كان قد حلّ الليل عندما نزل المستوطنون المسلحون ببنادقهم وبصحبتهم كلاب شرسة إلى الحي الأرمني في البلدة القديمة بالقدس. جاؤوا وبدأوا بهدم الرصيف بالجرافات.هكذا وصف ما حصل، هاغوب جيرنازيان، الناشط الشاب الساكن في القدس الذي هرع إلى الموقع للكشف عما يقوم به المستوطنون. وللتصدي لما يجري، شبك الأرمن أذرعهم وشكلوا سلسلة بشرية أمام الجرافات لإبعاد المستوطنين. وقال جيرنازيان: "إنها ليست مجرد قطعة أرض نحميها، فحسب. مستقبل الأرمن وجميع المسيحيين في القدس بخطر هنا".ومع تركيز الاهتمام الدولي على غزة وهجمات المستوطنين في الضفة الغربية، يقول الأرمن في البلدة القديمة إنهم ربما يواجهون أخطر تهديد وجودي لهم في القرون الـ16 منذ أن استقروا هنا للمرة الأولى. ويقول تقرير نشرته صحيفة "The Times" البريطانية، أنه منذ أن احتلت إسرائيل البلدة القديمة وضمتها عام 1967، وأعادت الحياة إلى الحي اليهودي الفارغ، سعت المنظمات الاستيطانية اليهودية اليمينية إلى توسيع وجودها في جميع أنحاء المدينة المحصنة، التي تحتوي على بعض أقدس المواقع في الأديان الإبراهيمية.إحدى هذه المنظمات هي منظمة "عطيرت كوهانيم"، التي استخدمت الأموال الأجنبية لشراء العقارات في جميع الأحياء الـ4 وفي بعض الأحيان احتلت بشكل غير قانوني مباني الكنيسة في الحي المسيحي، بما في ذلك دير القديس يوحنا الشهير.واكتشف السكان الأرمن، متأخراً، أنه تم الاتفاق على صفقة لبيع مساحة كبيرة من الأراضي المملوكة للكنيسة من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، إلا أنه سرعان ما فشلت الصفقة واعتبرت لاغية وباطلة. ولكن بدلاً من اللجوء إلى المحكمة للتداول بصحة الصفقة، طلبت شركة رأسمالية كبيرة معنية بالصفقة من مستوطنين مسلحين بتطبيق الاتفاق على طريقتهم.واليوم معظم الأراضي المعروفة باسم Cow’s Garden، تُستخدم كموقف سيارات للمجتمع داخل المدينة القديمة المخصصة للمشاة فقط. وما يثير الرعب لدى السكان أيضا هو أنه عندما ظهرت تفاصيل الصفقة المشكوك فيها، اكتشفت 5 عائلات من بين الكثيرين أنه يتوجب عليها التخلي عن منازلها فجأة على الرغم من أنها تمتلكها وتعيش فيها.وعندما هاجم المستوطنون البلدة الأسبوع الماضي، كان برفقتهم ضباط شرطة رفضوا التدخل. ثم ألقت الشرطة القبض على 3 من المارة الأرمن وطالبتهم بإبراز وثائق تثبت ملكيتهم للأرض.وفي خضم كل ما يجري، ناشدت البطريركية الأرمنية دعم جميع الطوائف المسيحية في القدس، وقالت إن الوجود الأرمني في القدس "يتعرض لأكبر تهديد وجودي في التاريخ".وتقع الأرض المتنازع عليها بين باب الخليل والحي اليهودي، وكان الطريق الرئيسي الذي يمر بجانبها مسرحا لعدد متزايد من هجمات الكراهية ضد المسيحيين حتى قبل المواجهة الأخيرة.(ترجمات)