أثار سقوط المروحية الرئاسية الإيرانية ومقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، تساؤلات عدة حول أسباب هذه الحادثة، التي تابعها العالم أجمع لمعرفة نهايتها. إلا أن اللافت في الأمر، هو طلب إيران ليل الأحد، المساعدة من تركيا لتحديد موقع تحطم الطائرة. واستجابت وزارة إدارة الكوارث والطوارئ التركية لطلب إيران من خلال تقديم مروحية بحث وإنقاذ من طراز "cougar" وطائرة مسيّرة تركية الصنع من طراز "أكنجي" لها قدرات رؤية ليلية. وبعد العثور على حطام المروحية في غابات ديزمار الإيرانية، تكشّفت أحاديث عن مدى قدرة إيران للتعامل مع هكذا حوادث خصوصا وأنه ليس الحادث الأول، ولماذا لم تول طهران اهتماما بترساناتها الجوية على الرغم من امتلاكها لبدائل عن الطائرات الأميركية الخاضعة أصلا لعقوبات من واشنطن؟ الطائرات الإيرانيةفي السياق، قال الخبير العسكري والإستراتيجي الدكتور عصام ملكاوي إن عدم قدرة السلطات الإيرانية على تحديد موقع سقوط المروحية الرئاسية واستعانتها بالكثير من الأدوات، وخصوصا من تركيا التي أرسلت مروحية وطائرة "أكنجي" المسيرة المتطورة التي تتمتع بقدرات تقنية عالية الدقة، كلها تكشف الضعف الشديد للترسانة الجوية في إيران. واعتبر أن القدرات العسكرية الإيرانية تركّزت فقط كما يبدو على صناعة الصواريخ متوسطة وطويلة المدى بين 500 إلى 3000 كلم. وأشار ملكاوي في حديثه لمنصة "المشهد"، إلى أن هذه الصواريخ تحمل رؤوسا حربية غير تقليدية، متسائلا "لماذا التشديد على تطوير الصواريخ من دون الاهتمام بتطوير الطائرات؟". وأضاف أنه لم يكن هناك تطوير حقيقي حتى فيما يسمى بأدوات القتال المستخدمة حالية سواء كان بالمدرعات أو بالطيران، حيث اعتمدت طهران على تطوير الصواريخ والقطع البحرية فقط لا غير. وقال إن إيران ركّزت على تطوير صنفين حربيين وهما: الاهتمام بالمضائق البحرية والممرات المائية. إطلاق القدائف بأنوعها وشنّ الضربات عن بعد. ولفت إلى أن هذا يدلّ على عدم رغبة إيران في الاشتباك المباشرة مع أي عدو، وبالتالي تم تقليص الصناعات الجوية بمعنى أن الصناعات الفضائية الإيرانية لم تطوّر حتى الطائرات التي كانت منذ أيام الشاه. وأضاف: "كان لدى إيران طائرات فانتوم تم التعديل على بعضها، ولكنها طائرات قديمة جدا صُنعت خلال النصف الأول من القرن العشرين". ولفت إلى أن إيران لديها طائرات ومروحيات سوفياتية، أخذتها من العراق بعد أن وضعها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في الأراضي الإيرانية أثناء الحرب الأميركية عام 2003. غياب إجراءات السلامة ولفت ملكاوي إلى أن المشكلة الأهم، هي أن المروحية الرئاسية أميركية الصنع ومن الجيل القديم، ولم يجر عليها أي تحسين إلا بعض الشيء. وأضاف: "السؤال هنا، هو كيف يتم إركاب عدد كبير من القادة بمستوى رئيس الجمهورية ووزير الخارجية ونحو 4 مسؤولين آخرين غير الطاقم في مروحية قديمة؟". وأكد أن ذلك التساؤل يبرز خصوصا في حالة السفر بخط طيران محفوف بالمخاطر وفي ظل أجواء مناخية صعبة. وأوضح أنه في الطائرات المدنية، يُخبر قائد الطائرة الركاب أن هناك مطبات هوائية ويجب الاستعداد لها، وإن كان ضروريا يتم تغيير المسار. وشدّد في تساؤلاته "كيف يخرج رئيس الجمهورية ووزير خارجيته في طائرة قديمة تطير بهم ضمن خط طيران محفوف المخاطر، دون اتخاذ إجراءات السلامة؟".ورفض ملكاوي فكرة اتهام أي دولة بما حدث للرئيس رئيسي، مؤكدا "أعتقد أنه ليس بصالح إيران اتهام دول بما حدث لأن جميع الدول عرضت المساعدة". وقال إن طبيعة العلاقات بين تركيا وإيران سمحت لطهران أن تستنجد بأنقرة، التي لديها بيئة تكنولوجية متطوّرة عكس الصورة غير اللائقة التي ظهرت بها الصناعة العسكرية الإيرانية. وعاد ملكاوي للتذكير، أن إطلاق المئات من الصواريخ والمسيرات الإيرانية على إسرائيل أبريل الماضي والتي عبر جزء منها الأجواء الأردنية، حيث تم إسقاط 99% منها، يدل على أن الأسلحة الإيرانية غير متقدمة وضعيفة. ويعتقد أن الطائرات والمروحيات المدنية التي يسافر فيها الأشخاص العاديون حول العالم، أثبتت أنها أكثر أمانا من المروحية الرئاسية الإيرانية التي كشفت عن "ضمور وقصور في التقنية العسكرية العالية".مخزون متهالك بعد الغزو البريطاني السوفياتي لإيران عام 1941، دُمّرت أغلب طائرات سلاح الجو الإيراني. وبتولي الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي مقاليد الحكم في إيرات، أعيد بناء القوة الجوية التي بلغت ذروتها عام 1979 حيث بلغ عدد أفرادها 100 ألف فرد منهم 5 آلاف طيار يملكون 450 طائرة جميعها أميركية الصنع من طرازات "إف - 4 فانتوم" و"إف - 14 توم كات" و"إف – 5". وأكد الخبير العسكري هشام سليمان خريسات أن من أهم مشكلات هذه الطائرات هي: افتقادها لتكنولوجيا الطيران الحديثة. ضعف كبير بالتسليح. انعدام وجود قطع الغيار. كثرة الأعطال الفنية المفاجئة. عدم القدرة على المناورات والقتال الجوية. ليس لها علاقه بالتشويش وصدّه لا يعنيها. مدى طيران يصل إلى 500 كلم. من السهل التشويش عليها. مروحية الرئيس الإيرانيوبحسب المعلومات المتوفرة، كان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يستقل مروحية من طراز "بيل-212"، أميركية الصنع، خلال الحادث الذي تعرضت له الطائرة في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران. وتعمل المروحية "بيل-212" بمحركين. الطائرة التي بمقدورها أن تنقل 14 شخصًا، تصل سرعتها إلى 190 كلم، فيما يبلغ سقف الطيران فيها 17 ألف قدم. ويبلغ طول المروحية 17 مترًا، فيما يبلغ ارتفاعها 3 أمتار، وتزن نحو 5 أطنان وخلُص خريسات في حديثه إلى أن الجيش الإيراني في النهاية يمكن اعتباره على أنه جيش "مليشيات" وليس جيشا نظاميا عاديا، على غرار الجيش التركي المتقدم بجميع المقاييس. (المشهد)