أجيال مختلفة لا تزال تتحدث عن الإطاحة الأميركية بنظام صدام حسين عام 2003، الذي عُرف بحكم استبدادي تميّز بحروب مكلفة وغير ناجحة ضد دول الجوار.وبعد 20 عاما على سقوط النظام السابق، من هو صدام حسين؟ وما أبرز الحروب التي خاضها قبل الإطاحة به بعملية أميركية بإدارة الرئيس السابق جورج بوش.نبذة عن صدام حسينصدام حسين (مواليد 28 أبريل 1937)، من مواليد العوجة وتوفي في 30 ديسمبر 2006 بعدما كان رئيسا للبلاد من 1979 حتى 2003.وولد صدام ابن فلاحين في قرية قريبة من مدينة تكريت شمالي العراق، وكانت المنطقة واحدة من أفقر المناطق في البلاد، وتوفي والد الرئيس السابق قبل ولادته، وذهب في سن مبكرة ليعيش مع عمه في بغداد، بحسب موسوعة "بريتانيكا".والتحق بحزب البعث عام 1957، وفي عام 1959 شارك في محاولة فاشلة من قبل البعثيين لاغتيال رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم.أُصيب صدام في المحاولة وهرب أولا إلى سوريا ثم إلى مصر، حيث التحق بكلية الحقوق بالقاهرة (1962-1963) واستكمل دراسته في كلية الحقوق ببغداد بعد أن تولى البعثيون السلطة في العراق عام 1963. ومع ذلك، تمت الإطاحة بالبعثيين في نفس العام، وقضى صدام سنوات عدة في السجن، لكنه هرب وأصبح زعيما لحزب البعث، وكان له دور فعال في الانقلاب الذي أعاد الحزب إلى السلطة في عام 1968. وتولى صدام السلطة فعليا في العراق جنبا إلى جنب مع رئيس الدولة أحمد حسن البكر، وفي عام 1972 وجّه تأميم صناعة النفط في العراق.وبدأ صدام بفرض سيطرته العلنية على الحكومة عام 1979 وأصبح رئيسا بعد استقالة بكر، ثم أصبح رئيسا لمجلس قيادة الثورة ورئيسا للوزراء من بين مناصب أخرى.حروب خارجية وشنّ صدام غزوا على حقول النفط الإيرانية في سبتمبر 1980، لكن الحملة تعثرت في حرب استنزاف، حيث أن تكلفة الحرب وانقطاع صادرات العراق النفطية دفعت صدام إلى تقليص برامجه الطموحة للتنمية الاقتصادية.واستمرت الحرب العراقية الإيرانية في طريق مسدود حتى عام 1988، عندما وافق البلدان على وقف إطلاق النار الذي أنهى القتال، على الرغم من الديون الخارجية الكبيرة التي وجد العراق نفسه مثقلا به بنهاية الحرب، واستمر صدام في بناء قواته المسلحة.وفي أغسطس 1990 اجتاح الجيش العراقي دولة الكويت المجاورة. ومن الواضح أن صدام كان ينوي استخدام عائدات النفط الهائلة لتلك الدولة لتعزيز اقتصاد العراق، لكن احتلاله للكويت سرعان ما أدى إلى فرض حظر تجاري عالمي على العراق. وتجاهل النداءات بسحب قواته من الكويت، على الرغم من حشد قوة عسكرية كبيرة بقيادة الولايات المتحدة، وقرارات الأمم المتحدة التي تدين الاحتلال وتجيز استخدام القوة لإنهائه. وبدأت حرب الخليج في 16 يناير 1991، وانتهت بعد 6 أسابيع عندما طرد التحالف العسكري المتحالف جيوش العراق من الكويت. وأدت الهزيمة الساحقة للعراق إلى تمردات داخلية من قبل كل من الشيعة والأكراد، لكن صدام قمع انتفاضاتهم، مما تسبب في فرار الآلاف إلى مخيمات اللاجئين على طول الحدود الشمالية للبلاد. وتعرض آلاف آخرون للتعذيب والقتل، واختفى الكثير منهم ببساطة في سجون النظام، مثل سجن أبو غريب سيئ السمعة.وكجزء من اتفاقية وقف إطلاق النار مع الأمم المتحدة، مُنع العراق من إنتاج أو امتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية. وتم فرض العديد من العقوبات على البلاد في انتظار الامتثال، وتسببت في اضطراب شديد في الاقتصاد، حيث أدى رفض صدام المستمر للتعاون مع مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة إلى غارة جوية استمرت 4 أيام شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى في أواخر عام 1998 (عملية ثعلب الصحراء). أعلن كلا البلدين أنهما سيدعمان جهود المعارضة العراقية لإسقاط صدام، الذي أصبح نظامه يتسم بوحشية بشكل متزايد في ظل عقوبات الأمم المتحدة، لكن الزعيم العراقي منع مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة من دخول بلاده. وفي هذه الأثناء اتضح أن صدام كان يهيئ أحد أبنائه، عدي أو قصي، لخلافته إذ تمت ترقيتهما إلى مناصب عليا، وكلاهما يعكس استبداد والدهما. علاوة على ذلك، استمر صدام في ترسيخ سيطرته في الداخل، بينما اتخذ موقفا شديد التحدي ومعاد لأميركا في خطابه.وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة في عام 2001، سعت الحكومة الأميركية، التي أكدت أن صدام قد يزود الجماعات الإرهابية بأسلحة كيماوية أو بيولوجية، إلى تجديد عملية نزع السلاح. وعلى الرغم من أن صدام سمح لمفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة بالعودة إلى العراق في نوفمبر 2002، إلا أن فشله في التعاون الكامل مع التحقيقات أحبط الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى ودفعهما إلى إعلان إنهاء الدبلوماسية.أبرز محطات سقوط صدام حسين 20 مارس 2003 انتهت المهلة الأميركية المطالبة برحيل صدام حسين، لكن الهدوء كان لا يزال يخيّم على بغداد. على بعد 10 آلاف كليومتر في البيت الأبيض، أعلن جورج بوش انطلاق العملية ضدّ صدام حسين، وانهال وابل من الصواريخ العابرة على أحد أحياء العاصمة العراقية. عند الساعة 5.35 فجرا، بدأت الحرب وأطلق عليها الأميركيون اسم "عملية حرية العراق". نشر نحو 150 ألف جندي أميركي و40 ألف جندي بريطاني في العراق للشروع بعملية عسكرية أطلقت العديد من التظاهرات المنددة في العديد من العواصم العربية والعالمية. 9 أبريل نحو 3 أسابيع كانت كافية من أجل حسم مصير النظام والسيطرة على بغداد، وتمّ تبرير الحرب الوقائية بوجود أسلحة دمار شامل نووية وكيميائية على الأراضي العراقية، لكن في النهاية لم يتم العثور على هذه الأسلحة. منذ بدأت عمليات القصف الأميركية البريطانية الأولى، ردّت الدفاعات الجوية العراقية. خلال ساعة، حوّلت 3 جولات من الغارات سماء بغداد إلى كرة نار ضخمة.عبر التلفزيون، دعا صدام حسين مرتديا الثياب العسكرية وقبعة عسكرية سوداء إلى "مقاومة المحتلين". خلال الليل، اقتحم عشرات آلاف الجنود الأميركيين والبريطانيين جنوب البلاد عبر الكويت. 25 مارسعبر 4 آلاف جندي من المارينز مدينة الناصرية، النقطة الأساسية في الطريق نحو بغداد التي لا تزال تبعد 370 كلم، عابرين نهر الفرات وسط قتال عنيف. بعد 6 أيام، دخل العسكريون الأميركيون بمعركة برية مع وحدات من الحرس الجمهوري العراقي قرب مدينة كربلاء المقدّسة.4 أبريل استولى الأميركيون على مطار بغداد فيما تحدّى صدام الغزاة بنزوله في حيّ سكني وإلقائه التحية على السكان. 7 أبريل استولى التحالف الدولي على 3 قصور رئاسية في بغداد. 9 أبريل انهار النظام وستبقى صورة إسقاط تمثال ضخم لصدام في وسط بغداد عالقة في الذاكرة. انتزع التمثال بدبابات أميركية من قاعدته، ثمّ داس عليه العشرات من العراقيين الفرحين أمام الكاميرات وأنظار العالم كله، بينما شكّكت بعض الصحف في أن يكون المشهد مفتعلا. شبّه وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد الحدث بـ"سقوط جدار برلين"، أما العراقيون فأطلقوا العنان لغضبهم وانتقاداتهم العنيفة ضدّ "الجلاد" صدام. وغرقت بغداد بالفوضى حيث اقتحم جيش من ناهبي الوزارات ومنازل المسؤولين وحملوا ما سرقوه في عربات كانوا يجرونها، لم يكن المتحف الوطني في العاصمة الذي يضمّ 7 آلاف عام من التاريخ، بمنأى عن عمليات النهب. سقطت كركوك والموصل، أكبر مدن الشمال، بدون مقاومة بيد الأكراد الذين انسحبوا بعد ذلك لصالح الأميركيين. ثمّ استسلمت تكريت (180 كلم شمال بغداد)، معقل صدام. 1 مايو أعلن الرئيس الأميركي "نهاية المعارك"، وفي الوقت نفسه مواصلة "الحرب ضد الإرهاب"، من أمام حاملة طائرات في البحر قبالة كاليفورنيا. فوقه، رُفعت لافتة كتب عليها "المهمة انتهت". يوليو اختفى صدام حسين عن الأنظار لأشهر، على الرغم من أن واشنطن أعلنت تخصيص 25 مليون دولار جائزة لمن يعثر عليه.13 ديسمبر بعد مطاردة استمرت 9 أشهر، أوقف صدام بعد العثور عليه مختبئا في حفرة في قبو مزرعة قرب تكريت. صرّح الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر حينها بالقول "أمسكنا به".عام 2006 بعد ظهوره في مقطع فيديو وهو متعبا وتائها ومتسخا، مع لحية طويلة رمادية، حوكم وأعدم شنقا أواخر العام 2006. وبين 2003 و2011، قتل أكثر من 100 ألف مدني، بحسب منظمة "ضحايا حرب العراق"، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن 4500 قتيل في صفوف قواتها وطواقمها.(المشهد)