تعتبر تصفية إسرائيل للأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في قصف عنيف الجمعة على ضاحية بيروت الجنوبية، ثمرة عملية تجسس لافتة تتوج عملًا استخباراتيًا استمر سنوات عدة، وتسلط الضوء على الاختراق العميق للحزب، بحسب خبراء. وفي ما يأتي ما نعرفه عن كيفية تعبئة إسرائيل مواردها الاستخباراتية لتنفيذ هذه العملية: الإعداد بدأ "حزب الله" إطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل في 8 أكتوبر 2023، في "إسناد" لحليفته حماس الفلسطينية التي تخوض حربًا ضد إسرائيل في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، إثر هجومها غير المسبوق على جنوب الدولة العبرية. وتصاعد القصف المتبادل عبر الحدود بين إسرائيل و"حزب الله" على مدى عام تقريبًا، وصولًا إلى تفجير أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة كان يحملها آلاف من عناصر الحزب في لبنان في منتصف سبتمبر، خلفت 39 قتيلًا ونحو 3000 جريح. قال روبرت ساتلوف من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في مذكرة، إنّ تلك التفجيرات التي لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها، "أعادت اتصالات حزب الله إلى العصر الحجري". ويرى محللون أنّ الهجمات تعكس التقدم الكبير الذي حققته الوحدة العسكرية 8200، المسؤولة عن استخبارات الإشارات والحرب السيبرانية، في اختراق أجهزة الاتصالات التابعة لـ"حزب الله". في تصريحات أدلى بها في فبراير، حذّر نصر الله من الهواتف الخلوية باعتبارها أجهزة تجسس محتمل، وقد شجع ذلك الحزب على استخدام أجهزة اتصال لاسلكية غير مرتبطة بالإنترنت. وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ نداف شوشاني للصحفيّين الجمعة، أنّ المعلومات الاستخبارية التي أدت إلى تصفية نصر الله تم جمعها على مدى سنوات. وقال، "لقد استخدمنا المعلومات الاستخبارية التي جمعناها طوال سنوات، وكانت لدينا معلومات آنية وقمنا بتنفيذ هذه الضربة". في هذا الصدد، قالت العسكرية المتقاعدة والباحثة في المعهد الإسرائيليّ الدوليّ لمكافحة الإرهاب في جامعة ريخمان في هرتسليا (وسط إسرائيل) ميري آيسن، إنّ "قدرات إسرائيل في ما يتعلق بحزب الله، تظهر عمق الاختراق الاستخباراتيّ لمجالات الحزب"، مؤكدة أنّ الهجوم كان نتيجة عمل طويل الأمد. وبالنسبة للمتخصص في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي، ليس هناك شكّ في أنّ هذه العملية هي ثمرة عمل استخباراتيّ "معقّد للغاية". وقال "إنها لا تُظهر فقط القدرة التكنولوجية الكبيرة، ولكن أيضًا مدى عمق اختراق إسرائيل لحزب الله".الضربة بحسب مسؤولين إسرائيليّين، كان نصر الله في اجتماع مع قادة آخرين من "حزب الله" الجمعة في "مقر" الحزب في حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية. ويظهر مقطع فيديو للجيش قاذفات مقاتلة من طراز إف-15، وهي تقلع من قاعدة حتسريم الجوية (جنوب) الجمعة لتنفيذ العملية، وقبل الساعة 18.30 بقليل (15.30 ت غ)، سُمع دويّ انفجارات قوية في أنحاء بيروت. ووفق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، أمضت إسرائيل أشهرًا في التخطيط لاستخدام "سلسلة من التفجيرات" للوصول إلى المخبأ الموجود أسفل المباني السكنية، حيث كان نصر الله، على أن "يعقب كل تفجير تفجير آخر". تزامن اجتماع "حزب الله" مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو. ونشر مكتب نتانياهو في وقت لاحق صورة تُظهره لحظة موافقته على الضربة، وهو قرار اتخذه "في فندقه في نيويورك"، وفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، يشير تحليل مقطع فيديو للجيش، إلى أنّ الطائرات المشاركة في الهجوم كانت "مجهزة بما لا يقل عن 15 قنبلة تزن كل منها 2000 رطل" (نحو 900 كلغ). وقال مسؤولون كبار للصحيفة، إنّ "أكثر من 80 قنبلة أُسقطت على مدى دقائق عدة لقتل"حسن نصر الله، فيما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، أنّ المخبأ أصيب بـ"80 طنًا من القنابل". التداعيات أعلنت وزارة الصحة اللبنانية حصيلة أولية بلغت 6 قتلى و91 جريحًا. ومن وجهة نظر المحلل هيكو ويمين من مجموعة الأزمات الدولية، من الصعب التكهن بالآثار الطويلة المدى لاغتيال نصر الله على عمليات "حزب الله". في الوقت الحالي، يبدي المسؤولون الإسرائيليون سرورهم بهذا الإنجاز، مع مواصلة التهديد بعملية برية في لبنان من أجل دفع "حزب الله" وترسانته من الصواريخ إلى أبعد ما يمكن من الحدود الإسرائيلية- اللبنانية. ونشر الجيش الإسرائيليّ السبت نص تصريحات لقائد السرب الذي استهدف نصر الله قال فيها، "سنصل إلى الجميع، في كل مكان". (أ ف ب)