدث عن وحدة الضفة وغزة؟خطة فعلية أم اعتراضيةحول شكل ومضمون الحكومة العسكرية الإسرائيلية الشاملة في غزة، يقول المحلل في الشؤون الإسرائيلية فراس ياغي لمنصة "المشهد": "أقطاب اليمين الصهيوني في الحكومة، تهدف لاحتلال غزة والسيطرة عليها، باعتبار أنه لا يمكن القضاء على "حماس" من دون أن يكون هناك وجود عسكري إسرائيلي داخل القطاع، هناك جدية حقيقية نحو هذا الاتجاه، والحكم العسكري بمثابة تحويل قطاع غزة إلى الضفة الغربية، أي منع غزة من الاتصال بالعالم الخارجي، إلا عبر جسر إسرائيلي، واحتلال معبر رفح، وتحويل معبر كرم أبو سالم لمعبر للأفراد، كذلك إنشاء الممر البحري الإنساني مع قبرص، لتحقيق التهجير الطوعي للغزيين".وأضاف "وستشمل أيضاً إقامة إدارة مدنية في غزة، بالتعاون مع بعص السكان المحليين، إذا استطاعوا أن يجدوا أحدا يتعاون معهم، من خلال المنظمات الدولية والإقليمية، لتقديم المساعدات للغزيين، تحت عنوان أن الوضع الإنساني مهم لإسرائيل".وعن أحوال المدنيين والنازحين وكيف ستكون في حال تم إقامة حكومة عسكرية إسرائيلية في غزة يقول ياغي: "في ظل وجود الحكم العسكري الإسرائيلي ستستمر المقاومة، أعتقد بأن جدية إقامة هذا الحكم بغزة هو محور فكر وعقلية نتانياهو وسموتريتش وبن غفير، أكثر من أن تكون خطة حقيقية يتم تطبيقها في غزة، حيث ستواجه رفضا واعتراضا محليا وإقليميا ودوليا، ناهيك عن اللاءات الأميركية، ولن تفضي إلى حل مطلق، فالمجتمع الدولي يسعى لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وليس حكماً عسكرياً إسرائيلياً في غزة".مناورة أم مقامرةومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي د.نبيل عمرو، يوضح لمنصة "المشهد" حول خطة نتانياهو التي نشرتها صحيفة "جيروزاليم بوست": "نتانياهو يهدد ويتوعد، لكن لا يستطيع أن يفعل كل هذا، لن يجد من يتعاون معه، إذا بقي جندي واحد في غزة، سوف تعتبر فلسطينياً وعربياً ودولياً محتلة، وبالتالي نتانياهو يناور ويتكلم بما يخدم أجندته الخاصة، وهي إطالة أمد وجود رئيس وزراء في إسرائيل، لأن وقف الحرب يعني ربما الذهاب إلى انتخابات، ليس له حظ فيها". مضيفاً بأن "فكرة الحكم العسكري، أن يبقى الجيش الإسرائيلي في غزة ويدير شؤون غزة، في حال بقيت القوات الإسرائيلية، لن يتعامل معهم أحد، لا من أهل غزة ولا من العرب ولا من العالم، وجود إسرائيلي كاحتلال في غزة مرفوض فلسطينياً وعربياً وأميركياً، نتانياهو يريد تحقيق مكاسب وفتح علاقات تطبيع مع الدول العربية تحت الغطاء الإنساني لأهالي غزة، ولا أتوقع بأن الأمر سوف يكون سهلاً كما يتوقع". دولة فلسطينية محددة بدوره، صرح القيادي الفلسطيني د.واصل أبو يوسف لمنصة "المشهد" بأن "نتانياهو يدرك تماماً بأنه هو من منع ويمنع إقامة دولة فلسطينية، وهو ضد إقامة دولة فلسطينية، وهذا ما يتناقض مع خطته المزعومة، الحديث عن حكم عسكري وإقامة دولة فلسطينية محدودة وسلطة متجددة وغير ذلك، تأتي في سياق محاولة خلط الأوراق، وعدم الوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية، كونها حقا شرعيا ومسنودة بقرارات الإجماع الوطني ومنظمة التحرير الفلسطينية، وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي".ويضيف "وبالتالي هذا تخبط إسرائيلي واضح بكل ما يسمى اليوم التالي للحرب، تارة عن اقتطاع أجزاء من غزة، وإنشاء شريط أمني، وإدارة عشائر، وكل ذلك يأتي في إطار الخزعبلات الإسرائيلية التي لن تتحقق، نحن نقول لن يكون هناك أمن ولا استقرار ولا سلام من دون الوصول إلى حق شعبنا الفلسطيني بإقامة دولته الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين، ولا أعتقد بأن الدول العربية سوف تقبل بهذه الخطة التي تأتي لمصلحته الشخصية". خطة وفق المعايير الإسرائيليةأما الكاتب والمحلل السياسي مئير كوهين، فيستبعد في حديث لمنصة "المشهد" إقامة دولة فلسطينية محدودة، ويتوقع نجاح الحكم العسكري الإسرائيلي في غزة قائلا: "هذه الخطة ترمي إلى إرضاء الإدارة الأميركية، التي تسعى من خلال سياستها إلى مساعدة إسرائيل لليوم الذي يلي انتهاء الحرب، وبالتالي نتانياهو قدم من خلال هذه الخطة، السلطة التي ستتولى الأوضاع في قطاع غزة، ومع إحداث نوع من التغيير بأن تكون سلطة فلسطينية متطورة، ويتم فيها إزالة كل المناهج التعليمية والمفاهيم التي تتعلق بالفساد".ويضيف كوهين "أما فيما يخص قيام دولة فلسطينية محدودة، هذا أمر سابق لأوانه من وجهة نظر الشارع الإسرائيلي فهو غير مهيأ لعملية سلام مع الفلسطينيين، بعد شرخ السابع من أكتوبر وبالتالي أستبعد النجاح في ذلك، خطة نتانياهو التي تبدأ بالحكم العسكري الإسرائيلي في غزة ومن ثم قيام دولة فلسطينية محدودة وفق معايير معينة، هو بذلك يشجع الدول العربية لإقامة العلاقات مع إسرائيل من أجل التعاون المشترك في تحقيق هذه الخطة ودعمها على الأرض".(المشهد)