رأت صحيفة "نيو يورك تايمز" أنّ هجوم "حماس" في 7 أكتوبر، دفع اليسار الإسرائيلي، إلى إعادة النظر في مبادئه وقوّض الإيمان بمستقبل مشترك مع الفلسطينيّين. كما أنّه خلق أزمة ثقة في اليمين الإسرائيلي، ما أدى إلى إضعاف الدعم لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. وقد أدّى ذلك إلى تقريب اليهود الأرثوذكس المتطرفين، الذين غالبًا ما يكونون متناقضين بشأن علاقتهم بالدولة الإسرائيلية، من التيار الرئيسي.وقالت الصحيفة إنّ الإسرائيليّين وبعد انقسامات دينية وسياسية باتوا يتصالحون مع ما يعنيه الهجوم الإرهابيّ الذي قادته "حماس" بالنسبة لإسرائيل كدولة، وللإسرائيليّين كمجتمع، ولمواطنيها كأفراد. وكما أدت إخفاقات إسرائيل في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 إلى قلب حياتها السياسية والثقافية رأسًا على عقب، فمن المتوقع أن يؤدي هجوم 7 أكتوبر وتوابعه إلى إعادة تشكيل إسرائيل لسنوات قادمة. وقد أدى الهجوم، الذي أسفر عن مقتل ما يقدّر بنحو 1200 شخص، إلى انهيار إحساس الإسرائيليّين بالأمن، وهزّ ثقتهم في قادتهم، وتلاشي فكرة أنّ الحصار الإسرائيليّ لغزة واحتلال الضفة الغربية، يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى من دون تداعيات كبيرة على الإسرائيليّين. تغيّر في ديناميكيات المجتمع الإسرائيلي كما أدّى الهجوم أيضًا إلى توحيد المجتمع الإسرائيليّ إلى درجة لم يكن من الممكن تصورها حتى قبل يوم من الهجوم، عندما كان الإسرائيليون منقسمين بشدة حول جهود نتانياهو للحدّ من سلطة المحاكم، ودور الدين في الحياة العامة، وبمستقبل نتانياهو السياسي. يؤيد الآن ما يقرب من 30% من الجمهور الأرثوذكسيّ المتطرف فكرة الخدمة العسكرية، وهو أعلى بعشرين نقطة عما كان عليه قبل الحرب، وفقًا لاستطلاع للرأي أجراه المعهد الحريديّ للشؤون العامة في ديسمبر، وهو مجموعة بحثية مقرّها القدس. وربما من المفاجئ أنّ 70% من العرب الإسرائيليّين يقولون الآن إنهم يشعرون بأنهم جزء من دولة إسرائيل، وفقًا لاستطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيليّ في نوفمبر، وهو مجموعة بحثية مقرها القدس. وهذا أعلى بمقدار 22 نقطة عما كان عليه في يونيو، وأعلى نسبة منذ أن بدأت المجموعة الاستطلاع حول هذه المسألة قبل عقدين من الزمن. وقد تخلى ما يقرب من ثلث الناخبين لحزب نتانياهو اليميني، الليكود، عن الحزب منذ 7 أكتوبر، وفقًا لكل استطلاع منذ الهجوم. يُعفى اليهود الأرثوذكس المتطرفون، المعروفون باسم الحريديم، من الخدمة حتى يتمكنوا من دراسة القانون اليهوديّ والكتاب المقدس في المعاهد الدينية التي تدعمها الحكومة. وعلى مدى عقود، ناضلوا من أجل الحفاظ على الإعفاء، ما أثار غضب الإسرائيليّين العلمانيّين لأنه يسمح للحريديم بالاستفادة من المال العام، بينما لا يفعلون سوى القليل لحماية الأمة. بعد هجوم 7 أكتوبر أكثر من 2000 من الحريديم سعوا للانضمام إلى الجيش وفقاً للإحصاءات العسكرية. وبالنسبة للأقلية العربية في إسرائيل، فإنّ هذه الديناميكيات المتطورة تركتهم في موقف محيّر ومتناقض. ما يقرب من خمس سكان إسرائيل البالغ عددهم أكثر من 9 ملايين نسمة هم من العرب. العديد منهم يعتبرون أنفسهم فلسطينيّين على الرغم من أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويشعر الكثيرون بالتضامن مع سكان غزة الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية، وهو شعور أصبح أقوى مع ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى ما يقرب من 20 ألف شخص. وتم اعتقال العديد من القادة العرب الإسرائيليّين في نوفمبر، بعد محاولتهم تنظيم احتجاج مناهض للحرب من دون موافقة إسرائيلية. وحققت الشرطة مع آخرين بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعيّ اعتُبرت داعمة لـ "حماس". لكنّ بعض العرب الإسرائيليّين يشعرون أيضًا بمشاعر مناقضة: شعور أكبر بالانتماء إلى إسرائيل. وقُتل أو اختطف العشرات من العرب على يد "حماس" في 7 أكتوبر، ما منح مجتمعاتهم شعورًا أكبر بالتضامن مع اليهود الإسرائيليّين. وقال بشير زيادنا، وهو طالب حقوق عربيّ إسرائيلي، "إذا أُعطيت خيارين، "حماس" أو إسرائيل، فسوف أختار إسرائيل من دون التفكير مرتين". وقد قُتل واختُطف عدد من أفراد عائلة زيادنا في الهجوم. وأصبح زيادنا في ما بعد متحدّثًا باسم العائلة حيث مارسوا ضغوطًا على الحكومة لبذل المزيد من الجهد لإنقاذ أقاربهم. وفي هذه العملية، بدأ زيادنا، 26 عامًا، في الانخراط بشكل أكبر مع المجتمع اليهودي، وتكوين روابط مع عائلات الأسرى الآخرين والتعرف إلى السياسيّين والقادة الإسرائيليّين. وبينما لا يزال يشعر بأنه فلسطينيّ ولديه مشاكل عميقة مع معاملة الحكومة للفلسطينيّين، فإنّ رعب 7 أكتوبر، والشعور بأنه كان من الممكن أن يموت أيضًا، جعله يشعر بأنه إسرائيليّ أكثر ويسعى جاهدًا للعب دور أكبر في الحياة العامة في إسرائيل.تأييد لحملة نتانياهو العسكرية لا لسياساته لقد التفّ الإسرائيليون حول بعضهم البعض، من خلال الإيمان المشترك بالحملة العسكرية التي يقودها نتانياهو، لكنهم لم يلتفوا حول رئيس الوزراء، بحسب الصحيفة.يعود جزء من إحباط اليمين تجاه نتانياهو إلى الطريقة التي عززت بها حكوماته الشعور بالرضا عن النفس بشأن غزة. لقد تحدث المسؤولون بشكل منتظم ومخطئ عن كيفية ردع "حماس"، وأنّ أكبر التهديدات المباشرة لإسرائيل تكمن في إيران ولبنان. ويأتي الغضب أيضًا من حقيقة أنّ نتانياهو أشرف على اتساع الخلافات العميقة في المجتمع الإسرائيلي. وبغضّ النظر عن مصير نتانياهو، فإنّ نهجه تجاه الفلسطينيّين بما في ذلك معارضة الدولة الفلسطينية ودعم المستوطنات في الضفة الغربية لا يزال يحظى بشعبية كبيرة.يعارض أكثر من نصف اليهود الإسرائيليّين استئناف المفاوضات لإقامة دولة فلسطينية، وفقًا لاستطلاع للرأي أجراه المعهد الإسرائيليّ للديمقراطية في أواخر نوفمبر. ويشعر المستوطنون اليهود في الضفة الغربية أيضًا أنهم أثبتوا صحّة حجّتهم المتمثّلة بضرورة الحفاظ على الوجود الإسرائيليّ في الأراضي الفلسطينية.(ترجمات)