انتقال الصراع المدمر إلى إفريقيا ومخاوف جزائرية من حرب بالوكالة تهدد أمنها، عنوان عريض لقلق حقيقي، فتح أعين الجزائر ودول الإقليم على صراع موسكو وكييف في القارة السمراء.قلق في الجزائرهذا الحال أثار قلق الجزائر التي تخشى على أمنها القومي، خصوصا مع حدود طويلة مع مالي والنيجر يصعب مراقبتها، إضافة إلى احتمالات حدوث نزوح هائل من مناطق واسعة، في حال تصاعد الصراع أو تصاعد المواجهة الروسية - الأوكرانية العابرة للحدود، والتي برزت بشكل جلي بعد الهجوم الذي تعرضت له قوات فاغنر، واتهمت كييف بدعمه. في ليبيا أيضا الغارقة في الميليشيات والصراع على السلطة، تبدو البلاد مرشحة للتأثير سلبا بأي صراع بالوكالة، خصوصا مع نشاط متزايد قرب حدودها الجنوبية لعصابات التهريب والاتجار بالبشر. وضع معقد سياسيا وعسكريا، يرده مراقبون إلى موجة الانقلابات التي شهدتها دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو خلال السنوات الأخيرة، وما حملته من تحد للنفوذ الغربي هناك. هذه المخاوف الإقليمية، تحولت من مرحلة شك وتقليل من شأن ما يحدث، إلى حذر حقيقي. فهل تغرق موسكو في مستنقع إفريقيا، وكيف سترد الجزائر على تهديد أمنها القومي؟التوتر في إفريقياوفي هذا الشأن، قال الرئيس السابق للجنة الجزائرية للسلم والخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية الدكتور أحمد ميزاب لقناة "المشهد": قبل أن نتحدث على رد الجزائر أو كيف سوف ترد الجزائر على أي تهديد لأمنها القومي، أعتقد بأنه من الضروري أن نركز على متغيرين أساسيين يحكمان مجموعة من التحولات التي تعرفها المنطقة وكذلك الأزمات المتصاعدة التي تعرفها المنطقة.المتغير الأول هو احتدام الصراع بين الدول في منطقة الساحل الإفريقي، وتحويله إلى جبهة مفتوحة في إطار تصفية الصراعات ما بين الأطراف الدولية. أما المتغير الثاني هو امتداد المواجهة والحرب الروسية - الأوكرانية لتجد قاعدة خلفية لها في منطقة الساحل الإفريقي. انطلاقاً من ذلك، نحن نتحدث عن مشهد يمكن أن نصفه بالفوضى الإقليمية الممنهجة أو إقحام منطقة الساحل الإفريقي في النفق المظلم، مع ترشيح كذلك بعض الملفات للانفجار، وبالتالي، نحن نتحدث عن معادلة أمنية معقدة.نهج متوازنوأردف ميزاب بالقول: "انطلاقاً من ذلك، الجزائر تدرك جيداً، أنه منذ أكثر من عقد من الزمن ونحن نعيش في واقع إقليمي مضطرب يشهد أزمات، ويشهد كذلك تحرك على كافة الجبهات لهذه الأزمات. وبالتالي، نحن نتحدث عن حدود مشتعلة".وتابع: "انطلاقاً من ذلك، الجزائر منذ سنوات تبنت إستراتيجية أمنية متكاملة مبنية على النهج الاستباقي في إطار التعاطي مع مختلف التحديات أو التهديدات أو كذلك المخاطر الناجمة على الانزلاقات الحاصلة. إقليمياً، اليوم نحن نتحدث عن مستوى آخر من هذه الأزمات ومن هذه المواجهات، باعتبار أننا نتحدث على مجموعة من التشكيلات التي يتم العمل عليها كفيلق إفريقيا، وهناك من يتحدث على فيلق أوروبا، ناهيك كذلك على بعض الأجسام العسكرية الأخرى".واستطرد قائلا: "بالتالي، نحن أمام سيناريو عسكرية المنطقة. الجزائر تحاول دائماً أن تتبنى نهجا متوازنا انطلاقاً من عقيدتها الدفاعية أو عقيدتها الدبلوماسية المبنية على نهج السلم وتسوية الأزمات والتحرك من أجل ذلك".وختم ميزاب حديثه قائلا: "هناك ترشيح بأن تكون الجزائر مقصدا للنازحين أو الفارين من ويلات الصراع وكذلك الحروب، ولكن في المقابل، هناك الجانب الذي لا يمكن التغاضي عنه، وهو البعد الإنساني في التعاطي مع هذه المسائل. ومن الناحية الثانية كذلك، هنالك الهواجس الأمنية في إطار التعاطي مع ملف النازحين"، مؤكدا أن الجزائر جاهزة للتعاطي مع مختلف السيناريوهات المحتملة والمتوقع حدوثها. (المشهد)