مع استمرار الحرب في غزة لأسبوعها الحادي عشر صار واضحا أن طريقا طويلا ينتظر الإسرائيليين قبل أن يحقق الجيش هدفه المعلن وهو تدمير حركة "حماس" وإعادة أكثر من 100 أسير لإسرائيل. وفي مواجهة ضغوط دولية متزايدة لوقف القتال وزيادة تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، ظل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لأيام يصدر بيانات بالفيديو يؤكد فيها إصراره على الانتصار في الحرب. وقال هذا الأسبوع "من يعتقد أننا سنتوقف فإنه منفصل عن الواقع". وتضررت شعبيته بشدة بسبب الإخفاقات الأمنية التي سمحت للآلاف من مقاتلي "حماس" بالتدفق إلى جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، إلا أن أغلبية كبيرة من الإسرائيليين يدعمون العملية العسكرية. وقالت تامار هيرمان الباحثة البارزة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مؤسسة غير حزبية تجري استطلاعات بصورة منتظمة بخصوص الاتجاهات العامة إزاء الحرب "لا نشهد تراجعا في الدعم". وأضافت "الأغلبية العظمى تؤمن بأنه يتعين إنجاز المهمة. ولكن ما معنى ذلك؟ لا أحد يعرف بالضبط".صدمة هجوم 7 أكتوبرفالصدمة التي شعر بها الإسرائيليون من هجوم 7 أكتوبر، الذي تقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 240 أسيرا، والرعب الذي أثارته الروايات التي ترددت لاحقا عن حوادث اغتصاب عززت الدعم للحرب. لكن حجم المهمة بدأ يتضح مع استمرار المواجهات بين القوات الإسرائيلية ومسلحي "حماس" عبر شبكة من الأنفاق والكمائن في شوارع يملأها الركام، وأسفرت مع مقتل ما لا يقل عن 140 جنديا حتى الآن. وكتب بن كاسبيت وهو أحد منتقدي نتانياهو وكاتب عمود بصحيفة معاريف التي تعبر عن تيار يسار الوسط "بعد 75 يوما من الكارثة، تأتي الآن مرحلة التحرر من الوهم". فلا يزال العقلان المدبران لهجوم 7 أكتوبر وهما القياديان يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" في غزة ومحمد الضيف قائد الجناح العسكري للحركة طليقين. ويقول عسكريون إسرائيليون إن استكمال المهمة قد يتطلب شهورا.وأظهر استطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في 19 ديسمبر أن 65% من الإسرائيليين يعتقدون أن الحكومة ستدمر قدرات "حماس" كما وعدت، إلا أن أكثر من الثلث 29.4% و5.6% على التوالي يعتقدون أن تحقيق ذلك مستبعد أو قالوا إنهم لا يعرفون. وأتاحت هدنة تم التوصل إليها في أواخر نوفمبر إعادة ما يقرب من نصف من احتجزتهم "حماس" خلال الهجوم. لكن الجهود التي تبذلها قطر ومصر للتوسط في اتفاق جديد لم تحرز تقدما يذكر حتى الآن. وتقول "حماس" إن مصير الأسرى المتبقين وعددهم 129 يتوقف على إنهاء الحرب أولا، فيما لا تقبل إسرائيل سوى بوقف مؤقت للحرب والمزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين. وقال ناحوم بارنيا الكاتب بصحيفة يديعوت أحرونوت، الصحيفة اليومية الأكثر مبيعا في إسرائيل "ستشعر إسرائيل بالمرارة، لا شك في ذلك في الوقت الحالي". وقف القتال! جاء مقتل 3 أسرى في شمال غزة، برصاص القوات الإسرائيلية عن طريق الخطأ بينما كانوا يلوحون بعلم أبيض، بمثابة صدمة للرأي العام الإسرائيلي الذي يؤيد الجيش بشدة. وأظهر الاستطلاع أن معظم الإسرائيليين، 55.1% من المشاركين، يعتقدون بأن من غير المرجح عودة جميع الأسرى إلى الوطن. وتزايدت في هذه الأثناء الدعوات الدولية لوقف القتال لدرجة أن الولايات المتحدة، الحليف الأقوى لإسرائيل، تضغط من أجل التحول إلى مرحلة أكثر دقة وتحديدا من العمليات التي تستهدف قادة "حماس". ووفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، قُتل أكثر من 20 ألف فلسطيني في غزة. وتحذر هيئات الأمم المتحدة من أن القطاع المحاصر يواجه أزمة إنسانية تتضمن خطر المجاعة المتزايد. ولا يزال من غير الواضح إلى متى تستطيع إسرائيل مقاومة هذه الضغوط. غير أن فكرة تخفيف حدة القتال لا تزال مرفوضة تماما بالنسبة للعديد من الإسرائيليين الذين لا تزال ذكرى 7 أكتوبر ماثلة في أذهانهم. وقال مسؤول إسرائيلي كبير هذا الأسبوع "لا أستطيع أن أفهم حقا لماذا لا يشجعنا العالم على المضي قدما وإنجاز مهمتنا"، رافضا الضغوط من أجل وقف القتال ووصفها بأنها "أكثر السياسات التي يمكن تخيلها نفاقا". وانتهت حروب غزة السابقة بهدنة وبإعلان "حماس" النصر. ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن ذلك يجب ألا يتكرر، ويشيرون إلى هزيمة تنظيمي داعش والقاعدة وقوى المحور في الحرب العالمية الثانية كسوابق. وقالت صحيفة يسرائيل هيوم المؤيدة لنتانياهو هذا الأسبوع إن المؤشرات على أن إسرائيل ربما تقدم تنازلات لإعادة المزيد من الأسرى إلى الوطن "مقلقة جدا". وكتب أرييل كاهانا في عموده الصحفي "ألم يحن الوقت للحزم وكسر دائرة سفك الدماء والعودة إلى مبدأ أننا لا نستسلم للإرهاب بل نهزمه؟".(رويترز)