قرار رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد اشتية وضع استقالته بتصرف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فتح الباب على مصراعيه أمام احتمال تشكيل حكومة فلسطينية جديدة تحاكي الواقع الفلسطيني الجديد في ظل حرب غزة وما يُحكى عن حكومة تكنوقراط. وبرر اشتية قرار استقالته بالقول إن "هذه الخطوة تأتي لمتطلبات المرحلة المقبلة على الساحة السياسية الفلسطينية، التي تحتاج لترتيبات حكومية وسياسية جديدة، تأخذ في الاعتبار الواقع المستجد في غزة ومحادثات الوحدة الوطنية والحاجة الملحة إلى توافق فلسطيني فلسطيني يستند إلى أساس وطني ومشاركة واسعة وإلى بسط سلطة السلطة على كامل أرض فلسطين".حكومة تكنوقراط.. طوق نجاةوحول تداعيات وأبعاد هذه الخطوة، وما يليها من إجراءات، وشكل الحكومة المقبلة، المهم بالنسبة للشارع الفلسطيني، معرفة النهج الذي ستسير عليه الحكومة الجديدة، خصوصا مرحلة ما بعد انتهاء الحرب على غزة، ومعالجة المتطلبات الاقتصادية والسياسية لأهالي الضفة الغربية، وإعادة إعمار قطاع غزة.وسيبقى قرار تشكيل حكومة تكنوقراط التي يقال إنها ستضم مهنيين ومستقلين وخبراء وليس سياسيين، مرهوناً بالمرجعية الوطنية الجامعة لكل القوى والفصائل الفلسطينية من بينها حركة "حماس".ومن جانبه يوضح القيادي في حركة فتح تيسير نصر الله لمنصة "المشهد" بأن "استقالة حكومة اشتية وتقديمها إلى الرئيس محمود عباس، ووضعها تحت تصرفه، يهدف إفساح المجال لإنجاح حوار موسكو لقادة فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وتهيئة الظروف التي من الممكن أن توقف الحرب على غزة، والبدء بعملية الإعمار فيها، واستجابة للمتطلبات الداخلية الفلسطينية، التي ستعزز النظام السياسي، وتدعم خطوات عباس للإصلاح داخل أسوار الحكومة ومكونات السلطة الفلسطينية".وتعليقا على إجراءات ما بعد الاستقالة، قال نصر الله إن "الرئيس عباس سينظر إلى الاستقالة، وإذا ما وافق عليها، سيكلف شخصية فلسطينية أخرى بالعمل على تشكيل حكومة فلسطينية جديدة ذات مهمات محددة لها علاقة، بترميم قطاع غزة، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني". وتابع قائلاً: "بالنسبة لحركة "حماس" نحن نتحدث عن حكومة تكنوقراط، بلا فصائل، وهذه الاشتراطات من هنا وهناك، سيكون توافق وطني وتحديداً مع حركة "حماس"، قبل أن تقلع هذه الحكومة، لأنه سيكون لها جناحان واحد بالضفة وآخر في غزة، فلا بد من حوار وتوافق على تشكيل الحكومة مكوناتها ورئيسها، الوفود ستبدأ بالذهاب إلى موسكو يوم الأربعاء، وبالتالي لدينا متسع من الوقت لصياغة توافق، حتى يقدم الشعب الفلسطيني حكومة متفقا عليها من حيث المهام أيضاً". وحول مهمات الحكومة الفلسطينية الجديدة أشار نصر الله لـ"المشهد" إلى "إنهاء الانقسام بين حركتي فتح و"حماس"، وتجسيد عملها في كل الجغرافية الفلسطينية، لكن نخشى من العراقيل الإسرائيلية التي تتربص بالمؤسسات الرسمية الفلسطينية للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية، وتعمل على إضعاف أجهزة السلطة الفلسطينية، وتغذي الانقسام، المهم بالنسبة للقيادة الفلسطينية كيف سيتعامل العالم مع هذه الحكومة ويدعمها، المشكلة المالية كبيرة بانتظار هذه الحكومة، ومهمتها ثقيلة في مسألة إعمار غزة، والمقاصة والرواتب بالضفة".على مقلب ثان، لفت المحلل السياسي د. أشرف العجرمي لمنصة "المشهد" بأن "تشكيل الحكومة الجديدة بمثابة طوق نجاة للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني برمته، فالحديث الدولي يدور عن التمهيد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وتطبيق مبدأ حل الدولتين، وبالتالي هذا ممر إجباري، أن تكون هناك جهة فلسطينية قادرة على السيطرة بالضفة وقطاع غزة، ضبط أوضاعها وتلبية احتياجات السكان الأمنية والسياسية والمدنية وفي كل المجالات، ولأن هذا سيضيف دعم دولي باتجاه حل الدولتين". مفاوضات هدنة غزةبعكس موقف العجرمي، اعتبر الأكاديمي والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض في حديثه لمنصة "المشهد" بأن "المفاوضات صعبة وقاسية، فإسرائيل غير معنية بتهدئة أو وقف لإطلاق النار، كل ما تريده هو الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، من دون أن تدفع أي شيء، إسرائيل تصعّب الشروط ولا تريد الاستسلام لحركة "حماس" ولا أن تفاوض عملياً". ويرجع د. عوض انهيار المفاوضات للعوامل التالية "أولاً، إسرائيل مصرة على اقتلاع حركة "حماس"، وثانياً تحضر للهجوم البري على مدينة رفح، وثالثاً تسعى لتنفيذ مخطط تهجير الناس، وبالتالي كيف يمكن لحركة "حماس" الموافقة على التهدئة من هذا النوع، الأهداف الإسرائيلية تمنعها من توقيع اتفاق مع "حماس". وختم قوله "المؤشرات تؤكد بضرورة الضغط الأميركي على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار، إذا قام الوسيط الأميركي بالضغط على إسرائيل، ستكون النتائج إيجابية بما يخص قرب التهدئة وحتى وقف إطلاق النار". ومن جانبه يقول المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي لمنصة "المشهد" إن "المفاوضات بين الجانبين من خلال الوسطاء مستمرة ولم تتوقف، تم الاتفاق بين الجانبين على الخطوط العريضة للصفقة، الآن دخلوا في مفاوضات التفاصيل، لكن لا يوجد ضمان حقيقي لإبرامها، والسبب أن نتانياهو، لا يؤتمن على شيء، فلا أحد يثق به، وبالتالي باتت المفاوضات عسيرة وبالغة التعقيد". (القدس - المشهد)