مع تصاعد وتيرة الاشتباكات بين "حزب الله" وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة، يخشى المراقبون من التحول إلى حرب شاملة مدمرة بين الطرفين، خصوصًا مع دعوة اليمين المتطرف للجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية عسكريّة في لبنان.خلال الأيام الماضية، استهدفت صواريخ ومسيرات "حزب الله" العديد من الأهداف الإسرائيلية في الشمال والجولان، مما أدى إلى اشتعال حرائق مدمرة في هذه المناطق، في المقابل ردت تل أبيب بشن غارات جوية وصولا إلى عمق الجنوب وبعلبك (شرق)؛ ما خلف قتلى وجرحى من الجانبين.وبحسب "حزب الله"، فإنّ عملياته العسكرية ضد أهداف إسرائيلية متنوعة "تخطت الـ2000 منذ بدء الحرب". وذكرت تقارير إسرائيلية أنّ هجمات الحزب تصاعدت في شهر مايو بنسبة 36%.ورغم التصعيد الكبير في الشهر الأخير، يختلف المحللون حول إمكانية توسع القتال بين الطرفين إلى حرب شاملة.حرب شاملة بين إسرائيل و"حزب الله" وتقول مصادر لبنانية متابعة إنّ احتمالات اندلاع حرب شاملة بين الطرفين لا تزال محدودة، مشيرة إلى أنّ العمليات العسكرية المستمرة على الحدود الجنوبية منذ 8 أشهر لا تزال ضمن نطاق جغرافيّ معروف وهو كيلومترات عدة على طرفي الحدود ولم تتجاوزها إلا في عمليات قليلة نسبيًا.وأضافت المصادر في تصريحات لمنصة "المشهد" أنّه بعد بدء حرب غزّة لم تتبدل بعد هذه القواعد بالرغم من بعض المحاولات الإسرائيلية التي تأتي بعد ردود الحزب وتلتزم بهذه القواعد غير المعلنة، ولكنها معروفة ومطبقة من قبل الطرفين حتى حدود 5 كيلومترات عن جانبي الحدود.وأشارت إلى أنّه أن ليس من مصلحة إسرائيل الانتقال إلى مرحلة الحرب الشاملة بسبب عدم قدرتها على فتح جبهتين في وقت واحد.من جانبه، يقول المحلل الإستراتيجيّ الإسرائيلي موشيه إلعاد، إن ما يجري حتى الآن حرب استنزاف حيث يحاول كل جانب الضرب بقوة أكبر بالنار؛ فالأضرار متبادلة ومتساوية، فكل من شمال إسرائيل وجنوب لبنان خاليان من السكان مع دمار كبير للمنازل والبنية التحتية. وأكد إلعاد في تصريحات لمنصة "المشهد" أنّ الخطوة التالية هي إما تسوية سياسية تحت إشراف دولي، أو تصعيد يؤدي إلى حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان. وأضاف "إذا فشلنا مع المجتمع الدولي في ضمان إزالة التهديد الذي يواجه المستوطنات الشمالية من خلال حل سياسيّ، إسرائيل لن تتردد في استخدام القوة".وقال الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، إن إسرائيل لن تتوانى عن استخدام القوة إذا لم ينجح الحل السياسي في إزالة التهديد لبلدات الشمال.والأسبوع الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي إجراء مناورات عسكرية تشبه الحرب في لبنان، كما ضاعف عمليات استدعاء الاحتياطي والحشد العسكري في الشمال.سيناريوهات الحربأما عن شكل الحرب الشاملة بين الطرفين في حال اندلاعها، أكد إلعاد أنها سوف تمتد إلى كامل الدولة اللبنانية، وقال: "هذه المرة، على عكس الماضي، "حزب الله" عضو في الحكومة اللبنانية، وبالتالي فإن العدو هو دولة لبنان". وأشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية ستستهدف المواقع الإستراتيجية مثل المطارات ومستودعات الوقود والجسور والميناء البحري وغيرها. وأضاف: "ستكون بيروت، وخصوصًا مقر "حزب الله" في حي الضاحية الغربية، هدفاً مهماً.. إذا حدث ذلك فسوف يعود لبنان بالزمن إلى سنوات عديدة".وأكد الخبير الإسرائيلي موشيه إلعاد، أنّ الحرب لن تقتصر على الغارات الجوية فحسب، "بل من المتوقع أن يؤدي القتال البري إلى إبعاد "حزب الله" عن الحدود الإسرائيلية لأن هذا هو المكان الذي تكمن فيه المشكلة".لكنه لفت إلى أن إسرائيل ستتلقى أيضاً ضربات قوية، مشيرا إلى أن "حزب الله" لديه القدرة على إيذاء إسرائيل. في المقابل، ترى المصادر اللبنانية أنها ستكون حربا متدرجة من قصف جوي وبري من الجانب الإسرائيلي، يبدأ من جنوب لبنان وبعض العمليات الجوية في العمق اللبناني لمعرفة مدى قوة الرد من قبل "حزب الله" الذي لم يكشف حتى الآن عن قدراته إلا بنسبة مدروسة.وأكدت أن "حزب الله" لم يظهر قدراته العسكرية بكاملها وهو يملك بالإضافة إلى ترسانة الصواريخ أرض - أرض الضخمة والدقيقة ترسانة أخرى من المسيرات وصواريخ أرض - بحر وصواريخ أرض - جو لم يظهرها بعد. وقال: "وقد تفاجئ إسرائيل بأن الحرب تحولت إلى إقليمية غير مباشرة وبأسلحة على مستوى إقليمي وليس محلي".وبحسب تقرير سابق لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فإنه في حالة اندلاع حرب بين الطرفين، فإن إسرائيل: ستفرض حصار بحريّ وجويّ على لبنان. ستستهدف جميع المطارات المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى الجسور والطرق ومحطات الطاقة. ستشن إسرائيل حربا برية، وستهاجم قواتها البرية مناطق عديدة في لبنان في مناورة طويلة الأمد وتدمر كل شيء في طريقها.في المقابل، سيكون رد "حزب الله" كالآتي: يمتلك من 120 – 150 ألف قذيفة وصاروخ وقذيفة من كافة المدى، قادرة على الوصول إلى أيّ نقطة في إسرائيل، بما في ذلك إيلات. سيطلق ما يصل إلى 5000 صاروخ يوميًا من لبنان، بالإضافة إلى عدّة مئات أخرى من قبل وكلاء إيرانيين آخرين في اليمن والعراق وسوريا، بحسب التقديرات الإسرائيلية. سيستهدف جميع المطارات المدنية والعسكرية في الداخل الإسرائيلي.ضرب منشآت البنية التحتية مثل محطات الطاقة وأنابيب المياه، وكذلك الموانئ البحرية ومواقع الاتصالات. سيدمر آلاف المنازل في مختلف المدن الإسرائيلية، وسيتم إجلاء مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى المراكز المجتمعية والفنادق والملاعب الرياضية ومدن الخيام. من المتوقع انقطاع التيار الكهربائي مما سيؤثر على عمل المستشفيات.أضرار كبيرةوحذرت الولايات المتحدة إسرائيل من أنّ "الحرب المحدودة" مع لبنان قد تدفع إيران إلى التدخل، بحسب ما قال موقع "أكسيوس".وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن إدارة بايدن حذرت إسرائيل من أن الغزو البري للبنان، حتى لو كان فقط في المناطق القريبة من الحدود، من المرجح أن يدفع إيران إلى التدخل.وأضافوا أنّ أحد السيناريوهات التي أثارتها الإدارة مع إسرائيل هو أن آلاف المسلحين من الميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق وحتى اليمن قد يدخلون لبنان وينضمون إلى القتال.كما أشارت المصادر لـ"المشهد" إلى أن التوغل في لبنان وقصف الداخل اللبناني سوف يرتد سلبا على إسرائيل التي ستجد نفسها تدخل حربا مع دولة أخرى وستجد أمامها برا وحدات الجيش اللبناني المنتشر في الجنوب والذي أثبت عبر تاريخه إنه سيقف ضد احتلال أرض لبنانية وهو حتما سيقاتل ضد أي غزو للأراضي اللبنانية.وتؤكد أنه في حال اندلاع حرب شاملة بين الطرفين فإن حجم التدمير سيكون كبيرا جدا في لبنان وهذا ما حصل سابقًا في حرب 2006 وهو سيناريو تطبقه إسرائيل في غزّة، ولكن حجم الدمار في إسرائيل سيكون كبيرا جدا وكما ستقوم إسرائيل بضرب مرافق وجسور وبنى تحتية وربما مطارات ومرافئ. ويتفق إلعاد مع هذا الرأي، مشيرا إلى أن "حزب الله قادر على تعطيل إسرائيل لمدة شهر، ولكن إسرائيل قادرة على تدمير لبنان".وقال: "إذا استمرت حرب الاستنزاف بضعة أيام وأسابيع أخرى، فلن يكون أمام إسرائيل خيار سوى غزو وضرب لبنان كله".(المشهد)