الانهيار السريع لنظام بشار الأسد في ديسمبر أمام المعارضة الداخلية حطم الوضع الراهن القديم في المنطقة. للوهلة الأولى، قد يبدو هذا النظام الجديد مفيداً لإسرائيل. فقد أدت الإطاحة بالأسد إلى تقويض الوجود الإيراني القوي على الحدود الشمالية لإسرائيل، والذي كان يتضمّن عشرات القواعد العسكرية وآلاف المقاتلين الأجانب المنتشرين. وفرّ آلاف المدنيين الإيرانيين بالفعل من سوريا خوفاً من العيش تحت سيطرة فصائل متشددة، في حين اضطرت إيران إلى الاعتماد على روسيا لنقل قواتها العسكرية إلى بر الأمان. ومن الأمور المهمة أيضاً هو أن "الجسر البري" بين طهران وبيروت، والذي استخدمته إيران لسنوات لتزويد "حزب الله" في لبنان بالأسلحة، قد تم قطعه فعلياً، وفق تقرير لـ"نيوزويك".ومع ذلك، تشير دراسة إلى أن التحول في سوريا يمثل تحدياً إستراتيجيًّا عميقاً لإسرائيل، وهو ما تحاول الدولة اليهودية الآن معالجته.قال العميد المتقاعد إران أورطال، الذي كان يرأس سابقاً مركز التفكير الداخلي للجيش الإسرائيلي لـ"نيوزويك": "في هذه المرحلة، لا أعتقد أن إسرائيل قد وضعت إستراتيجية متماسكة تجاه سوريا". وبدلاً من ذلك، "تراقب إسرائيل الوضع عن كثب وتتخذ تدابير لتأمين نفسها، مثل نشر وحدات من الجيش الإسرائيلي في مرتفعات الجولان السورية".تحدٍّ كبيروتمثّل الصورة بعد الأسد في سوريا تحدياً لحكومة إسرائيل، التي ركزت خلال العقد الماضي بشكل شبه حصري على التهديد القادم من إيران ووكلائها. وأشار أورطال إلى أن "السرعة والاحتضان المتحمس للجولاني وشركائه من القاعدة مصدر قلق"، حيث أنّ "الجولاني وتحالفه من المتمردين معروفون بالجهاديين، وإسرائيل قد استيقظت للتو من حلم إمكانية تهدئة نظام جهادي، وهو "حماس" في غزة". بمعنى آخر، وبغض النظر عن خطاب الجولاني التصالحي الحالي، فإن إسرائيل تتوقّع تماماً أن يعود هو وجماعته إلى طبيعتهم المتطرفة، بحسب "نيوزويك".وأوضح أورطال: "هناك احتمال حقيقي أن يتم استبدال النفوذ الإيراني في سوريا بالنفوذ التركي"، مضيفاً: "لا أحد يعرف ما هو الدور التركي المحتمل على حدودنا. تركيا قوة إقليمية كبيرة، وعضو في الناتو، ومنتج دفاعي كبير، ولاعب إسلامي متطرف ومعادٍ لإسرائيل. يمكننا بالفعل رؤية محاولات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لاستخدام النظام السوري الجديد لتعزيز مطالباته في شرق البحر الأبيض المتوسط". وقال أورطال: "في نهاية المطاف، الصورة الأكبر هي أن المنافسة الإقليمية تدخل مرحلة جديدة. منطقتنا تعود إلى المنافسة الإمبراطورية، وإسرائيل عالقة في المنتصف".(ترجمات)