دخلت الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة مرحلة جديدة من المواجهة في اليوم الـ95، وعلى ما يبدو بأن الانتقال سوف يكون دون مراسم، أو إعلانات رسمية درامية بحسب التصريح الأخير للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وتشمل المرحلة تقليصاً للقوات البرية، وخفضاً للضربات الجوية، في وقت أعلن فيه الجيش الإسرائيلي مواصلة تقليص عدد جنوده في قطاع غزة، وهي عملية بدأها في بداية الشهر الحالي على حدّ قوله. في هذا الوقت توالت المواقف وصدرت التصريحات من ساسة إسرائيل مفادها، بأن القوات الإسرائيلية تستعد للانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب في قطاع غزة، مرحلة ثالثة وطويلة، وهي بمثابة التحول من مرحلة المناورة المكثفة في الحرب إلى أنواع مختلفة من العمليات الخاصة، دون تحديد موعد البدء بذلك، أو تفاصيل عن هذه العمليات، وتشير التقديرات بأن الفصل التالي من الحرب سيستمر لفترة أطول، لأن إسرائيل وعلى ما يبدو لن تتخلى عن أهدافها المتمثلة في تدمير "حماس" وإنهاء سيطرتها على غزة، وتحرير الأسرى الإسرائيليين المتبقين في قبضة "حماس" بغزة. الحرب تتوسع إلى المرحلة الثالثة والعمليات الجراحية الباحث والمحلل العسكري الإسرائيلي إيال عليما يوضح لمنصة "المشهد" حيثيات التقليص الإسرائيلي العسكري في قطاع غزة ويقول إنه " يجب أن نفرق بين شمال غزة، وجنوب غزة، في الشمال فعلاً تم تقليص القوات الإسرائيلية، من خلال إخراج وتسريح قوات كبيرة من وحدات الاحتياط، وربما يجب أن نتذكر أنه في بداية المناورة البرية كانت هناك 4 ألوية في شمال غزة، والآن هذه القوات تقلصت" ويضيف عليما قائلاً " تقلصت القوات الإسرائيلية، لأنه تم الانتقال إلى أساليب قتال مختلفة، لكن منطقة السياج فيها قوات إسرائيلية كبيرة أي عند الشريط الحدودي بين إسرائيل وغلاف غزة، الذي ربما سوف يتحول إلى منطقة آمنة في وقت لاحق، كذلك في منطقة وادي غزة للفصل بين الجنوب وشمال قطاع غزة، ولكن في جنوب قطاع غزة المعارك ضارية ومستمرة، وهناك جهود إسرائيلية لتوسيع وتكثيف الضربات الإسرائيلية، خاصة في وسط مدينة خانيونس". ويوضح المحلل العسكري عليما أنه إذا كانت هذه التقليصات في القوات الإسرائيلية وتسريحها من قطاع غزة مقدمة لنهاية الحرب، "في نهاية الأمر، لابد لهذه المعركة أن تتوقف، عندما تتحدث القيادة العسكرية الإسرائيلية، عن استمرار المعركة في غزة خلال أشهر طويلة، ولكن بأساليب مختلفة تماماً، ربما بالأساليب القتالية التي نراها في شمال قطاع غزة، على سبيل العملية التي قامت بها قوات محدودة في الشجاعية بناء على معلومات استخباراتية معينة، وهذا هو الاعتقاد، بأنه في مرحلة معينة ربما الحديث يدور عن نهاية هذا الشهر أو بعد ذلك لا نعلم". مشيراً عليما "وفقاً للقيادات العسكرية الإسرائيلية، بأنه عندما يتم تحقيق ما يكفي من الإنجازات في جنوب القطاع، خاصة فيما يتعلق بتفكيك قدرات "حماس" العسكرية، سوف يتم الانتقال بشكل كامل في شمال وجنوب القطاع في المرحلة الثالثة، والمرحلة الثالثة في الواقع تقضي بإخراج معظم القوات من قطاع غزة ومواصلة عمليات التوغل المحدودة، أو عمليات جراحية كما تسمى، بناء على معلومات استخباراتية، علماً بأن مهمة إسرائيل بالقضاء الكامل على حركة "حماس" طويلة ومعقدة وبحاجة ربما لسنوات". الجدول الزمني للحرب مستمر ومن وجهة يرى الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت حول تقليص إسرائيل لقواتها العسكرية في قطاع غزة، يقول لمنصة "المشهد" إنه "بالفعل إسرائيل قلصت قواتها العسكرية كما أعلنت مؤخراً، بالأساس في منطقة شمال غزة هذا التقليص، حيث قالت كل العملية العسكرية البرية المكثفة قد استنفذت نفسها، وادعت أنها حققت الإنجازات التي كانت تتطلع إلى تحقيقها، ولكن إسرائيل أضافت بأنه ما تزال هناك بعض المعارك التي يجب أن تخوضها في الشمال لذلك قامت بتسريح هذه القوات". ويستدرك قائلاً إن إسرائيل تقصد "نقل عدد من الفرق العسكرية التي كانت في شمال القطاع إلى الجبهة الشمالية مع لبنان، وفي هذه الأيام نلاحظ تصعيدا في التوتر الأمني القائم بين إسرائيل و"حزب الله" في المنطقة الشمالية، لذلك جاء هذا النقل، لاحتمال أن يستمر هذا التصعيد، وأن يتطور إلى ما هو أشد وأدهى، بموازاة ذلك، أكدت إسرائيل أنها ستستمر في الحرب على غزة، بحسب الخطة التي وضعتها في منطقتي وسط وجنوب القطاع، خصوصاً في منطقة خان يونس، وقالت إن القتال هناك سوف يستمر بنفس الكثافة التي بدأ بها" وأضاف شلحت للمشهد "بالإجمال هذا يدل على أمر أساسي أن إسرائيل تعلن أنها مستمرة في هذه الحرب القاسية على قطاع غزة والشعب الفلسطيني، ولكن هي تسعى لإيصال رسالة بأنها تريد أن تغير ربما شكل الحرب لكي تهرب إلى الأمام، من بعض الضغط الذي يمارس عليها لتوقف هذه الحرب".حرب غزة في 2024ويرى شلحت بأنه من الصعب القول إن التقليص هو مقدمة لوقف الحرب في غزة للأسباب الآتية" لأن كل التصريحات الإسرائيلية حتى الآن تؤكد أن الحرب سوف تستمر، ويضاف إلى هذا التأكيد أنها ستستمر في عام 2024 ولا يتحدثون عن نقطة نهاية للحرب، الآن الحديث الإسرائيلي يهدف إلى أن يؤكد أمام الرأي العام العالمي، أن الحرب سوف تستمر ولكن سوف تتغير صورتها وهناك فارق بين أن تقول إسرائيل إن الحرب سوف تنتهي، أو سوف تغير صورتها وأشكالها، برأيي الأمور تبقى مبهمة حتى الآن ربما سوف تتضح الفترة المقبلة". ويشير شلحت "إسرائيل تريد الاستمرار في الحرب، وبرأيي أن نهاية الحرب والوصول إلى نقطة يمكن أن تشير إليها بأنها نهاية الحرب، يمكن أن تتأتى عن أمرين وهما: أن تمارس الولايات المتحدة حيثيتها على إسرائيل أن توقف الحرب، وتستطيع ممارسة ذلك، لكن لا توجد إشارات قوية بأنها تمارس مثل هذا الأمر، ثانياً، أن يتصدع الإجماع الإسرائيلي على الحرب، صحيح هناك خلافات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، لكنها لا تؤثر على الإجماع الإسرائيلي شبه شامل على الحرب واستمرارها".(المشهد)