يقول الرئيس السابق والمرشح الجمهوريّ دونالد ترامب، إنه "الرئيس الأكثر تأييدًا لإسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة"، بينما تُقدّم نائبة الرئيس الحالية والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس نفسها، كمنادية بـ"المساواة في المنطقة"، من خلال محاولة التوازن بين التمسك بما تُسميه دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، والدعوة لحقن دماء المدنيّين في غزة، من خلال التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، والمضيّ باتجاه حل الدولتين.لكنّ مواقف هاريس الحالية لا تنسجم مع تعاطي الإدارة الأميركية التي تنتمي إليها مع الصراع، وهو ما يدور في أذهان قطاع واسع من الناخبين العرب والمسلمين الأميركيّين. حضور عربي وإسلامي وفي هذا الإطار، تتحدث الحقوقية الأميركية من أصول يمنية، ورئيسة المنظمة المستقلة "المركز الأميركيّ للعدالة" لطيفة جامل لـ"المشهد"، عن حضور وقوة تأثير الصوت العربيّ والمسلم الأميركي في هذا السباق الرئاسي، خصوصًا في ولايات متأرجحة مثل ميشيغن التي تقطن بها.وتقول جامل إنّ التأثير تصاعد بشكل ملحوظ في ظل الغضب العارم من سياسات إدارة بايدن تجاه الحرب على غزة، ودعم وتمويل ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية للفلسطينيّين" من قبل الحكومة اليمنية المتطرفة بقيادة بنيامين نتانياهو، ولّد حملات وحركات سياسية مثل حملة "Uncommitted" أو "غير ملتزم"، وحركة "Abandon Biden" أو "تخلّى عن بايدن"، التي تحولت لاحقًا إلى "Abandon Harris" أو "تخلّى عن هاريس"، ثم قادت جهودًا ميدانية كبيرة، بما في ذلك توزيع الآلاف من المنشورات وتنظيم احتجاجات تدعو لمعاقبة الإدارة الحالية، بقيادة بايدن وهاريس، على ما يراه المنضوون تحت الحركة، مشاركة مباشرة في "الإبادة" وتخلّيًا صارخًا عن قيم العدالة والإنسانية. تراجع دعم كامالا هاريس بين الناخبين العرب والمسلمين، والذي ظهر بوضوح في استطلاعات الرأي، والاحتجاجات المتواصلة، وتقول جامل، إنه دفع الجالية العربية والمسلمة للبحث عن بدائل سياسية، والتوجه لدعم مرشحين من الأحزاب الثالثة، مثل مرشحة حزب الخضر جيل ستاين. التحول في الموقف الانتخابيّ للجالية، أثار اهتمام حملة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي زار مدينة هامترامك في ولاية ميشيغان، وهي مدينة ذات كثافة سكانية يمنية، والتقى بأعضاء المجتمع اليمنيّ الأميركي، في محاولة لكسب دعمهم، وهو ما يُؤكد أهمية هذه الأصوات في تحديد نتيجة الرئاسيات الأميركية، خصوصًا في ولاية متأرجحة كمشيغان، بحسب ما تقول رئيسة "المركز الأميركيّ للعدالة" لطيفة جامل.في مصلحة ترامبمن جانبة، يتحدث الإستراتيجيّ الديمقراطيّ والمستشار السابق للرئيس الأسبق بيل كلينتون، وزوجته المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون، عن أوجه الاختلاف بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والمرشح الجمهوريّ دونالد ترامب. وبالنسبة لريتشارد غودستين، فإنّ ترامب الذي ينادي بحظر دخول المسلمين، ويعارض مقترح حل الدولتين، ليس المرشح الأنسب للعرب والمسلمين الأميركيّين، الذين يطمحون لرؤية السلام يعمّ الشرق الأوسط. وفي حال فوزه بالرئاسة، يتوقع غودستين في حديثه مع "المشهد" أن يمنح دونالد ترامب الضوء الأخضر لرئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين ناتانياهو لفعل ما يريد في المنطقة، بما في ذلك التدمير الكامل لقطاع غزة، وبناء أكبر قدر من المستوطنات في الضفة الغربية. على الجانب الآخر، يقول المتحدث إنّ كامالا هاريس، التي تدفع نحو التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وتعارض بناء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتدعم فكرة حل الدولتين، هي الخيار الانتخابيّ الأفضل للعرب الأميركيّين، ولمستقبل أفضل في منطقة الشرق الأوسط. يرى غودستين أنّ تصويت العرب والمسلمين الأميركيّين لطرف ثالث، سيكون اصطفافًا غير مباشر مع ترامب على حساب هاريس، ويصفه بغير العقلاني، بالنظر لسياسات معادية انتهجها ترامب في حق العرب والمسلمين خلال فترته الرئاسية السابقة. في هذا السياق، تقول رئيسة "المركز الأميركيّ للعدالة" لطيفة جامل، إنّ أيّ صوت يُمنح لطرف ثالث، يُعتبر من الناحية العملية خصمًا للمرشح الذي يشترك معه في التوجه السياسي.بمعنى آخر، إذا كانت القاعدة الانتخابية لطرف ثالث مثل حزب الخضر الذي تنتمي إليه جيل ستاين أكثر انسجامًا مع القيم الديمقراطية من القيم الجمهورية، فإنّ التصويت لها يؤدي إلى تآكل الأصوات التي كانت ستذهب لهاريس، وهو ما حدث في انتخابات 2016، حين أسهمت الأصوات التي استفاد منها مرشحو الطرف ببعض الولايات الحاسمة، في فوز دونالد ترامب على حساب هيلاري كلينتون. لكنّ التسليم بأنّ نتائج التصويت لطرف ثالث تقتصر على ترجيح كفة مرشح على حساب آخر، يبدو سطحيًا بالنسبة لرئيسة "المركز الأميركيّ للعدالة"، التي ترى في هذا التوجه، أيضًا، طريقة فاعلة للاحتجاج على سياسات الحزبين الديمقراطيّ والجمهوريّ الحاكمين في الولايات المتحدة، على الرغم من ثمنه الذي قد يكون خسارة انتخابية مؤقتة.(المشهد - واشنطن)