كثرت التحليلات حول الموقف الأميركي الحقيقي من الحرب التي تقودها إسرائيل في الشرق الأوسط. وبالفعل، شهد العالم على التناقضات والتضارب في التصريحات الأميركية منذ بدء الحرب الإسرائيلية في غزة، حيث بات من الصعب جدا معرفة النية الحقيقية للولايات المتحدة وموقفها الفعلي من هذه الحرب، التي لا تهدد الشرق الأوسط فقط، بل قد تطال تداعياتها المدمرة العالم بأسره وصولاً إلى الأراضي الأميركية.إسرائيل تريد توريط أميركاوفي هذا الشأن، قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد لقناة "المشهد": "في الحقيقة، كانت إسرائيل تعد العدة لخوض حرب مع إيران منذ فترة طويلة، لأنها تعتبر إيران أكبر مهدد لها ولأمنها، بسبب الإيديولوجية الإيرانية ولغة العداء الإيرانية وأذرعها المسلحة في المنطقة والتي تحيط بإسرائيل من كل جهة، بالتالي إسرائيل كانت تنتظر الفرصة المناسبة للقضاء على إيران".وتابع عبد الواحد قائلًا: "المفارقة هنا، أن إسرائيل لا تريد أن تدخل الحرب مع إيران بمفردها، بل تريد أن تورط الولايات المتحدة الأميركية معها، وهي تستغل الصراع بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، وكلما اقترب استحقاق الانتخابات الأميركية، كلما استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو علاقاته الدولية لحشد الدعم لإسرائيل".أميركا لن تدخل في حرب ضد إيرانوأضاف عبد الواحد: "أميركا قد تساند إسرائيل في حربها على "حزب الله"، وتوفر لها الدعم الدبلوماسي والمادي والعسكري والتكنولوجي، لكن في حرب تل أبيب مع إيران، ربما قد توافق الولايات المتحدة الأميركية فقط على ضربات قوية وموجعة لإيران، دون دخول في حرب شاملة ما بين الطرفين".واستطرد عبد الواحد قائلا: "الضربة الصاروخية الإيرانية المكثفة على إسرائيل في الأمس، لم يكن لها أي تأثير مادي على الإطلاق، لكن تأثيرها المعنوي كان كبيرا جدا، إذ إن إيران أرادت إيصال رسائل للعالم بأسره وخصوصا لأميركا وإسرائيل، أنها قادرة على هذه الحرب الحديثة، وعلى الرغم من العقوبات التي ترزح تحتها طهران، استغلت إيران هذا الضعف في إنتاج تكنولوجيا جديدة جدا يمكن أن تكون بديلاً عن الحروب التقليدية مثل الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة وغيرها من التكنولوجيا التي طورتها في السنوات الماضية".وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت خلال اتصال هاتفي بين الطرفين إن الولايات المتحدة تظل على أهبة الاستعداد للدفاع عن أفرادها وحلفائها وشركائها في مواجهة التهديدات الصادرة عن إيران والجماعات المدعومة منها.آخر حرب تخوضها إسرائيلومن جهته، قال الكاتب والباحث السياسي مروان الأمين لقناة "المشهد": "مقاربة إسرائيل للاستهداف الإيراني الأخير لا يشبه بتاتا مقاربتها للاستهداف الإيراني الذي جرى في أبريل الماضي، فهذه المرة، إسرائيل لن تسكت عن هذا الاستهداف وستذهب بعيداً ولا أعتقد بأن ردها على الأراضي الإيرانية سيكون أقل حدة من استهداف إيران لتل أبيب".وتابع قائلا: "نحن ذاهبون إلى تصعيد أخطر، وكما ذكرت منذ بداية هذه الحرب من خلال التحليلات، بأن إسرائيل بعد ما حصل في 7 أكتوبر، أخذت قراراً بأنها ستخوض هذه الحرب إلى النهاية، وستكون هذه آخر حرب تخوضها تل أبيب، بالتالي لن تتوقف هذه المواجهة قبل أن تتاكد إسرائيل بأنها ستدخل في مرحلة سلام دائم، وإلغاء لأي تهديد أمني لها لفترة طويلة جداً من الزمن".وأردف بالقول: "عنوان التهديد بالنسبة لإسرائيل هو المحور الإيراني حالياً، لذلك وبعد أن حققت الكثير من أهدافها تجاه "حماس" في غزة، وضعت ملف "حزب الله" على الطاولة وأخذت قرارات خطيرة ومؤذية تجاه التنظيم وصولاً إلى اغتيال رأس الهرم حسن نصر الله".واستطرد قائلا: "وها هو الملف الإيراني يوضع على الطاولة بشكل تدريجي وعلينا هنا أن نقرأ المواد التحليلية والحجج التي بين أيدينا": أولا، الخطاب والكلمة التي وجهها نتانياهو للشعب الإيراني، عندما خاطبهم قائلا بأن الشعب الإيراني هو صديق لشعب إسرائيل، وبأنهم أقرب إلى الحرية مما يتخيلون.ثانيا، القيادات العسكرية والقيادات السياسية في إسرائيل، بعد اغتيال قيادات "حزب الله" وعلى رأسهم حسن نصر الله، قالت إن لديها الكثير من المفاجآت وستظهر تباعا في المستقبل.ثالثا، إسرائيل الآن في مرحلة إعادة تكوين نظامها الدفاعي وعليها إعادة تكوين وتعبئة مخازنها بالأسلحة الدفاعية، وبعد ذلك، الرد على إيران سيكون قاسيا، وليس من الواضح إلى أي مدى يمكن أن تصل إسرائيل بعد، ولكنها أعلنت بأن المحور الإيراني سيتم ضربه بشكل كامل.(المشهد)