نجت ماري لين سمادجة من 3 هجمات منذ استقرّت في إسرائيل، لكن هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر زعزع للمرة الأولى ثقتها بأنها تحظى بالحماية في دولة قامت على أساس ضمان أمن مواطنيها.تقول الإسرائيلية الفرنسية التي وصلت إلى الدولة العبرية قبل أكثر من 40 عاما: "مهما فعلنا، في 7 أكتوبر، خسرت إسرائيل. خسرنا الثقة. ارتكبت إسرائيل خطأ هائلا.. على صعيد الأمن والاستخبارات والجيش"، مضيفة "إنني خائفة". التقت وكالة فرانس برس سمادجة التي أسّست جمعية "نساء يصنعن السلام" النسائية من ديانات مختلفة، في ساحة بوسط تل أبيب باتت تعرف بـ"ساحة الأسرى"، إذ تُشكّل مقرا لعائلات الذين خطفوا خلال هجوم حركة "حماس" وما زالوا محتجزين في قطاع غزة. وتشهد إسرائيل تظاهرات كل أسبوع للمطالبة بإطلاق سراحهم. ولا تزال إسرائيل تمثّل ملاذا للكثير من اليهود في العالم منذ أعلن ديفيد بن غوريون في 14 مايو 1948 "قيام دولة يهودية على أرض إسرائيل" في أعقاب المحرقة التي قضى فيها 6 ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية. الدولة "تخلّت عنهم"تعتبر عائلات الأسرى أن الدولة "تخلت عنهم". وقالت كارميت بالتي كاتزير، وهي شقيقة أحد الأسرى المحتجزين في قطاع غزة وابنة أسيرة أطلق سراحها خلال هدنة استمرت أسبوعا في نهاية نوفمبر الماضي، إن ما هو على المحكّ اليوم هو "العقد بين المواطنين وبلدهم". وأوضحت على هامش تظاهرات "بموجب هذا العقد، نخدم في الجيش، نعمل، نطور المناطق التي بقيت خلاء، نربّي أطفالنا قرب الحدود (مع قطاع غزة).. في المقابل، تضمن لنا الدولة الأمان والحياة. في 7 أكتوبر، فُسخ هذا العقد". وأطلقت جمعية عائلات الرهائن شعارا "إن أنقذناهم، أنقذنا دولة إسرائيل". وتم تحرير أسيرين خلال عملية نفذها الجيش الإسرائيلي ليل الأحد الاثنين في رفح في أقصى جنوب قطاع غزة. وبذلك يبقى 130 أسيرا محتجزين في قطاع غزة، بينهم 29 يُعتقد أنهم قُتلوا بحسب إسرائيل، من أصل نحو 250 أسيرا خُطفوا خلال هجوم "حماس" واقتيدوا إلى غزة.وسمحت الهدنة في نوفمبر 2023 بالإفراج عن 105 منهم في مقابل إطلاق سراح 240 معتقلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية. وتجري محادثات منذ أسابيع بوساطة قطرية ومصرية سعيا للتوصل إلى هدنة جديدة بين إسرائيل و"حماس" لمدة 6 أسابيع تتضمن إطلاق سراح أسرى في مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين، بحسب ما أفاد مسؤولون في الحركة.غير أن المفاوضات لا تزال بعيدة من تحقيق هدفها على ما يبدو. وفي هذه الأثناء، يبقى مصير الأسرى هاجس المجتمع الإسرائيلي. وأسفر الهجوم الذي شنته "حماس" في 7 أكتوبر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا معظمهم مدنيّون، حسب حصيلة أعدّتها وكالة "أ ف ب" استنادا إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة. وردّت إسرائيل متوعدة حماس بـ"القضاء" عليها، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مكثّف أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع، ما أسفر عن مقتل 28340 شخصًا على الأقلّ غالبيّتهم نساء وأطفال، حسب حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لحماس. وأعلن الجيش الإسرائيلي العثور على وثائق تشير إلى "أعوام من التحضير" للمقاتلين الفلسطينيين بدون أن تعلم بذلك أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية رغم أنها كانت تعتبر حتى الآن من الأفضل في العالم. "منعطف"ورأت نيتزام بيريلمان التي تعدّ أطروحة دكتوراه في علم الاجتماع السياسي في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، أن ثمة عناصر أخرى "لطّخت صورة الدولة برأي المجتمع"، ذاكرة منها "عجز الجيش على التحرك" و"عدم تمكن هيئات رسمية عدة من تقديم الخدمات للمواطنين" بعد الهجوم، معتبرة أن ذلك يمثل "منعطفا كبيرا". وبهذا الصدد، تشير دراسة إلى أن الدولة "تخلّت ماليا" عن البلدات الواقعة عند مشارف قطاع غزة، وهي المنطقة التي استهدفها هجوم "حماس" وشهدت قتل كثيرين في كيبوتسات ومهرجان لموسيقى التكنو. وأفادت مجموعة "أدفا" الإسرائيلية للأبحاث حول التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أعدّت الدراسة، أن الميزانية التي خصصتها الحكومة لهذه البلدات تراجعت بعد الانتخابات التشريعية في العام 2022 التي أعادت نتانياهو إلى السلطة. وانخفضت المخصصات المالية للتنمية والأمن في هذه البلدات المستهدفة منذ أعوام بعمليات إطلاق صواريخ من قطاع غزة، من 137.8 مليون شيكل (نحو 35 مليون يورو) عام 2022 إلى 99 مليون شيكل (25 مليون يورو) لفترة 2023-2024. وقالت سمادجة: "هذه العائلات تخلّت عن حياة أكثر سهولة في أماكن أخرى حبا لإسرائيل. أطفالهن لا يعرفون سوى إطلاق الصواريخ، ونوعين من الإنذارات +الروتيني/العاجل+ أو +زخة من الصواريخ+ " مضيفة "كنا نقول عن هذه العائلات إنها تملك قدرة كبيرة على الصمود. غير أنها اليوم لم تعد تريد أن تسمع هذه الكلمة". لكنها أكدت أن "القصة لم تنته. يجب أولا عودة الرهائن.. والحسابات تأتي لاحقا". (أ ف ب)