شكّل هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، ضربة موجعة للحكومة الإسرائيلية خصوصًا وأنها كانت تتباهى على مرّ الأعوام الماضية أنها الدولة الأكثر أمنًا إلكترونيًا في المنطقة والعالم.وبعد اندلاع الحرب على غزة، ذكرت تقارير إسرائيلية أن "حماس" نفّذت هجومًا إلكترونيًا على المؤسسات الإسرائيلية باستخدام "برمجية خبيثة" تستطيع محو أنظمة الحواسيب، وأطلق عليها اسم "بيبي لينكس".وأواخر أكتوبر الماضي، اتهمت تل أبيب "حماس" بتطوير منظمة تشويش إلكتروني بهدف تعطيل القبة الحديدية وهو ما أكده خبراء بعد أن تساقطت صواريخ الحركة في مختلف المدن الإسرائيلية المستهدفة.هل يؤثر الهجوم الإلكتروني على مؤسسات إسرائيل؟وفي هذا السياق، قال خبير الأمن السيبراني الأردني والجرائم الإلكترونية العميد المتقاعد سهم الجمل، في تصريح لمنصة "المشهد" إن الهجوم الإلكتروني والذي ادعت تقارير إسرائيلية بقيام "حماس" بتنفيذه باستخدام "برمجية خبيثة" تدعى "بيبي لينكس" قد يكون من خلال متخصصين تابعين للحركة أو تم تنفيذه من قبل خبراء متعاطفين مع قطاع غزة.وأضاف أنه لم يتم الإفصاح عن حجم الخسائر الناجمة عن ذلك الهجوم أو طبيعة الأهداف التي تم استهدافها.وأكد الجمل أن شركات متخصصة بالأمن السيبراني تحدثت عن أن البرمجية المذكورة تحمل سمات وصفات تشبه لحد كبير "فيروس شمعون" الذي طورته إسرائيل والولايات المتحدة لمهاجمة إيران قبل عقد من الزمان.وتساءل الخبير السيراني: "فهل يكون السحر قد انقلب على الساحر خصوصًا ولم يتبنَّ أحد ذلك الهجوم؟ أو أنها تصريحات لتعزيز دور الضحية؟".وتابع: "تناقلت تقارير إخبارية عالمية أنّ الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها المواقع الإسرائيلية الإلكترونية تسمّى بهجمات إنكار أو تعطيل الخدمة وحجب هذه الخدمات والمواقع عن الجمهور".ولفت الجميل إلى أن هذه الهجمات عادة لا تسبب أضرارًا كبيرة بالمعنى التقليدي، مبينًا أن "البنى التحتية الحرجة" والتي تهتم الدول بحمايتها تسعى إلى أن تكون آمنة بالطرق والسبل كافة، وبحيث تكون في منأى عن الاختراق والهجوم الإلكتروني.تشويش على القبة الحديديةوبعد أن أقرّ العديد من المختصين الغربيين والإسرائيليين أن القبة الحديدية تواجه صعوبات في اعتراض صواريخ "حماس"، ومن هنا قال الجمل: "قد ندخل من باب الاحتمالات إذا قلنا إن القبة الحديدية التي تتغنى إسرائيل بها قد تعرضت لتشويش إلكتروني قد يحدّ من قدراتها".وفي هذا السباق، أضاف الخبير السيبراني: "إذا علمنا أن القبة الحديدية هي منظومة دفاع جوي متقدمة تستخدم للتصدي للصواريخ، وتعتمد على تقنية متطورة ومتقدمة منها رادارات متطورة وصواريخ موجهة بصريًا لاعتراض وتدمير الأهداف".وتابع: "مما لا شك فيه بأن ما يعتمد على التقنيات المتعلقة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يمكن اختراقه والتشويش عليه".وفي هذا السياق، أكد الجمل أن الجواب هو "ربما بكلا الاحتمالين. نعم ولا".وأضاف أن ذلك يأتي "للعديد من العوامل، ومن أهمها العوامل الفنية المرتبطه بالبنية التحتية، وتقنية المعلومات والاتصالات التي تملكها "حماس"، وتضمن قدرتها على القيام بالتشويش على القبة الحديدية وأنظمتها".والعوامل الفنية هي التي تساءل عنها الجمل بأن "ارتباط غزة بالإنترنت العالمي هل هو بشكل مباشر أو من خلال بوابات موجودة في دول الجوار؟".واعتبر أنه بالتالي، فإن التحكم بحجم وكمية وسرعة ونوع استخدام الإنترنت والبيانات من وإلى قطاع غزة يكون مراقبًا.وإن كان للهجمات الإلكترونية القدرة في تعطيل القبة الحديدية بشكل كامل أو جزئي، أجاب الجمل بـ"نعم"، مبينًا أن ذلك مشروطًا بـ"توافر الإمكانات الفنية للهجوم الإلكتروني ومهاجميه بمهارات متميزة ومدى قدرة وقوة وضعف الحماية لأنظمة القبة الحديدية لصد الهجمات".وقال: "كلما انخفضت القدرة والقوة، زادت احتمالات التعرض لهجوم إلكتروني".هل فشل نظام "سكوربيوس"؟وفي أواخر عام 2021، كشفت مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية عن منظومة "سكوربيوس" التي يمكنها مكافحة مجموعة من التهديدات بما في ذلك الطائرات المسيّرة والصواريخ وأنظمة الرادار، إلا أن هذه المنظومة يبدو أنها لم تعمل منذ نحو شهر، وهو ما أعطى فرصة لمقاتلي "حماس" للولوج إلى ما بعد الجدار العازل الذي يحيط بغلاف غزة.وقال الجمل إن نظام رادار "سكوربيوس" الأحدث تقنيًا على مستوى العالم هو من مكونات القبة الحديدية الإسرائيلية.وأضاف أن فشل النظام يعود "للذكاء والدهاء التقني الذي استخدمته "حماس" باستغلال عدم كمال النظام من حيث إنه يتعامل مع الأجهزة والمعدات التي تستخدم المجالات الكهرومغناطيسية وضمن ارتفاعات محدّدة وهو ما يحد من قدراته بالتعامل مع طائرات الدرون أو الطائرات الموجّهة والتي استخدمتها الحركة الفلسطينية للهجوم".وأوضح الجمل أن هذه الطائرات "نجح بعضها في تدمير مراكز اتصال في محيط غزة ما شكل سلبًا على أداء القبة الحديدية وخصوصًا إذا كانت نقاط الاتصال تلك جزءًا من مكون القبة سواء بشكل رئيسي أو فرعي".وكما قيل "من مأمنه يؤتى الحذر"، شدد الجميل على أن إسرائيل قامت "ببناء منظومة للتشويش على طائرات الدرون في الشمال تحسبًا لهجمات حزب الله، وما قد يأتي من الحدود الشمالية، ولم يخطر لها بالا أو يكن في حسبانها أن تملك "حماس" في غزة المحاصرة تلك التكنولوجيا والتقنية والتي لعبت دورًا أساسيًا في 7 أكتوبر".ما هي قدرات "حماس" السيبرانية؟وإن كانت إسرائيل ستقوم بتركيب منظومة تشويش على الطائرات المسيّرة في الشريط المحاذي لغزة، قال الجمل إنه لا بد من الإشارة أن المخاطرة بتركيب تلك المنظومة سيؤثر أيضًا على الأجهزة والمعدات التي تتعامل أو تستخدم تقنيات (GPS) وهي مغامرة يجب أن تُدرس بعناية.عمدت إسرائيل لقطع الإنترنت عن غزة لأسباب عدة، وهو ما اعتبر الجمل أن أهمها بلا استثناء هو الحد من القدرات السيبرانية لحركة "حماس".وأضاف الخبير السيبراني "من وجهة نظري الشخصي، هي القدرات التي لا تعلم عنها إسرائيل شيئًا، ويقتصر تعامل جيشها معها بالاعتماد على نظريات التنبؤ والاستنتاج والاحتمالات".وأكد أنه يغض النظر عن حجم الخسائر والأضرار التي لحقت أو قد تلحق بإسرائيل نتيجة الهجمات الإلكترونية، فإنً هناك جانبًا لا يمكن لأحد إنكاره وهو ضياع مفهوم الدولة القوية وخسارة السمعة التكنولوجية لإسرائيل خصوصًا بعد السمعة السيئة القوية لبرنامج "بيغاسوس".وأوضح أن الحرب الأخيرة في غزة، كشفت عن أن هناك لاعبين آخرين مهمين في الساحة السيبرانية حتى وإن كانوا من ذوي الإمكانيات المحدودة.(المشهد)