اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن كل الأنظار متجهة إلى لاهاي يوم الجمعة وسط الحرب الإسرائيلية المدمرة المستمرة مع "حماس".وقالت الصحيفة في مقال نشرته الجمعة أنه مهما كان الحكم الأولي، فإن القضية الكاملة حول ما إذا كانت إسرائيل تنفذ إبادة جماعية سوف تستمر لسنوات على الأرجح، وقد حاربت إسرائيل هذه التهمة بمرارة، فهي تنظر إلى الاتهامات الموجهة ضدها بالإبادة الجماعية باعتبارها "تشهيرا".أحكام محكمة العدل الدولية ملزمة قانونا، ولكنها تتطلب قرارات من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حتى تكون هناك آليات حقيقية، مثل العقوبات، لتنفيذها، وهو أمر غير مرجح نظرا لممارسة الولايات المتحدة الطويلة الأمد المتمثلة في حماية إسرائيل من الرقابة الدولية.جنوب إفريقيا: إسرائيل أدلت بتصريحات تنم عن "نية الإبادة الجماعية" وفي ملف قدمته إلى محكمة العدل الدولية، اتهمت جنوب إفريقيا إسرائيل بـ"نية الإبادة الجماعية"، في إشارة إلى تصريحات كبار المسؤولين. وعرض فريق المحامين في جنوب إفريقيا حجّته أمام المحكمة قبل أسبوعين، بعد أكثر من 100 يوم من القتال الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 25,000 فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، ونزوح أكثر من 85% من سكان غزة من منازلهم، وتسبب في مجاعة محتملة وأزمة إنسانية غير مسبوقة في الذاكرة الحديثة. وقال المحامي الجنوب إفريقي تمبيكا نجكوكايتوبي "إن حجم الدمار في غزة، واستهداف منازل العائلات والمدنيين، وكون الحرب حرباً على الأطفال، كلّها توضح نية الإبادة الجماعية التي تم وضعها موضع التنفيذ، القصد الواضح هو تدمير حياة الفلسطينيين". وتشير جنوب إفريقيا إلى "عمليات القتل والتشويه التي تمارسها إسرائيل على نطاق واسع ضد المدنيين، واستخدامها للقنابل "الغبية"، والنزوح الجماعي وتدمير الأحياء، و"حرمان المدنيين من الحصول على الغذاء والماء الكافيين" والرعاية الطبية والمأوى والملابس والنظافة والصرف الصحي، وطمسها للمؤسسات المدنية الفلسطينية، وفشلها في توفير أي مكان آمن لسكان غزة، كما تتهم جنوب إفريقيا إسرائيل بمنع الولادات الفلسطينية من خلال تشريد الحوامل، وحرمانهن من الحصول على الغذاء والماء والرعاية، وقتلهن. كما قدم المحامون في جنوب إفريقيا مجموعة كبيرة من التصريحات الصادرة عن المسؤولين والسياسيين الإسرائيليين التي بدت وكأنها تثبت نية "الإبادة الجماعية" للأعمال الإسرائيلية، بما في ذلك الدعوات إلى إبادة غزة والتهجير الجماعي للفلسطينيين الذين يعيشون هناك.انقسام عالمي واضحأظهرت المحاكمة أيضا انقساما عالميا واضحا، تقود جنوب إفريقيا الهجوم ضد إسرائيل انطلاقا من التزامها التاريخي تجاه الشعب الفلسطيني الذي كما يؤكد المسؤولون في جنوب إفريقيا، يخضع لنظام فصل عنصري في القرن 21 شبيه لما تعرّضت له جنوب إفريقيا في القرن 20.وكتبت كاتبة عمود سودانية بريطانية في صحيفة الغارديان نسرين مالك: "إن أهمية حقيقة أن الدولة التي ترفع القضية هي جنوب إفريقيا، رمز ويلات الاستعمار والاستيطان والفصل العنصري، لا يمكن أن تغيب عن ذهن أحد، إنه يرمز إلى الظلم العنصري الهائل، الذي لا يمكن تجاهله باعتباره تاريخا قديما". وسارع المعلقون الغربيون إلى الإشارة إلى نفاق مفترض في موقف جنوب أفريقيا، نظراً للعلاقة الحميمة التي تربط حكومتها بروسيا واللامبالاة الظاهرة لحملات الإبادة الجماعية المزعومة التي يشنها الكرملين في أوكرانيا. ولكن هذا المثال يشكل بالفعل مصدراً للإحباط بالنسبة للعديد من البلدان خارج الغرب، التي ترى فجوة واضحة بين الغضب الأميركي والأوروبي إزاء جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا وتواطئها في تدمير غزة. وقالت سيلفي كوفمان من صحيفة لوموند: "إنها شكوى الجنوب العالمي ضد المعايير الغربية للتفوق الأخلاقي". وأضافت: "إنه يشكك في النظام الدولي الذي أسّسه أقوى حليف للمدعى عليه، الولايات المتحدة. إنه أيضاً تحدّ للذاكرة الجماعية التي تهيمن عليها المحرقة، والتي تعارض بشكل علني ذاكرة الاستعمار".(ترجمات)