أطاحت تحقيقات السلطات المغربية في القضية التي باتت تُعرف إعلاميًا باسم "بابلو إسكوبار الصحراء"، بالعديد من "الرؤوس من العيار الثقيل"، ليبرز اسم الحاج إبراهيم في مركز الدعوى الشاغلة للرأي العام العالمي.فمن هو الحاج أحمد بن إبراهيم المعروف بلقب "المالي"؟ قضية بارون المخدرات المالي تدور قضية بارون المخدّرات الماليّ القابع في سجن الجديدة، بعدما تم توقيفه في مطار الدار البيضاء سنة 2019، على الكثير من التفاصيل حول عمله وكيفية السطو على ممتلكاته. وأطاح تاجر مخدرات بعدد من الشخصيات والأسماء، من بينها سعيد الناصيري وعبد النبوي بعيوي، ليبلغ غدد الموقوفين في الملف 25 شخصًا، مع وجود 28 مطلوبًا إضافيًا، بمن فيهم قادة سياسيون وأسماء من داخل الحكومة المغربية – سيتم الاستماع إليهم في هذه القضية. من هو بارون المخدّرات المالي؟ ولد المالي في عام 1976، في كيدال، مالي، من أمّ مغربية الأصل من مدينة وجدة، وأب ماليّ الجنسية، ومن هنا جاء لقبه. عاش المالي حياة تقليدية في رعاية الإبل، إلا أن التقى بفرنسيّ تائه في الصحراء، في نقطة تحوّل في حياته، حين قدّم له الفرنسي سيّارته مقابل المساعدة التي تلقّاها، طالبًا منه أن يبيعها ويحتفظ بقيمتها. لكنّ المالي قام ببيع السيارة وعوضًا عن الاحتفاظ بالمال، أرسل قيمة السيارة إلى صاحبها الفرنسي، الذي أدرك آنذاك أنه أمام رجل موثوق، فقرر إشراكه في استيراد وتصدير السيارات بين أوروبا وإفريقيا. اكسبت تجارة السيارات المالي خبرة كبيرة عن دوائر العبور والطرق والجمارك وما إلى ذلك، فانتقل إلى تجارة الذهب، ونسج شبكته تدريجيًا في منطقة الساحل والصحراء، التي تُعتبر مركزًا للجريمة المنظمة، وهو ما مكّنه من معرفة المنطقة بشكل جيد، بما في ذلك قبائلها ولهجات المجتمعات في أزواد، ورسم الخرائط في منطقة الساحل والصحراء. انتقل المالي بعدها إلى مستوى أعلى ليبداأ بنقل الكوكايين من أميركا اللاتينية إلى غرب إفريقيا، إما عن طريق البر، عبر مالي والنيجر، إلى الجزائر وليبيا ومصر؛ أو عن طريق البحر إلى الساحل المغربيّ ثم إلى أوروبا.الحاج إبراهيم المالي وبوليفيالم تمر مدة طويلة حتى أصبح الحاج إبراهيم متحكّمًا في سلسلة الإنتاج والتجهيز والتوزيع، بعد نسجه لعلاقات مع جنرالات متورطين في السياسة والمخدرات بدولة بوليفيا، قبل أن يقع في حبّ ابنة ضابط رفيع المستوى، الذي وافق على تزويجها له في إطار تحالف بينهما. اشترى المالي جزيرة خاصة في غينيا، وشققًا في البرازيل وروسيا – فقدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا – وأرضًا في بوليفيا، وفيلّا فخمة في الدار البيضاء، وأسهمًا في فندق فخم في ماربيا، والقائمة تطول. ومن خلال ماله وعلاقاته، حظي المالي في المغرب بدعم كبير، منذ عام 2010، ووسّع من عمليات نقل المخدرات التي كانت تتم 3 أو 4 مرات في العام الواحد، بكميات تتراوح بين 30 – 40 طن من سواحل السعيدية إلى ليبيا ومصر، ومن الجديدة وبوجدور إلى الشواطئ الموريتانية.اعتقال بارون المخدّرات المالي في عام 2015 ، أُلقِي القبض على المالي المطلوب بنشرة حمراء من قبل الشرطة الدولية "الانتربول"، بعد مطاردة في الصحراء الموريتانية، على الحدود مع المغرب، في سيارة تحتوي على 3 أطنان من الكوكايين ومبالغ مالية كبيرة باليورو، وبرفقته مغربيّ وجنديّ سابق في البوليساريو. قبل أن يتم الإفراج عنه بفضل شبكته التي كانت تضم بعض الجنود والقضاة الموريتانيّين، ليقضي حكمًا بالسجن لمدة 4 سنوات. بعد إطلاق سراحه لم يكن المالي يعلم أنه مطلوب في المغرب أيضًا، فأوقفته قوات الأمن في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، على خلفية حجز 40 طنًا من المخدرات، على متن شاحنات تابعة لشركة كان يملكها. بالمقابل ادّعى المالي أنه باع الشركة لرئيس جهة الشرق بالمغرب، غير أنّ هذا الأخير لم يغيّر رخص الشاحنات. وعلى خلفية "الخيانة" التي تعرّض لها "المالي"، قرر الإطاحة بأسماء الشبكة المتورّطة في تجارته، وهو ما أدّى إلى توسّع التحقيقات التي شملت الكثير من الأسماء المعروفة في البلاد. (المشهد)