ساعات قليلة بعد أن سيطرت المعارضة على مدينة حلب ليل الجمعة، دخل عبد الكريم ليلى إلى المدينة للمرة الأولى منذ 8 سنوات. كانت قوات المعارضة قد أقامت نقاط تفتيش وفرضت حظر تجول، وكانت الاشتباكات مع قوات النظام، التي بدت وكأنها انهارت أمام الهجوم السريع، قد بدأت في التراجع.لكن الأخير كان مصمماً على العودة إلى حي صلاح الدين، الحي الجنوبي الصاخب سابقاً في ثاني أكبر مدن سوريا، والذي فر منه مع آلاف آخرين في عام 2016 بعد حملة قصف وحصار استمرت لأشهر من قبل النظام.وقال ليلى، وهو مسؤول في نقابة الأطباء في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة القريبة: "أن تشعر بالكرامة والحرية في حيّك، هذه مشاعر افتقدها الكثير من السوريين".لكن الفرح الذي شعر به ليلى وأنصار المعارضة كان مشوباً بالقلق، وفق تقرير لـ"فايننشال تايمز". فلا يزال من غير الواضح كيف ستدير "هيئة تحرير الشام" المدينة المتعددة الثقافات. ويستعدّ السكان لهجوم مدمر من قبل النظام وحلفائه الروس والإيرانيين.بداية غضب الأسد؟ حلب، المدينة العريقة التي يبلغ عدد سكانها 2 مليون نسمة وكانت يوماً ما قلب سوريا الصناعي، انقسمت بين الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة والغرب الذي تسيطر عليه قوات النظام في السنوات التي أعقبت الانتفاضة الشعبية عام 2011 ضد حكومة بشار الأسد، والتي تحولت إلى حرب أهلية.استعاد الأسد، بمساعدة إيران وروسيا، السيطرة الكاملة على المدينة بعد هجوم دموي في عام 2016، حيث فر الآلاف في الشرق إلى الريف القريب الذي تسيطر عليه المعارضة بموجب اتفاق إجلاء هش.كانت المدينة تحت سيطرة حكومة الأسد لسنوات، قبل أن تستولي "هيئة تحرير الشام" عليها الأسبوع الماضي بسهولة ظاهرة أدهشت كثيرين. وأدى الهجوم إلى نزوح عشرات الآلاف في المحافظة، وفق الأمم المتحدة.بدأت الطائرات الحربية الروسية وطائرات النظام بالفعل في قصف المدينة في هجوم مضاد، حيث يخشى كثيرون أن يكون هذا مجرد بداية غضب الأسد. "نريد أن نعيش" وقال أحد سكان قرية في الضواحي إنهم يعيشون تحت حظر تجول فرضته "هيئة تحرير الشام" مع إغلاق المخابز ومستشفى محلي.وأضاف: "لقد تصالحنا مع النظام منذ وقت طويل، لكن هذا لا يعني أننا معه. ونحن أيضاً لسنا مع المعارضة. نحن متعبون من الحرب والفوضى، نريد فقط أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي".وفي حين يرى أنصار المعارضة أن سيطرتهم تُشكّل فرصة للعودة، يرى مؤيدو النظام أن مقاتلي المعارضة غزاة ينهبون المدينة. وذكرت وسائل الإعلام الحكومية يوم الاثنين أن "التنظيمات الإرهابية" تقوم بأعمال تخريب وسرقة وخطف في المدينة. وأكدت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء أن مدنيين قُتلوا في هجمات من كلا الجانبين.وقال كرم شعار، الخبير الاقتصادي والسياسي في معهد "نيو لاينز" للأبحاث والمولود في مدينة حلب، إن "هيئة تحرير الشام"، رغم نجاحها في إدارة إدلب، ستواجه تحدياً أكبر في حلب.وتابع: "أعتقد أنهم سيواجهون صعوبات في إدارة حلب. فحلب أكبر بكثير، وأكثر تعقيدًا، وتضم أقليات أكثر تنوعاً". (ترجمات)