قدّمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رؤيتها للتسوية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين لما بعد الحرب على غزة، بشكل مغاير عمّا يراه حلفاؤها العرب، في حين لا يزال من المؤكد أن يرفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بحسب وثائق حصلت عليها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".وفي أبريل الماضي، انتهى الوزراء العرب من صياغة رؤيتهم لما بعد الحرب، والتي تضمنت الاعتراف الدولي الفوري بالدولة الفلسطينية، وإنشاء قوة لحفظ السلام في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وإطلاق محادثات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وسيؤدي ذلك لاحقا إلى نقل السيطرة الإسرائيلية على معابر الضفة الغربية إلى السلطة الفلسطينية، بحسب فقرات مسرّبة من الاقتراح التي حصلت عليها الولايات المتحدة. وفي حين أن الولايات المتحدة تدعم حل الدولتين الأوسع الذي يحاول الشركاء العرب الستة دفعه قدما، إلا أنها اعتبرت اقتراحهم "غير واقعي على الإطلاق"، وفقا لدبلوماسي عربي كبير مطلع على الأمر. لكنه قال إنه مع إدراك واشنطن أنها لا تستطيع ببساطة رفض الاقتراح العربي دون تقديم بديل، صاغت وزارة الخارجية الأميركية سلسلة من المبادئ التي يمكن استخدامها كأساس لمواصلة المحادثات مع الشركاء في الشرق الأوسط. واعترف المسؤول بأن المبادرة لم تكن أولوية قصوى لإدارة بايدن، التي تضع وزنا أكبر في المقام الأول لتأمين صفقة الأسرى التي ستضع حدا للحرب بين إسرائيل و"حماس" المشتعلة منذ 7 أكتوبر. ومع ذلك، قال مسؤول أميركي إن الوثيقة التي تحمل عنوان "بيان مشترك بشأن مبادئ لدعم مستقبل السلام للإسرائيليين والفلسطينيين" حصلت على موافقة البيت الأبيض.وأضاف أن واشنطن تستخدم الوثيقة كأساس لمواصلة محادثاتها مع حلفائها العرب، بما في ذلك اجتماعات سيعقدها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مصر وقطر والأردن مطلع الأسبوع المقبل.ماذا جاء في الوثيقة؟وتشبه الوثيقة إلى حد كبير "مبادئ ما بعد الحرب" التي وضعها بلينكن بالعاصمة اليابانية طوكيو في 8 نوفمبر، على الرغم من إجراء بعض الإضافات في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى مقابلة حلفائها العرب في منتصف الطريق. وتتضمن الوثيقة التي حصلت عليها الصحيفة 10 مبادئ وهي:دعوة المجتمع الدولي لدعم إعادة إعمار غزة، مع فتح المعابر إلى القطاع لضمان تدفق المساعدات دون عوائق. "رفض استمرار حكم الجماعات الإرهابية في غزة. يجب على جميع المنظمات والجماعات المسلحة نزع سلاحها ونبذ العنف. إن آلية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج ستسهل هذه العملية في غزة". انسحاب إسرائيلي كامل من غزة دون أي تقليص في أراضيها، أو احتلال عسكري أو تهجير قسري للفلسطينيين، الذين سيسمح لهم بالعودة إلى المجتمعات في القطاع الذي فروا منه خلال الحرب. إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية، والتي ستتلقى المساعدة من الشركاء الدوليين خلال الفترة الانتقالية بعد الحرب حتى تصبح جاهزة لاستئناف الحكم بشكل كامل في القطاع. الدعوة إلى استئناف مفاوضات الوضع النهائي بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على أساس أنه "لا يمكن تحقيق نهاية دائمة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإنهاء الاحتلال إلا من خلال المفاوضات المباشرة". دعم قيام دولة فلسطينية "مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة" على أساس خطوط 4 يونيو 1967 مع مقايضات متفق عليها بشكل متبادل وحل عادل ومتفق عليه للاجئين الفلسطينيين، على النحو المتوخى في مبادرة السلام العربية. (سبق أن أعرب بايدن عن دعمه لحدود 1967، ولكن يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي تدعم فيها الولايات المتحدة أيضًا مبادرة السلام العربية. ومع ذلك، فإن الاقتراح يتصور حل الدولتين الذي يؤدي إلى تطبيع إسرائيل علاقاتها مع جيرانها العرب، في حين تقدم الوثيقة الأميركية مقاربة معاكسة). إمكانية التطبيع بين دول عربية وإسرائيل مع تقدم ملموس نحو حل الدولتين هي وسيلة واعدة لتحقيق السلام والأمن والتكامل الإقليمي الذي سيفيد الجميع.رفض الإجراءات الأحادية الجانب من الجانبين، "بما في ذلك توسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية وتمجيد الإرهاب والعنف"، كما أن الجانبين مدعوان إلى دعم سيادة القانون ورفض التحريض من قبل المسؤولين وأفراد الجمهور. الدعوة إلى الالتزام بالالتزامات التي تم التوصل إليها خلال قمتي العام الماضي في العقبة وشرم الشيخ، والتي رفضت أيضا المضي قدما في الإجراءات الأحادية، حيث تحث الوثيقة أيضا على الحفاظ على الوضع الراهن في الحرم القدسي "الاعتراف بالارتباط العميق للأشخاص من العديد من الأديان بالقدس وأن الحدود في القدس تخضع لمفاوضات الوضع النهائي".نداء للسلطة الفلسطينية لتنفيذ إصلاحات بعيدة المدى "تركز على الحكم الرشيد والشفافية ومكافحة الفساد وإصلاح التعليم والرعاية الاجتماعية".مسار غير محدّد زمنياوخلصت الوثيقة إلى أن أميركا والشركاء العرب متفقون "على تركيز جهودنا الدبلوماسية على تعزيز هذه المبادئ، وتهيئة الظروف للسلام والأمن الدائمين في المنطقة". وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: "هذا جزء من جهد أكبر لتبادل الأفكار قمنا به خلال الأشهر الماضية مع شركائنا العرب". يُذكر أن الرؤية الأميركية لا تدعو إلى "مسار محدد زمنيا ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية"، في حين أكدت الصحيفة أن هذا المسار لم يُبد نتانياهو أي اهتمام بقبوله، بحجة أنه سيكون بمثابة "جائزة" لحركة "حماس" بعد هجوم 7 أكتوبر.(ترجمات)