بينما يكثّف الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصّل إلى صيغة اتفاق، يمكن من خلالها إقرار هدنة إنسانية في قطاع غزة، مقابل صفقة لتبادل الأسرى، تواصل إسرائيل حربها المدمرة وتتواصل أيضًا تصريحات رئيس وزرائها بينيامين نتانياهو، بأنهم ماضون في تنفيذ عملية عسكرية في رفح. ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربًا مدمرة على قطاع غزة، ردًا على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فصائل فلسطينية مسلحة، ما تسبب في مقتل أكثر من 31 ألف فلسطيني، وتدمير كامل للبنية التحتية في قطاع غزة. وأمام المشهد المُرتبك على المستوى الدولي، وكذلك على مستوى الداخل الإسرائيلي، تتزايد التساؤلات حول الأسباب وراء عدم التوصل لاتفاق هدنة، ولماذا يعرقل نتانياهو أيّ محاولات لوقف إطلاق النار في غزة. وقال محللون سياسيون، في مقابلة مع قناة "المشهد"، إنّ التوصّل إلى هدنة في غزة، ووقف إطلاق النار، سيضعان رئيس الوزراء الإسرائيليّ في مأزق، ويهدّدان مستقبله السياسيّ بشكل كبير، خصوصًا بعد تزايد الانتقادات التي تُوجّه إليه من الشعب الإسرائيلي. ومن المقرر أن تنطلق جولة مفاوضات خلال الساعات المُقبلة في العاصمة القطرية الدوحة، وسيشارك فيها وفد من "حماس"، بالإضافة إلى الوفد الإسرائيليّ ومصر وقطر كوسطاء. نتانياهو يريد إطالة أمد الحرب وقال الباحث السياسيّ الفلسطينيّ، جهاد حرب، إنّ "حماس" قدّمت مقترحًا واضحًا لرؤيتها وشروطها حول صفقة تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار، لافتًا إلى هذه الشروط تشمل 3 مراحل تبدأ بتبادل عدد محدد من الأسرى، وصولًا لوقف الحرب وبدء التفاوض على باقي الأسرى. وأشار حرب في حديث لقناة "المشهد"، إلى أنّ هناك بعض النقاط التي ترفضها إسرائيل في ما يخصّ تفاصيل شروط تبادل الأسرى، ولكن في النهاية إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار ممكنة، خصوصًا بعد أن أرسلت إسرائيل وفد رفيع للمشاركة في المفاوضات. ورأى الباحث السياسيّ الفلسطيني، أنّ السبب الرئيس لعدم التوصّل إلى وقف للحرب حتى الآن، هو مماطلة رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، فهو يريد إطالة أمد الحرب للحفاظ على مستقبله السياسي، بالإضافة إلى البحث عن حليف جديد داخل البيت الأبيض، بعد أن توترت علاقته ببايدن. لماذا يرفض نتانياهو التهدئة؟ لماذا يُماطل نتانياهو؟ يجيب حرب بقوله إنّ نتانياهو عادة ما يتّخذ هذه السياسة في القرارات الحاسمة، لأنّ الأمر يتعلق بطبيعة شخصيته، فهو لا يريد تحمّل مسؤولية الوصول إلى تهدئة خشية على مستقبله السياسيّ في تل أبيب. سبب آخر في رأي الباحث الفلسطينيّ وهو سبب نفسيّ لأنّ نتانياهو يعاني عقدة، لأنه دفع ثمن فقد شقيقه في عملية تحرير أسرى في السابق، فضلًا عن رفضه لإعادة سيناريو مفاوضات الإفراج عن الجنديّ الإسرائيلي شاليط. وأشار إلى أنّ كلًا من نتانياهو ووزير الدفاع الإسرائيليّ غالانت، يريدان استمرار الحرب في غزة، ولكن لكلّ منهما دوافعه وخلفيته المختلفة عن الآخر، فغالانت يريد استمرار الانتقام من الفلسطينيّين وهو ما بدا واضحًا من حجم القتل منذ اندلاع الحرب، ولكنّ نتانياهو يريد الحفاظ على مستقبله السياسيّ من خلال تحالفه مع اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية.وضع مقعد داخل إسرائيل بدوره قال، الباحث بمركز موشيه دايان بجامعة تل أبيب، إيريك رودنتسيكي، إنّ الوضع السياسيّ في إسرائيل معقّد للغاية، لافتًا إلى أنّ تصريحات رئيس الوزراء أمس، كانت تهدف إلى مخاطبة الداخل، فالخلافات بين أعضاء الحكومة حادة ووصلت لمرحلة كبيرة. وأوضح في حديث لقناة "المشهد"، أنّ الخلافات بين نتانياهو ووزير الدفاع حادة، خصوصًا في ما يتعلق بمناقشة مصير قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، مُشيرًا إلى أنّ نتانياهو لا يريد وقف الحرب، لأنه سيخسر حلفاءه في الحكومة من اليمين المتشدّد. وأشار إيريك إلى أنّ رئيس الوزراء في النهاية لا يحكم إسرائيل بمفرده، ولكن هناك اعتبارات كثيرة ولكن في الموقف الذي يتخذه من الحرب بمصالح إسرائيل مع المجتمع الدولي، على المستوى بعيد المدى. ما هي أطماع نتانياهو من مواصلة الحرب في غزة، يجيب الباحث بمركز موشيه دايان قائلًا: "بالتأكيد هناك اعتبارات سياسية وأطماع تتعلق بمستقبل حكومته، لأنه يعلم أنه لو وافق على تنازلات في ما يخصّ غزة، فسوف يخسر منصبه". ورأى إيريك أنه في النهاية يجب أن تقدّم إسرائيل تنازلات إذا كانت تريد إعادة الأسرى ووقف الحرب، لافتًا إلى أنّ الضغط الشعبيّ يزداد كل يوم، فتحولت التظاهرات من المطالبة بتحرير الأسرى، إلى المطالبة بتبكير الانتخابات في إسرائيل أيضًا. وأشار إلى أنّ الشارع الإسرائيليّ يتساءل كثيرًا : لماذا وصلنا إلى هنا، ولماذا حدث يوم 7 أكتوبر، فيما يبدو أنّ الإجابات غير واضحة للجميع. (المشهد)