قبل أيام قليلة على انطلاق موسم الحج، تحاول إيران وبعض الجماعات والقوى التابعة لها استغلال موسم الحج سياسيًا، والدعوة إلى رفع شعارات سياسية تحت ما يسمى "التضامن مع غزّة"، وهو ما حذّرت منه المملكة العربية السعودية.والأربعاء الماضي، أعلن المرشد الإيراني علي خامنئي، أنّ موسم الحج هذا العام هو "حج البراءة". وقال في لقاء مع مجموعة أسماها "وكلاء وحجاج الحج": "حجنا هذا العام هو حج البراءة حسب تعاليم سيدنا إبراهيم، حج هذا العام هو حج البراءة بشكل خاص".وأضاف المرشد في كلمته: "الحجّ هذا العام هو حجّ البراءة؛ البراءة من الوجه المتعطش للدماء، المنبثق من الحضارة الغربيّة، الذي سطّر الجرائم في غزّة". وتابع: "فلسفة الدعوة الإلهية لجميع الناس للحضور في مكان محدد وفي أيام محددة هي من أجل تعرّف المسلمين إلى بعضهم بعضاً والتفكير معاً واتخاذ قرارات مشتركة، حتى تعود نتائج الحج المباركة والعينية على العالم الإسلامي والإنسانية جمعاء، إذْ يُعاني العالم الإسلامي الآن من فجوة كبيرة في مجال اتخاذ القرارات المشتركة". واعتبر المحللون والمراقبون هذه دعوة واضحة لتسييس الحج، وهو ما قد يهدد سلامة وأمن الحجاج."نوايا تخريبية"ويقول المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي إن دعوات "تثوير موسم الحج واختطافه عن مغزاه واستغلاله في ترويج شعارات سياسية وحسابات حزبية ضيقة قصيرة النظر لا صلة لها بقدسية الفريضة، دليل على أطماع سياسية ونوايا تخريبية دأب مرشد الثورة في طهران على إطلاقها لغوغاء العرب ليدفعهم للاصطدام بالأمن السعودي".وأضاف آل عاتي في حديثه مع منصة "المشهد" أنّ "هؤلاء الغوغاء الثوريين لا يترددون في توظيف الحج لأجندتهم السياسية والمذهبية، غير مبالين بتعكير صفو هذه المناسبة الدينية العظيمة".وأكد أن السعودية ترفض وتمنع وتقف ضد كل من يسعى لتصدير أزماته إلى موسم الحج، فتلك الممارسات إساءة لشعائر الدين الحنيف ومساس مباشر بأمن الحج والحجاج.في المقابل، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران حسين رويران، إنه منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران توجد تفسيرات مختلفة لموسم الحج لدى النظام الحاكم والمسؤولين.وذكر رويران في تصريحات لـ"المشهد" أنّ المرشد الإيراني "يعتقد أنّ موسم الحج هو من مظاهر اجتماع المسلمين ووحدتهم ووحدة كلمتهم، ولمناقشة القضايا والشؤون الإسلامية". وأوضح أنّ "حج البراءة يعني براءة المسلمين من أميركا وإسرائيل".ولفت إلى أن السعودية تفصل وتبعد الدين عن السياسة، بينما إيران تعتبر السياسة جزء من الدين وبالتالي السياسة جزء من الحج."الحج ليس للشعارات السياسية"وكان وزير الحج السعودي توفيق الربيعة، أكدّ الجمعة أنّ الحج للعبادة وليس للشعارات السياسية، وقال: "الحج معروف وهو للعبادة ونحرص على الطمأنينة والخشوع وأن يؤدي الجميع مناسكهم بكل أريحية".وأضاف الربيعة: "لذلك الحج هو للعبادة وليس لأيّ شعارات سياسية وهذا ما تعمل عليه قيادة المملكة على أن يكون الحج فعلًا بأعلى مظاهر الخشوع والطمأنينة والروحانية".جاءت تصريحات المرشد المثيرة للجدل بعد أسبوع من بيان زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، والذي لقيّ استهجانًا واسعًا بسبب دعوته لاستخدام الحج سياسيًا تحت دعوى "نصرة غزّة".وقال الصدر في بيانه: "قال الله في القرآن – ليشهدوا منافع لهم - والمراد من المنافع العامة هي مصالح المؤمنين والمسلمين ووحدة صفهم وقوتهم. وأوضح مثال للمصالح العامة في يومنا هذا وحالنا هذا هو نصرة غزة هاشم". "خط أحمر"وأكد آل عاتي أنّ الدعوات المتكررة والتوظيف الطائفي لهذه الفريضة جعل المملكة العربية السعودية ومن أعلى سلطة فيها "تعلن تأهب أجهزتها وسلطاتها الأمنية والعسكرية واستنفارها بحزم لا يلين لقطع يد كل من يفكر في تعكير أمن الحج والحجاج وهو ما جرت العادة عليه كل عام". وقال: "الحج الذي بذلت فيه السعودية المليارات للتسهيل على المسلمين هو شعيرة محدودة الزمان ومحددة المكان، والحجاج توافدوا من كل فج عميق لطلب المغفرة وأداء المناسك بسكينة وطمأنينة".بدوره، أكد مدير الأمن العام السعودي الفريق محمد البسامي، أنّ أمن الحج والحجاج "خط أحمر". وأضاف: "سنتعامل بكل حزم وقوة مع كل من يحاول التأثير على أمن وسلامة ضيوف الرحمن". وكانت العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية انقطعت عام 2016 بعد أن أعدمت الرياض الشيعي السعودي نمر النمر، واقتحم إيرانيون غاضبون كانوا يحتجون على الإعدام مقر بعثتين دبلوماسيتين سعوديتين في إيران؛ وفي العام الماضي، أعادت وساطة صينية العلاقات بينهما.يُشار إلى أنّ مناسك الحج لهذا العام تنطلق الجمعة 14 يونيو، حيث يكون الوقوف بعرفة يوم السبت الموافق 15 يونيو الجاري.وبحسب وزارة الحج، فإن ما يقارب 1.2 مليون حاج من مختلف دول العالم وصلوا بالفعل إلى أراضي المملكة استعدادًا لأداء المناسك حتى يوم الخميس.(المشهد)