في الأسابيع الأخيرة، هاجم "الحوثيون" السفن التجارية في مضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر بشكل عشوائي، على أمل وقف تدفّق البضائع إلى إسرائيل ورفع أسعار التجارة المنقولة بحراً للدول التي تدعمها. وتقع اليمن على منعطف حساس بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، ما يسهّل هذه الحملة.على وجه التحديد، ولمرة واحدة على الأقل، أطلق "الحوثيون" صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن من نوع (ASBM)، وهو صاروخ لا تمتلكه ظاهرياً سوى جيش التحرير الشعبي الصيني، حسب مقال في صحيفة "ناشيونال انترست".في 3 ديسمبر، أفادت القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على العمليات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، أن "الحوثيين" أطلقوا صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن باتجاه سفينة الشحن "يونيتي إكسبلورر" المملوكة للمملكة المتحدة والتي ترفع علم جزر البهاما. وأكدت صحيفة "الإيكونوميست" أن الهجوم تم بصواريخ باليستية. دون التقليل من القدرات العلمية والتقنية لـ"الحوثيين"، لكن من السذاجة الاعتقاد بأن مجموعة مدعومة من إيران، قد أتقنت التكنولوجيا التي لا يمتلكها سوى المهندسون الصينيون. هل تعمل بكين على نشر تكنولوجيا الصواريخ في البحر الأحمر؟ ويقول كاتب المقال الخبير في الاستراتيجية العسكرية البحرية جيمس هولمز إن:الصين ليست طرفا في نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ (MTCR)، وهي الهيئة غير الرسمية لمنع انتشار الصواريخ الموجهة التي يمكن استخدامها لإيصال حمولات غير تقليدية أو تقليدية. ولكنها تقدمت بطلب للحصول على عضوية نظام مراقبة تكنولوجيا القذائف ووافقت على تطبيق المبادئ التوجيهية للنظام بشأن وقف انتشار الأسلحة النووية في حين يظل طلب العضوية قيد المراجعة.خلال العقود التأسيسية لجمهورية الصين الشعبية، كانت ضرورة انتشار الأسلحة محفورة في الثقافة المؤسسية لجيش التحرير الشعبي. وكان لدى القوات المسلحة كل الحوافز لتسليح الآخرين مقابل المال. كان عليهم أن يجمعوا الكثير من المال في ظل الضائقة المالية التي كانت تجتاحها. واستمر ذلك خلال سنوات ما بعد الحرب الباردة.إن قيام قادة جيش التحرير الشعبي، من تلقاء أنفسهم، بنقل نظام أسلحة بهذه الفعالية إلى إيران، حيث قد يجد طريقه إلى ترسانات "الحوثيين" أو "حماس" أو "حزب الله"، يبدو أمراً مبالغاً فيه.هناك منطق استراتيجي سليم وراء انتشار الصواريخ البالستية المضادة للقذائف حول المحيط الأوراسي، على الرغم من أن رد الفعل السلبي الناجم عن وضع هذه التكنولوجيا الجديدة في أيدي لا يمكن التنبؤ بها قد يكون خطيراً.ويوضح هولمز أنه خلال الحرب العالمية الثانية، قام خبير الجغرافيا السياسية نيكولاس سبيكمان، بتصوير "قلب" أوراسيا على أنها مفتاح السياسة العالمية و"الأراضي الحدودية" التي تفصل قلب الأرض عن البحر باعتبارها منطقة عابرة للمحيطات بوابة الهيمنة لبسط النفوذ في القارة الأوراسية العملاقة. ووفقا للخبير الأميركي فيمكن لبريطانيا العظمى في أوج مجدها الإمبراطوري، أو لأميركا في مرحلة ما بعد الحرب، أن تناور حول المحيط الأوراسي، وتحدد الأجندة السياسية والاستراتيجية من البحر. ولكن كما أشار سبيكمان، فإن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تمكنت البحرية الملكية أو البحرية الأميركية من الوصول إلى المناطق الحدودية. ولن تتمكن البحرية المهيمنة من السيطرة على الأحداث ما لم تسيطر على "البحار الهامشية" المحيطة بالمحيط من المدافعين المحليين. ويضيف هولمز أن الاستراتيجيات التي تهدف إلى درء القوات البحرية الغربية المهيمنة لها معنى كبير بالنسبة لبكين، أو طهران، أو موسكو اليوم، لكن "يظل من الصعب أن نفهم لماذا يتعمد أي منافس عاقل تصدير التكنولوجيا التي يمكن أن تنقلب ضده. فالتحالفات والائتلافات والشراكات قابلة للانتهاء، في حين أن الأسلحة باقية ومشهد اشتباك القوات المسلحة المجهزة بالأسلحة السوفياتية في أوكرانيا دليل على ذلك. إن نشر الصواريخ الباليستية المضادة للسفن سيكون مسعى محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للصين". (ترجمات)