فيما تتواصل الانتقادات الداخلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بسبب عدم التوصّل لصفقة عودة الأسرى، بدا الجيش الإسرائيليّ أكثر إحباطًا بسبب عدم وجود خطة واضحة لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وبعد 8 أشهر من الحرب المستمرة على قطاع غزة، يجد الجيش الإسرائيليّ نفسه مضطرًا للعودة إلى القتال في مناطق شمال غزة، بهدف القضاء على القدرات العسكرية لحركة "حماس"، ويُرجع مسؤولون عسكريون ذلك، إلى عدم وجودة خطة للحكومة الإسرائيلية بشأن مستقبل القطاع، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ هرتزل هاليفي، قوله، إنه يتحسّر على عدم التزام نتانياهو بخطة "اليوم التالي" في قطاع غزة، والتي من شأنها أن تساعد في حساب الفراغ الأمنيّ والسياسيّ في القطاع الذي مزقته الحرب.الجيش الإسرائيلي مُحبط وكرر هاليفي الإحباط الذي يشعر به العديد من مسؤولي الأمن الإسرائيليّين، الذين يرون أنّ مقاتلي "حماس" يستأنفون عملياتهم في مناطق غزة، حيث كان من المفترض أن يتم تحييدهم. ونقلت القناة 13 عن هاليفي قوله: "طالما لا توجد عملية دبلوماسية لتطوير هيئة حكم في القطاع غير "حماس"، سيتعين علينا إطلاق حملات مرارًا وتكرارًا في أماكن أخرى لتفكيك البنية التحتية لـ "حماس". مشاعر الإحباط عبّر عنها أقوى حلفاء إسرائيل الغربيّين أيضًا، حيث قال مستشار الأمن القوميّ بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، إنّ "الضغط العسكريّ ضروريّ ولكنه ليس كافيًا لهزيمة (حماس) بشكل كامل". وأضاف: "إذا لم تكن جهود إسرائيل مصحوبة بخطة سياسية لمستقبل غزة والشعب الفلسطيني، فإنّ (الإرهابيّين) سيستمرون في العودة". وأضاف أنّ هذا يحدث بالفعل في مدينة غزة.هزيمة "حماس" غير ممكنةوقد تعهد نتانياهو وآخرون في معسكره اليميني بهزيمة "حماس" بشكل كامل وتفكيك بنيتها التحتية العسكرية.ولكنّ عددًا متزايدًا من الخبراء، فضلًا عن كبار الدبلوماسيّين، يشككون في إمكانية هزيمة "حماس" بالكامل، ويخشون من الخسائر الفادحة التي يتحملها السكان المدنيون في غزة، بينما تحاول إسرائيل القيام بذلك.وعلى الرغم من الشكوك الأميركية، فإنّ الحرب مستمرة بالطريقة التي يبدو أنّ نتانياهو يفضلها، حيث تتحرك إسرائيل "للقضاء" على كتائب "حماس" المتبقية في رفح. وفي هذه العملية، أُجبر ما يقرب من نصف مليون فلسطينيّ على الفرار بحثًا عن الأمان في أماكن أخرى، وأدى إلى تعميق حالة الطوارئ الإنسانية الكارثية بالفعل في غزة. كما عرقل احتمالات التوصل إلى هدنة عن طريق التفاوض. وقال رئيس الوزراء القطريّ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يوم الثلاثاء، في إشارة إلى جولات المحادثات غير المباشرة، التي حاولت حكومته وحكوماته الأخرى التوسط فيها بين إسرائيل و"حماس": "في الوقت الحالي، نحن في وضع شبه مسدود". لأشهر عدة، رفض نتانياهو أو تجاهل الحديث عن إشراك السلطة الفلسطينية لإدارة غزة، التي كانت تحت سيطرة "حماس" منذ استيلاء الجماعة المسلحة على القطاع في عام 2007. وفي السر، حاول المسؤولون الأميركيون والعرب بشكل متقطع الضغط على نتانياهو بشأن الترتيبات الموقتة المحتملة في غزة، والتي يمكن أن تشمل إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية بنوع من الكيان التكنوقراطي، وقوة حفظ سلام عربية إقليمية، وضخ استثمارات ومساعدات كبيرة.إقامة دولة فلسطينيةومع ذلك، يبدو أنّ كل هذه التدابير مشروطة بإحياء المسار نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وهذا شيء أمضى نتانياهو حياته المهنية في العمل على تقويضه – في الواقع، يقول النقاد إنه مكّن "حماس" على وجه التحديد من ترسيخ نفسها في غزة، لتشويه سمعة القضية الفلسطينية وإضعافها – ويعارضه حلفاؤه اليمينيون المتطرفون في الحكومة صراحة. يوم الثلاثاء، ظهر وزير الأمن القوميّ الإسرائيليّ إيتامار بن غفير، بين زعماء اليمين المتطرف الآخرين، في تجمّع حاشد على حدود غزة، داعيًا إلى استيطان إسرائيل في غزة وتشجيع "هجرة" سكانها الفلسطينيّين. ومثل هذا الخطاب مكروه في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى، لكنه يغذي حسابات نتانياهو السياسية. وتبدو فرص "السياسيّ الماكر" في البقاء بعد توقف الأعمال العدائية ضئيلة، وتعتمد على دعم اليمين المتطرف الإسرائيلي.وبحسب التقرير، "لقد تأكد نتانياهو من عدم وجود قوة بديلة تستعد للسيطرة على أجزاء من غزة، بل حتى الآن، مع الدخول في الشهر الثامن من الحرب، لم يكن هناك حتى أيّ نقاش جدّي حول هذا الموضوع، أو محادثات مع احتمالات حدوث ذلك".(ترجمات)