تتواصل لليوم الثالث على التوالي في السودان اشتباكات عنيفة واتهامات متبادلة بين قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، وقوات الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان.احتدمت الاشتباكات المسلحة بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع، وسمع الاثنين، دوي انفجارات وأصوات الرصاص بعد اندلاع اشتباك مسلح وسط وجنوب الخرطوم، كما اندلعت اشتباكات مماثلة بمدينة مروي شمال السودان.ووقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في محيط القصر الرئاسي، وقيادة الجيش، ومقر إقامة عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش، وسط حالة هلع وهروب جماعي لمواطنين من وسط المدينة وجنوبها.وأغلق الجيش الجسور والطرق المؤدية للقصر الرئاسي وسط الخرطوم بالمدرعات الثقيلة، كما نشر مدافع ومركبات مدرعة في مدينة أم درمان.موقف الخارجية بدورها، قالت وزارة الخارجية السودانية إن الأحداث المؤسفة التي بدأت السبت الماضي نتجت عن تمرد قوات الدعم السريع، مشددة على أن ما يحدث شأن داخلي.وأشارت الخارجية إلى أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، "أصدر قرارا بحل الدعم السريع وإعلانه قوة متمردة على الدولة وسيتم التعامل معها على هذا الأساس"، مبينة أن "الوساطات الوطنية والإقليمية والدولية فشلت في إقناع الدعم السريع بالاندماج بالقوات المسلحة".وأعربت الوزارة عن تقديرها لـ"الجهود العربية والأفريقية والدولية الرامية للمساعدة في تهدئة الأحوال في البلاد"، مشددة على أن "ما يحدث شأن داخلي وينبغي أن يترك للسودانيين إنجاز التسوية المطلوبة بعيدا عن التدخل الدولي".وقال المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية إن أحمد أبو الغيط أجرى صباح اليوم الاثنين اتصالا هاتفيا بعبد الله حمدوك، رئيس وزراء السودان السابق.حلّ القوة ودعوة للتدخلأصدر البرهان، أمرا بحل قوات الدعم السريع ووصفها بالمجموعة المتمردة، بحسب ما أفادت وزارة الخارجية، الاثنين، في اليوم الثالث للاشتباكات الدامية بين الطرفين.قال قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، في تغريدة على تويتر الاثنين، إنه "يجب على المجتمع الدولي التحرك الآن والتدخل في السودان".وجدد التأكيد على أن قوات الدعم السريع "ستواصل ملاحقة البرهان وتقديمه للعدالة"، مضيفا "المعركة التي نخوضها الآن هي ثمن الديمقراطية. لم نهاجم أحدا، بل إن أفعالنا مجرد رد على الحصار والاعتداء على قواتنا".وأكد حميدتي أن قوات الدعم السريع تتخذ كل الإجراءات الممكنة لضمان سلامة الناس وأمنهم، قائلاً: "لن نسمح بإلحاق أي ضرر بهم، وسنفعل كل ما في وسعنا لحماية الديمقراطية ودعم سيادة القانون في السودان". اقتحام ونفينشرت قوات الدعم السريع عبر حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قالت فيه إنها اقتحمت منزل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان.في المقابل، نفى مصدر في الجيش السوداني في حديث لمراسة "المشهد" اقتحام الدعم السريع لمقر البرهان.ارتفاع الحصيلة وأعلنت نقابة أطباء السودان الاثنين، عن ارتفاع حصيلة ضحايا الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى 97 قتيلا، و365 إصابة وجاء في بيان للنقابة أن "ما لا يقل عن 97 شخصا قتلوا منذ اندلاع الاشتباكات في البلاد السبت، موضحا أن الحصيلة لا تشمل كل القتلى، إذ أن الكثير منهم لم ينقلوا إلى المستشفيات بسبب صعوبات التنقل. ووفقا لبيان المنظمة "مع استمرار القتال في الخرطوم وأجزاء أخرى من السودان، تحث منظمة الصحة العالمية جميع أطراف النزاع على احترام حيادية الرعاية الصحية وضمان الوصول غير المقيد إلى المرافق الصحية لمن أصيبوا من جراء الأعمال العدائية".غارة جوية وأكد شهود عيان أن طيران الجيش السوداني شن غارة جوية على موقع تابع لقوات الدعم السريع جنوب الخرطوم صباح الإثنين. وأفاد سكان محليون باحتدام المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، قرب مقر القيادة العامة في العاصمة السودانية، في الساعات الأولى من صباح الإثنين. وفي مقطع فيديو تظهر قوة من الجيش تجوب شوارع العاصمة السودانية، في ساعة مبكرة صباح الإثنين. ويتبادل الطرفان إصدار البيانات التي تثبت تفوقه في المعارك، حيث قال الدعم السريع إنه "سجل انتصارات كاسحة"، بينما أكد الجيش سيطرته على مواقع مهمة مثل مطار مروي وقيادة قطاع كردفان. البرهان في مطار مروي وأظهر مقطع فيديو متداول لحظة وصول قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى مطار مدينة مروي الاستراتيجي بعد تحريره من سيطرة قوات الدعم السريع. وأعلن الجيش أمس الأحد، عن سيطرته على المطار والقاعدة الجوية الملحقة به شمال البلاد، مؤكدا أنه "يسيطر على الموقف تماما في مطار مروي". وكان الجيش السوداني قد طلب من سكان حي الملازمين بمدينة أم درمان في ولاية الخرطوم، الذي يقع فيه مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الحكومية بإخلاء منازلهم، تمهيدا لاقتحام المبنى الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع.انتصارات كاسحة وبعد يومين من الاشتباكات مع الجيش السوداني، أكدت قوات الدعم السريع أنها حققت "انتصارات كاسحة" في معاركها على الأرض. وقال بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي لقوات الدعم السريع، في الساعات الأولى من صباح الإثنين: القوات سيطرت على عدة مقار عسكرية ومدنية خلال معارك الأحد. القوات سيطرت على مقر القوات البرية، وبرج وزارة الدفاع، والقصر الجمهوري ومحيطه. تحرير رئاسات الفرق العسكرية بولايات دارفور والاستيلاء على عتادها وآلياتها العسكرية. الاستيلاء على أكثر من مائتي دبابة، و"إسقاط 3 طائرات مقاتلة. أسر وانضمام العشرات من كبار ضباط وضباط صف القوات الانقلابية. أسر عدد من عناصر النظام القديم (دفاع شعبي، أمن شعبي، مجاهدين) جاري حصرهم. نحن أمام خيار واحد هو النصر وإزاحة هذا الكابوس الذي يجثم على صدر شعبنا. وكانت الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع اندلعت السبت، بسبب خلاف حول دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة في إطار مرحلة انتقالية نحو الحكم المدني. دعوة للانضمام دعا الجيش السوداني منتسبي قوات الدعم السريع للانضمام إليه، بعد أن تحول الخلاف بين الطرفين إلى نزاع مسلح. وقال بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة يحمل تاريخ الإثنين 17 أبريل: نعتذر عن الظروف الصعبة التي يعايشها شعبنا خلال هذه الأيام، التي خلقها تمرد قيادة الدعم السريع غير المبرر على الدولة. ندعو جميع أبناء بلادنا من منتسبي الدعم السريع الذين قدموا لبلادهم خدمات جليلة سابقة لا تنكر، للمسارعة بالانضمام إلى القوات المسلحة الأبية لخدمة بلادهم بين صفوفها. نحن نربأ بهم أن يكونوا مطية لخدمة أهداف وأجندة لشخص واحد، بل لتوجيه طاقاتهم بين إخوانهم في الجيش السوداني ومكونات المنظومة الأمنية للدولة. سيجدون بين صفوفها ما يستحقونه من تأهيل وتقدير، ولن تستغنى عن خدماتهم بالتسريح لأن البلاد لا زالت في أشد الحوجة لسواعد بنيها مجتمعة. حجم الدمار نشرت شركة "ماكسار" صورا التقطتها الأقمار الصناعية، تظهر حجم الضرر الجسيم الذي تعرضت له العاصمة السودانية الخرطوم خلال موجة العنف الأخيرة. وترصد هذه الصور للشركة التي نشرتها وكالة أسوشيتد برس، حرائق مشتعلة بالقرب من مستشفى في الخرطوم يوم الأحد، وتظهر الصور أن المرافق الصحية قد تضررت بشدة نتيجة الصراع الدائر وقد أشارت منظمة الأمم المتحدة إلى أن "مبانيها وغيرها من المباني الإنسانية تعرضت للقذائف والنهب في عدة مواقع". ولم تسلم السكك الحديدية أيضا من الأعمال القتالية، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية تصاعد الدخان قرب القطارات في الخرطوم. ولم يسلم مقر القيادة العامة للجيش أيضا من القصف وإطلاق النار، حيث تظهر الصور الملتقطة جوا، مدى الدمار الواسع الذي طال المبنى أثناء الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. فيما أظهرت الصور التي تم التقاطها لمطار الخرطوم الدولي، أعمدة الدخان المتصاعدة من مباني المطار، كما تظهر احتراق طائرات ركاب متوقفة على المدرج.وقف الأعمال العدائية دعا المغرب إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، واستئناف الحوار من أجل إرساء سلم واستقرار دائمين في السودان، حسبما أفادت وكالة المغرب العربي للأنباء. وأكد سفير المملكة لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا محمد عروشي، في كلمة خلال اجتماع لمجلس السلم والأمن في أديس أبابا حول الوضع في السودان الأحد أن "المغرب الذي يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الحالي في السودان، يحث القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الإعلان على وقف فوري للاشتباكات".(وكالات)