في ظل الهوة الواسعة بين الكيفية التي ينظر فيها الإسرائيليون إلى الحرب في غزة وبين نظرة العالم إليها، فقد لجأ قادة إسرائيل إلى تبني خطاب مختلف عندما يخاطبون الجمهورين حول الكيفية التي قد تدار بها حملتها العسكرية ضد "حماس" على مدى العام المقبل. بدأ المسؤولون الإسرائيليون في إخبار وسائل الإعلام الدولية أن قواتهم تنتقل إلى مرحلة أقل كثافة من العمليات، خاصة في شمال غزة، وسط قلق دولي من حجم الدمار والخسائر في صفوف المدنيين في القطاع، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز". لكن بعد هذه الأنباء، سعى القادة الإسرائيليون إلى طمأنة الجمهور الإسرائيلي بأنهم لا يزالون ملتزمين بحرب طويلة الأمد في غزة لتدمير "حماس"، حتى لو تغيرت التكتيكات العسكرية. كسب الجمهورَينيقول المحللون إن الرسائل ليست متعارضة، ويمكن أن تنحسر وتيرة الحرب من دون انتهاء الصراع. لكنهم يقولون أيضا إن الخطاب المختلف يعكس جهود الحكومة الإسرائيلية لاسترضاء الجمهور الدولي على المدى القصير، من أجل تحقيق أهدافها على المدى الطويل. وفي الداخل، يتعين على الحكومة أن تستجيب أمام السكان الذين أصيبوا بصدمة نفسية بسبب الهجوم الذي شنته "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر. ولكن للقيام بذلك، يجب على إسرائيل أن تحتفظ بمستوى معين من الشرعية الدولية، خاصة إذا كانت تريد الحفاظ على دعم داعمها الأساسي من الولايات المتحدة، حيث زار كبير الدبلوماسيين الأميركيين، أنتوني بلينكن، إسرائيل يوم الثلاثاء وسط ضغوط متزايدة على إدارة بايدن للضغط من أجل وقف إطلاق النار. وبحسب "نيويورك تايمز" سوف يصبح هذا الأمر أكثر صعوبة يوم الخميس، عندما تستمع محكمة العدل الدولية إلى الاتهامات التي وجهتها جنوب إفريقيا، بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وقد تؤدي جلسة الاستماع إلى أن تأمر المحكمة إسرائيل بتعليق حملتها، وهي لفتة رمزية إلى حد كبير قد تتجاهلها إسرائيل، ولكنها تؤدي إلى مزيد من الضرر في سمعتها. وقال القنصل العام الإسرائيلي السابق في نيويورك ألون بنكاس إن التيار السائد في إسرائيل لا يريد أن يسمع أن الحرب تقترب من نهايتها بينما تظل "حماس" نشطة في معظم أنحاء غزة. مشيرا إلى أن الإسرائيليين "يفهمون أنه لم يتم تحقيق سوى القليل جداً، حيث كان الهدف هو القضاء على "حماس" أو استئصالها، أو طمسها أو إبادتها أو الإطاحة بها".تضارب التصريحات وكانت التصريحات الإسرائيلية مزدوجة، ففي حين قال المتحدث العسكري الإسرائيلي دانييل هاغاري إن الحرب دخلت مرحلة جديدة، مع قيام إسرائيل بسحب قواتها، مع التركيز على جنوب قطاع غزة، وانخفاض عدد الغارات الجوية، قال وزير الدفاع يوآف غالانت لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن إسرائيل ستنتقل قريبًا من "المناورة المكثفة" إلى "أنواع مختلفة من العمليات الخاصة".كما يبدو أن التعليقات التي تم إرسالها إلى وسائل الإعلام الدولية كانت بمثابة محاولة للاستجابة لدعوات الولايات المتحدة لتخفيف القتال، وجاءت قبل ساعات من وصول بلينكن إلى تل أبيب لإجراء مناقشات حول الحرب، فيما وتتعرض إدارة بايدن لضغوط لتقليص دعمها لإسرائيل، وقد دعا بلينكن إسرائيل إلى استخدام المزيد من الدقة في ضرباتها على غزة. وأشار أحد المعلقين العسكريين، الذي يكتب في صحيفة "يسرائيل هيوم" اليومية اليمينية، إلى هذا التناقض. وكتب يوآف ليمور: "لقد حبست الحكومة الإسرائيلية نفسها في التزامات متضاربة: الالتزامات التي قطعتها على نفسها أمام الجمهور الإسرائيلي، قائلة إنه لن يكون هناك حد زمني وأن الحرب ستستمر طالما كان ذلك ضروريا حتى النصر، والالتزامات التي تعهدت بها للعالم، وفي المقام الأول للإدارة في واشنطن، قائلة إن الحرب تنتقل الآن إلى مرحلة جديدة أقل حدة من الحرب. فبينما يرغب أغلبية من الإسرائيليين في تدمير "حماس" في أعقاب هجومها الذي أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 1200 شخص، تحول الرأي العام الدولي ضد إسرائيل. (ترجمات)