بعد أسابيع من هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، ألقى زعيم "حزب الله" خطابًا مدويًا لشرح سبب انضمام رجاله إلى القتال ضد "العدو"، قائلًا إنّ إسرائيل كانت "ترتجف من الخوف" وهي "أضعف من شبكة العنكبوت"، لكن اليوم، مات نصر الله، وكذلك الكثير من القيادة العليا لحزبه، وتم تدمير ما تبقى منه من خلال سلسلة من الضربات التي أظهرت اختراقًا مذهلًا من قبل المخابرات الإسرائيلية.وبحسب تقرير تحليليّ لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنّ ما حدث كان نتيجة لارتكاب نصر الله خطأين إستراتيجيّين: التقليل بشكل صارخ من شأن إسرائيل.المبالغة في تقدير قدرات راعيه إيران وشبكتها من الجماعات المسلحة المتحالفة معها في المنطقة. يمتلك "حزب الله" ترسانة هائلة من الصواريخ والمسيّرات، بما في ذلك الصواريخ الباليستية الموجهة بدقة. وكان الهدف من ذلك هو ردع التصعيد الإسرائيلي، إلا أنّ أسلحته لم تلحق أيّ ضرر كبير بإسرائيل حتى الآن. وقُتل أكثر من 1000 شخص في لبنان منذ 16 سبتمبر وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، خلال حملة إسرائيل لإنهاء ضربات "حزب الله" التي أجبرت عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم في شمال إسرائيل. ولم يمت أيّ إسرائيليّ نتيجة ضربات "حزب الله" منذ 19 سبتمبر. وفي الوقت نفسه، أثبتت إيران أنّ مفهومها "وحدة الجبهات" هو طريق ذو اتجاه واحد، حيث من المتوقع أن يسفك حلفاؤها في المنطقة الدماء لصالح النظام الإيراني، ولكن من دون أيّ معاملة بالمثل من جانب طهران.غطرسة قاتلةوفي حين أصبح "حزب الله" ضحية لغطرسته، فإنّ إسرائيل تخاطر الآن بالوقوع في فخ مماثل، خصوصًا إذا شنت غزوًا بريًا للبنان، ومحاولات إعادة رسم التركيبة السياسية للبنان. فقد أدى غزو لبنان في عام 1982 إلى إنشاء "حزب الله" واحتلال طويل الأمد انتهى بانسحاب إسرائيليّ أحاديّ الجانب من جنوب لبنان في عام 2000. واغتالت إسرائيل سلف نصر الله، عباس الموسوي، في عام 1992.وعلى الرغم من مقتل نصر الله والعديد من كبار القادة، فلا يزال "حزب الله" يحتفظ بالآلاف من المقاتلين المتمرسين في المعارك، وترسانة كبيرة يمكن أن يستخدمها لإلحاق خسائر كبيرة في الأراضي المعدّة في معاقله في جنوب لبنان.وحذرت كسينيا سفيتلوفا، نائبة إسرائيلية سابقة وزميلة غير مقيمة في المجلس الأطلسي، من أنّ "حزب الله لا يستطيع الانتظار حتى تبدأ إسرائيل العمل على الأرض في جنوب لبنان، لأنّ تلك اللحظة يمكن أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة لهم، وهي نقطة تحوّل تسمح لهم بالنهوض من تحت الرماد، واستعادة الدعم مرة أخرى من المجتمع اللبنانيّ الأوسع". وفي حين أنّ القادة الإسرائيليّين يدركون مخاطر القتال البري ويتذكرون خسائر عام 2006، فإنّ المشكلة السياسية هي أنّ هدف إسرائيل المعلن وهو عودة نحو 60,000 إسرائيليّ شردتهم هجمات "حزب الله" من مناطق على طول الحدود يصعب تحقيقه بالقوة الجوية وحدها. على الرغم من الضربات الأخيرة، يرفض "حزب الله" وقف إطلاق النار عبر الحدود من دون موافقة إسرائيل أيضًا على وقف إطلاق النار مع "حماس" في غزة. وقال إيال زيسر، المتخصص في المنطقة ونائب رئيس جامعة تل أبيب: "لا يمكنهم فعل ذلك.. ستكون هزيمة مذلة لهم".ضعف دراماتيكيويخلق الضعف الدراماتيكيّ لـ"حزب الله" تحدّيًا خاصًا لإيران، التي اعتمدت على صواريخ الجماعة اللبنانية كرادع ضدّ أيّ هجوم إسرائيليّ محتمل على برنامجها النووي. وأضاف، "إنه أمر محوريّ بالنسبة للمنطقة، لأنّ حزب الله ليس مجرد وكيل آخر لإيران". وقال مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة "لو بيك" الدولية الاستشارية: "إنها جزء كبير من عقيدة إيران الدفاعية وأداة الردع الرئيسية ضد إسرائيل.. هذا يضع إيران في موقف صعب للغاية، لأنّ حزب الله بُني للدفاع عن إيران، لكنّ إيران تواجه الآن معضلة الاضطرار المحتمل للدفاع عن حزب الله".إنّ حسابات إيران بعد أقل من شهرين من اغتيال إسرائيل لزعيم "حماس" إسماعيل هنية في دار ضيافة حكومية، تزداد تعقيدا بسبب عدم اليقين بشأن مدى عمق اختراق إسرائيل لمؤسستها الأمنية. وبحسب التقرير، فيجب على إيران، التي تخضع لعقوبات غربية، شراء الكثير من معداتها ومكوناتها من خلال وسطاء مشبوهين. وقال محللون عسكريون إنّ إسرائيل، التي تسللت إلى سلسلة إمدادات "حزب الله" لتزويدها بأجهزة الاتصال اللاسلكيّ وأجهزة الاستدعاء، بالمتفجرات، كان من الممكن أن تتدخل بالمثل في شبكات الاتصالات أو الأسلحة الإيرانية. ومع محاولة الرئيس الإيرانيّ الجديد مسعود بيزشكيان التقارب مع الغرب، وعودة محتملة إلى المفاوضات النووية التي من شأنها تخفيف العقوبات على الاقتصاد الإيرانيّ المنهك، من المرجح أن تمتنع طهران عن اتخاذ إجراء مباشر نيابة عن "حزب الله"، كما قال فالي نصر، الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز ومستشار سابق كبير في وزارة الخارجية. وأضاف، "كان المزاج السائد في طهران طوال الوقت هو عدم تناول الطعم. إنهم يعرفون أنّ إسرائيل تريد الحرب الآن، لأنّ لديها ميزة استخباراتية وعسكرية، لأنّ هناك فراغًا سياسيًا في الولايات المتحدة، ولأنّ البحرية الأميركية تجلس في البحر الأبيض المتوسط.. إيران ليست مستعدة الآن لأنه ليس الوقت المناسب. ولكن سيكون هناك وقت مناسب".(ترجمات)