في حادث غامض، توفي الرئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته أمير عبد اللهيان إثر سقوط طائرة في شمال شرق إيران. وأعلن التلفزيون الرسميّ الإيرانيّ وفاة رئيسي وعبد اللهيان، في تحطّم هليكوبتر كانت تقلّهما لدى عبورها، منطقة جبلية وسط ضباب كثيف.ولا تبدو إيران كدولة يموت فيها رؤساؤها بالصدفة. ولكنها أيضًا دولة تحطمت فيها الطائرات، بسبب الحالة المؤسفة للبنية التحتية في إيران المعزولة دوليًا. وفي الأعوام السابقة، لقي ما لا يقلّ عن وزيرين وقائدين عسكريّين بارزين حتفهم في حوادث مماثلة. ووضع بعض المحللين سيناريوهات أخرى لما حدث، ويقولون إنّه "قد يكون حادث اغتيال".ويرى مدير مركز "جدار" محمد عبادي، أنّ ما حدث مع الرئيس الإيرانيّ لا يعدو أحد احتمالين وهما: حادث سقوط بسبب سوء الأحوال الجويّة، والمنطقة الحدوديّة الإيرانيّة معروفة بطبيعتها الجبليّة وطقسها السيّىء، أو خلل في الطائرة. الاحتمال الثاني بالنسبة نفسها تمامًا وهو محاولة اغتيال الرئيس الإيرانيّ.من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة إيران حسين رويران، إنّ كل الاحتمالات واردة في هذا الحادث.وذكر رويران في تصريحات لمنصة "المشهد"، أنه لا يمكن نفي 100% أنّ ما جرى هو حادث اغتيال، مشيرًا إلى أنّ الموكب كان يضم 3 طائرات مروحية عادت اثنتان منها إلى تبريز، أما طائرة الرئيس فقد هبطت اضطراريًا لسبب غير معروف.ولكنه يرى أيضًا أنّه من الطبيعيّ أن يكون حادث سقوط ناجم عن سوء الأحوال الجويّة والضباب والأمطار في هذه المنطقة.صراع داخلي؟ولم يستبعد المحلل الإيرانيّ جعفر الهاشمي في حديثه مع منصة "المشهد"، أنّ "ما حدث قد يكون تصفيّة داخليّة بسبب الصراع على خلافة المرشد"، مشيرًا إلى أنّ "المرشد الأعلى أصرّ عليه على ضرورة الذهاب في هذه الرحلة".ويُعتبر رئيسي المنافس الآخر لنجل خامنئي مجتبى لخلافته على منصب المرشد. ورئيسي الذي بدأ مسيرته المهنيّة في السنوات التي أعقبت الثورة الإسلاميّة عام 1979 والمعروف عنه قربه من المرشد الأعلى علي خامنئي، تولّى السلطة بعد فوزه في انتخابات عام 2021، التي أعقبتها سنوات حفلت بالاحتجاجات والتوترات.وتولّى رئيسي السلطة بعد انتخابات غاب عنها نحو نصف الناخبين والمنافسين الأقوياء إثر منع العديد من الشخصيات السياسيّة ذات الثقل من الترشح.وخلف رئيسي المعتدل حسن روحاني الذي أبرم حين كان رئيسًا الاتفاق النوويّ لعام 2015 مع القوى الكبرى التي خففت بنتيجته العقوبات الدوليّة المفروضة على إيران. ومثل غيره من المحافظين المتشددين، انتقد رئيسي بشدّة معسكر سلفه، خصوصًا بعد أن سحب الرئيس الأميركيّ آنذاك دونالد ترامب بلاده من الاتفاق عام 2018 من طرف واحد، معيدًا فرض عقوبات على إيران. وتولّى رئيسي زمام الأمور في بلد يعاني أزمات اجتماعية واقتصادية، واستبعد عبادي أيّ دور للمرشد الإيرانيّ الحالي علي خامئني أو نجله مجتبى في هذا الحادث، لافتًا إلى أنّ رئيسي يتمتع بالقبول الكامل لدى المرشد ونجله والدوائر الأمنيّة والحرس الثوريّ في إيران.وأكد الهاشمي في حديثه لـ"المشهد"، أنّ هذه الدوائر كانت تعدّ رئيسي لدور كبير في إيران بعد وفاة المرشد، وربما يكون خلافته. وقال إنه لا توجد خلافات بين رئيسي ومجتبى حول خلافة المرشد، وأنّ الرئيس الإيرانيّ لم يكن ليصل إلى هذه المكانة لولا رضا نجل خامئني عليه.لكنّ مجلة "ذا أتلنتك" ترى أنّ رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، ونجل المرشد مجتبى خامنئي، هما المستفيدان الأكبر من موت رئيسي، مشيرة إلى طموح قاليباف في أن يصبح الرئيس، وطموح مجتبى في أن يكون خليفة المرشد.وقالت المجلة الأميركية، إنّ بعض مسؤولي النظام والمسؤولين السابقين الذين يدعمون قاليباف يدعون أيضًا إلى أن يخلف مجتبى والده في منصب المرشد الأعلى.لقد توقع كثيرون صراعًا شرسًا على السلطة في إيران، لكنّ أغلبهم توقعوا أن يأتي ذلك الصراع بعد وفاة خامنئي. ومن المرجح الآن أن نشهد على الأقل بروفة تلوّح فيها الفصائل المختلفة بقوتها. إسرائيل في دائرة الاتهاموأشار محللون بأصابع الاتهام إلى إسرائيل، خصوصًا بعد تصاعد التوترات بين البلدين، واستهدفت طهران الداخل الإسرائيليّ للمرة الأولى بمئات المسيّرات والصواريخ، ما دفع تل أبيب للردّ باستهداف مدينة أصفهان.لكنّ القناة الـ12 الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين إسرائيليّين أنّ تل أبيب "لا علاقة لها بحادث سقوط طائرة رئيسي".وقال رام بن براك عضو الكنيست ونائب رئيس جهاز الموساد السابق في مداخلة تلفزيونية، إنّ "إسرائيل لا تهاجم إلا من يشكّل خطرًا قريبًا عليها، وليس لها مصلحة في هكذا هجوم". (المشهد)