يتوجه الناخبون في الكويت اليوم الخميس إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم لانتخاب أعضاء مجلس الأمة الخمسين، في أول استحقاق من نوعه منذ تولي الشيخ مشعل الأحمد الصباح مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي.ويتنافس في هذه الانتخابات، وهي الرابعة منذ ديسمبر 2020، 200 من المرشحين والمرشحات، وهو أقل عدد منذ أكثر من 5 عقود. بينما يبلغ عدد الناخبين من الرجال والنساء نحو 850 ألفًا.ويتمتع مجلس الأمة في الكويت بنفوذ أكبر من المجالس المماثلة في دول الخليج الأخرى، لكنّ الجمود السياسيّ على مدى عقود، أدى إلى تعديلات وزارية وحل المجلس مرات عدة.وتُجرى الانتخابات تحت إشراف القضاء، ووفقًا لنظام الصوت الواحد، الذي يعني أنّ لكل ناخب الحقّ في منح صوته لمرشح واحد فقط، وتتم عملية الاقتراع في يوم واحد من 12 ظهرًا حتى منتصف الليل.وتتكون الكويت من 5 دوائر انتخابية، لكل دائرة 10 نواب، حيث يفوز المرشحون الذين يحصلون على المراكز الـ10 الأولى في كل دائرة بعضوية البرلمان.حل البرلمانوتأتي هذه الانتخابات بعد أن قرر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حلّ البرلمان السابق المنتخب في يونيو، في 15 فبراير بعد أقل من شهرين من توليه السلطة.واستند المرسوم الأميريّ بحل المجلس، إلى "ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي، وتعمّد استخدام العبارات الماسّة غير المنضبطة".وانتقد أمير الكويت بقوة مجلس الأمة والحكومة في أول خطاب له أمام البرلمان بعد أدائه اليمين الدستورية في 20 ديسمبر، لما قال إنه "إضرار بمصالح البلاد والعباد".استقالة الحكومةواستقالت حكومة الشيخ أحمد النواف بعد كلمة الأمير بساعات، وتم تعيين الشيخ محمد صباح السالم الصباح رئيسًا جديدًا للوزراء وشكّل حكومة جديدة ضمت وزراء جددًا للداخلية والدفاع والشؤون الخارجية والمالية والنفط.وحثّ أمير الكويت المواطنين على المشاركة في الاقتراع، وحسن اختيار من يمثلونهم، "وألا يتم اختيار من كان هدفه تحقيق المصلحة الشخصية، أو افتعال الأزمات أو المساس بالثوابت الدستورية".وعبّر، في كلمة ألقاها الاثنين لمناسبة العشر الأواخر من رمضان، عن أمله في أن "تسفر الانتخابات المقبلة عن مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير.. أعضاء مجلس أمة يستفيدون من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة، وينهضون بمسؤولياتهم الوطنية".عزوف جزئيويقول ناصر العبدلي المحلل السياسي، إنّ هذه الانتخابات تأتي "في أجواء أكثر توازنًا بين الأطراف المتصارعة، سواء داخل الأسرة الحاكمة أو خارجها، ومخرجاتها ستكون أكثر توازنًا بين المؤيدين للحكومة والمعارضين".وتوقع العبدلي أن يكون هناك "عزوف جزئيّ" من الناخبين، بسبب شهر رمضان وكثرة الانتخابات، "وخيبة أمل المواطنين من الانتخابات السابقة".وقال العبدلي "مشكلة الديمقراطية في الكويت أنها غير منظمة.. نحن بحاجة لتنظيمات سياسية حتى يكون هناك برامج. هذه المرة (الحملات الانتخابية) غابت عنها البرامج السياسية وغلبت عليها تصفية الحسابات بين الفرقاء السياسيّين من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها".وتحظر الكويت الأحزاب السياسية، لكنّ البرلمان يتمتع بصلاحيات كبيرة مقارنة بباقي دول الخليج، منها الحق في استجواب رئيس الوزراء والوزراء، وإقرار القوانين ورفضها وإلغائها. لكنّ الأمير له الكلمة الفصل في شؤون البلاد، وله صلاحية حل البرلمان.أزمات متتاليةوتعيش الكويت أزمات متتالية بسبب الصراع بين الحكومة التي يعيّنها أمير البلاد، والبرلمان المنتخب انتخابًا مباشرًا من الشعب، الأمر الذي أعاق الإصلاحات الاقتصادية والمالية في البلد الغنيّ بالنفط.وقال عبد العزيز العنجري المؤسس والرئيس التنفيذيّ لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، إنّ "العهد الجديد يركز أكثر على سرعة إنفاذ التغيير بدلًا من المماطلة والتفاوض (مع المعارضة) أو ما يسمى جماعات شعبية".وأضاف، "إنه يركز على المضيّ قدُمًا في أمور يراها ضرورية، بدلًا من هدر الوقت في المماطلة، ولعب البنغ بونغ مع البرلمان، في أمور حسمها الدستور بالفصل بين السلطات".وأشار العنجري إلى أنه "لن يكون هناك تسامح مع أيّ تصرفات نيابية ترى السلطة أنها تمثل تجاوزًا واضحًا لمبدأ الفصل بين السلطات، وبالمقابل لن يكون هناك تسامح مع أيّ مسؤول حكوميّ يتورط في الفساد أو سوء الإدارة المتعمّد".وحظيت قضية اختيار وليّ العهد القادم، بجانب من النقاش العام خلال الحملات الانتخابية، حيث تنتظر الكويت تعيين الأمير لوليّ عهده خلال العام الحالي طبقًا للدستور، ولا بدّ أن يحظى وليّ العهد بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان.وحول أجواء الانتخابات قال العنجري: "الحملات الانتخابية تتّسم بالبرود الشديد. المعارضة ليس لديها عدو واضح تهاجمه. ليس هناك قضية موضع إجماع شعبيّ عارم. كما أنّ عدم فهم الشارع والمرشحين لتوجهات العهد الجديد، يجعل الجميع حذرًا في ما يقول وما لا يقول".وأكد العنجري حاجة الكويت "إلى برلمان نوعيّ وحكومة ذات كفاءة، يمثلان أجنحة صالحة للمضيّ قدُمًا بالكويت نحو التنمية والتقدم والابتعاد عن المعارك الصغيرة".(وكالات)