ماذا لو اغتالت إسرائيل حسن نصر الله؟، طرح السؤال بحدّ ذاته يخلق نوعًا من الغموض والرّهبة، خصوصًا وأنّ الشخصيّة المعنيّة، أي الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، ليست عابرة في بيئتها ولدى أخصامها ويمكن القول حتّى على الصعيد الإقليمي. ولا شكّ بأن عنوان التّقرير قد دفعك للدخول إليه بحثًا عن جواب لهذا السؤال الذي يبقى افتراضيًا بالطّبع حتى ساعة الصفر. ولنكن موضوعيّين لدى قراءتنا لهذا المقال، فإما أنت من القلقين على مصير حسن نصر الله، أو من الذين يريدون التأكد من إمكانية تنفيذ إسرائيل لتهديدها وهذه فرضية مطروحة، أو من الذين يشككون بحصول هذه الواقعة لاعتبارهم أنّ إسرائيل لو علمت فعلًا بمكان نصر الله لكانت قد نفذت المهمّة في لحظتها وتخلّصت منه. اغتيال حسن نصر الله مطروح منذ 20 عامًابداية فرضيّة اغتيال حسن نصر الله مطروحة منذ أكثر 20 عامًا، والحزب يعلم جيدًا أنّ هذا السيناريو قد يحصل في أيّ لحظة، لذلك يأخذ الاحتياطات الأساسيّة المشدّدة لمنع إسرائيل من ذلك، لكن في حال حصل الاغتيال ما الخطوة التالية. فعليًا ليست المرّة الأولى التي قد يُغتال فيها الأمين العام لـ"حزب الله" أو يتعرّض فيها لمحاولة اغتيال، فالأمين العام السابق عباس الموسوي اغتالته إسرائيل في العام 1992، وأدى ذلك إلى اعتلاء حسن نصر الله قيادة "حزب الله" حتى اليوم. والحزب الذي يقاتل إسرائيل دومًا، يدرك جيّدًا أنّ عليه أن يكون جاهزا لكل الاحتمالات، وتحضير شخصية من صفوفه لتكون هي الرقم الأول، في حال تمكنت إسرائيل من خرق أمنه واستهداف رأس الهرم فيه.وعلى الرّغم من اندراج التّهديد الإسرائيلي بمعرفة موقع حسن نصر الله وقدرتها على اغتياله في إطار الحسابات الردعية، لكنّ الحزب يأخذ ذلك على محمل الجدّ منذ زمن طويل. وفي هذا الإطار يقول الكاتب والصحفيّ في جريدة "النهار" إبراهيم بيرم، إنّ تحديد الشخصيّة التي ستخلف حسن نصر الله في حال طاله أيّ سوء، لا يملك "حزب الله" جوابًا حاسمًا بشأنه، لكن فعليًا هو يقوم بتحضير شخصية لهذه المهمة. ويشرح لمنصّة "المشهد"، أنّ "سؤال "من سيخلف حسن نصر الله؟"، طُرح عليه منذ 20 عامًا من قبل جهة أمنيّة أميركيّة، وهو سؤال مطروح من قبل الجهات الإقليميّة والعالميّة المهتمّة بملف الشرق الأوسط، خصوصًا وأنّ سجل حسن نصر الله في "حزب الله" مليء بالإنجازات على الصعيد اللبنانيّ وفي المنطقة". وعن خليفة حسن نصر الله يوضح الصحفيّ اللبنانيّ المقرّب من "حزب الله"، أنّ "حزب الله دومًا يجهّز شخصيّة لتحلّ مكان الأمين العام في حال طاله أيّ سوء من قِبل إسرائيل أو أيّ جهة أخرى، كما حصل في الماضي، عند اغتيال عباس الموسوي".من يخلف حسن نصر الله؟نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسمويشرح بيرم أنه ليس بالضرورة أن تكون الشخصيّة القياديّة الثانية في "حزب الله"، هي المرشّحة فقط إلى هذا المنصب. ويوضح أنه "قبل اغتيال عباس الموسوي كان الاسم المطروح لخلافته نائبه الشيخ نعيم قاسم، لكنّ ذلك لم يحصل، إذ فجأة اختارت القيادة أن يحلّ حسن نصر الله في منصب الأمين العام".واليوم فعليًا الاسم المطروح لخلافة حسن نصر الله هو نائبه الشيخ نعيم قاسم، لكنّ الاسم المتداول في أروقة الحزب، هو اسم رئيس هيئته التنفيذيّة هاشم صفيّ الدين بحسب بيرم، الذي يشرح أنّ "صفيّ الدين شخصيّة برزت منذ 20 عامًا وتربطه علاقة عائليّة وحزبية بحسن نصر الله، وهو متكلّم وقياديّ صارم، وهو الشخص الثاني على الأرض في الأمور التنفيذية والعملانية، وأظنّ أنه المؤهّل لخلافة حسن نصر الله".رئيس الهيئة التنفيذيّة في "حزب الله" هاشم صفيّ الدينكيف سيكون الردّ على اغتيال حسن نصر الله؟هذا على صعيد خلافة حسن نصر الله في الأمانة العامة لـ"حزب الله" في حال نفذت إسرائيل تهديدها واغتالته، لكن كيف سيردّ الحزب على هذا الاغتيال في حال حصل؟لا شكّ بأنّ أيّ متابع لملفّ الصراع بين "حزب الله" وإسرائيل، يعلم أنّ الحدث بحدّ ذاته هو إعلان حرب، إذ تعلم كيف ستبدأ الحرب لكنك لا تعرف كيف ستنتهي. وفي هذا الصدد، يشرح العميد المتقاعد والباحث في الشؤون الاستراتيجيّة ومكافحة الإرهاب هشام جابر، النتائج التي ستترتّب عن اتخاذ إسرائيل قرار استهداف الأمين العامّ لـ"حزب الله"، قائلًا إنّ "اغتيال نصرالله هو خطّ أحمر وبمثابة إعلان حرب بحسب تصوّري، وإسرائيل تدرك ذلك جيدّا". وحاول العميد المتقاعد اختيار الكلمات المناسبة لتوصيف ما قد يحصل فور إعلان اغتيال نصر الله، مع استبعاده قيام إسرائيل بذلك بسبب ثمنه الباهظ عليها. وقال إنّ "حزب الله منظّم بشكل كبير وجاهز للقيام بالردّ المناسب، والردّ سيكون بحسب رأيي قاسيًا جدًا، لدرجة أنّ تل أبيب ستعتبره إعلانًا لفتح جبهتها مع "حزب الله"، وستبدأ هجومها على لبنان بحجّة أنها تخوض حرب الدفاع عن نفسها بعد العمليّة". ويوضح جابر أنّ "حزب الله" سيكون لها بالمرصاد وردّه على الردّ الإسرائيليّ كما قال الأمين العام لـ"حزب الله"، من دون ضوابط وبلا حدود، وليس كما يجري اليوم في جنوب لبنان، ما يعني أنّ إسرائيل لن تعلم من أين ستتلقّى الصواريخ الدقيقة والإستراتيجيّة وغيرها من الأسلحة التي لا حاجة للحديث عنها، ويمتلكها الحزب.بعد هذه القراءة التحليليّة والعسكريّة لفرضيّة اغتيال حسن نصر الله، بات من الواضح لأيّ قارئ، أنّ الخطوة لن تكون نزهة لإسرائيل، ما قد يعتبره البعض بأنه السبب الحقيقيّ وراء تردّدها على القيام بهذه الخطوة. علمًا أنّ هناك سجلًا كبيرًا من القيادات في "حزب الله"، الذين اغتالتهم إسرائيل في لبنان وخارجه، وفي طليعتهم القياديّ عماد مغنيّة الذي قتلته في سوريا. وفي الحرب الدائرة منذ 8 أكتوبر لإسناد جبهة غزة بحسب قول "حزب الله"، تمكّنت إسرائيل من استهداف عدد من كبار قادة الحزب في جنوب لبنان، مثل أبو طالب ووسام الطويل، ما دفع بحسن نصر الله إلى الطلب بعدم استخدام الهواتف الخليوية خلال تنقًل القيادات منعًا من ملاحقتهم وتحديد مكانهم واستهدافهم.(المشهد)