فداحة الخسائر الاقتصادية ألقت بظلالها الرديئة على الواقع المعيشي مع دخول الحرب يومها 41، حرب شنتها إسرائيل على غزة بعيد هجوم طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وأرقام الضحايا تتزايد يومًا بعد آخر، والمؤشرات تشير إلى أنه بات الاقتصادان الفلسطينيّ والإسرائيلي ينتظران أيامًا عسيرة، وسط مخاوف من تفاقم الصراع في غزة. خسارة 5 مليارات شيكل يوميًاوإذا ما تحدثنا عن الاقتصاد الإسرائيلي، فإنه يواجه تحديات جديدة في ظل الحرب الضروس، إذ إنّ تكلفتها اليومية تقدّر بمليار شيكل يوميًا، وبالتالي يمكن وصف الحالة الاقتصادية فيها من سيّىء إلى أسوأ، حيث عانت إسرائيل في الأعوام الماضية وضعًا اقتصاديًا حرجًا للغاية، ويتعرض اقتصادها حاليًا لخسائر يومية تقدّر بين 4 إلى 5 مليارات شيكل(1.4 مليار دولار)، وهي كفيلة بتعطيل الأعمال فيها، وذلك سيكون له تبعات سلبية على مستوى المؤشرات الاقتصادية، وامتداد الأزمة وتفاقمها، بدوره أقرّ وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أنّه من المتوقع أن تكون للحرب آثار مدمّرة على الاقتصاد الإسرائيلي. وأما غزة والتي تعاني الويلات قبيل الحرب بفعل الحصار الإسرائيلي المطبق عليها منذ العام 2005، وتحكّم إسرائيل بحركتها التجارية ومعابرها، وتفاصيل الحياة اليومية فيها، فتكبّدت بخسائر وصلت إلى 3 مليارات دولار، مع دمار فادح بالمباني السكنية والتعليمية والتجارية، ومسح كامل للبنى التحتية والمقارّ الحكومية والأهلية، خسائر غيّرت معالم المدينة المنكوبة بالأساس، وفق ما صرّح به الناطق باسم الداخلية في غزة إياد البزم. خسائر إسرائيل في طوفان الأقصى واستعرضت وسائل إعلام إسرائيلية تقوم بجرد الخسائر المادية وتوثّقها منذ 7 أكتوبر، وكشفت أنّ الخسائر الاقتصادية التي لحقت بإسرائيل وصلت إلى نحو 13 مليار دولار أميركي، وأشارت إلى أنّ الأضرار التي وقعت في غلاف غزة تقدّر بـ10 مليارات شيكل، كما فندت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أعداد القتلى الإسرائيليّين الذي قُتلوا منذ 7 اكتوبر، قائلة إنّ نحو 850 جثة لإسرائيليّين وأجانب تم التعرف إليها لغاية الآن، إضافة إلى 369 قتيلًا من الجيش الإسرائيلي، وأيضًا 240 أسيرًا. ومع هبوط أسعار الأسهم والسندات الإسرائيلية، وتراجع مؤشرَي بورصة تل أبيب الرئيسيّين، وإلغاء مئات الرحلات الجوية إلى إسرائيل، أكدت هذه الصحف أنّ الشلل قد أصاب اقتصاد البلاد.ويشير الأكاديميّ الإسرائيليّ يورام يوفال لمنصة "المشهد"، إلى أنه "كلما احتدمت الحرب ساء الوضع الاقتصادي في إسرائيل خصوصًا مع التلويح المستمر بفتح جبهة قتالية ثانية على الحدود مع لبنان، وقد توقفت النشاطات والأعمال التجارية منذ وقوع الحرب، وتأثرت الشركات، والمصالح التجارية، وكذلك المدخولات الاقتصادية للحكومة التي تعتمد على الضرائب، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على حجم ضعف وخسارة الاقتصاد بفعل حالة الحرب". وحول النتائج السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي يقول يوفال، إنّ "الحرب فرضت حالة من التعطيل الواسع في مناطق كثيرة، تعطيل الحركة الاقتصادية من شمال ومركز وجنوب إسرائيل بسبب الرشقات الصاروخية عليها، وكنتيجة مباشرة لإعلان الحرب أدى هذا إلى انخفاض حادّ في البورصة الإسرائيلية، وأيضًا انخفاض سعر الصرف لعملة الشيكل، في المقابل ارتفع سعر الصرف مقابل الدولار". الحرب تعمّق جراح اقتصاد غزة المُنهك تفاقم الوضع المعيشيّ الإقتصاديّ في غزة منذ اندلاع الحرب الطاحنة، إذ يعيش الغزّيون في ظروف صعبة مع نسبة بطالة تتجاوز 50%، وتخطي نسبة الفقر 70%، كما أنّ 80% من السكان كانوا يعيشون على الإعانات الدولية قبل الحرب، ويقول الأهالي في غزة أنّ إسرائيل تعمّدت خلال الحرب الدائرة إلى تدمير ما تبقى من مكونات اقتصادية قاومت الصعوبات على مدار الأعوام الماضية، على الرغم من الحصار والحروب، وهي سياسة إسرائيلية معتادة تستهدف ضرب عصب الحياة في غزة. ويقول الخبير الاقتصاديّ د. الطباع لمنصة "المشهد"، أنّ المؤشرات الاقتصادية تكشف عن مدى فداحة الخسائر البشرية والاقتصادية في غزة إذ"بفعل الحرب الإسرائيلية أصبح أكثر من 2 مليون فلسطيني يُعتبرون تحت خط الفقر، بسبب ترحيلهم وتهجيرهم من ديارهم من الشمال إلى الجنوب، ونتيجة الحصار والقصف الإسرائيلي انعدمت كل مقوّمات الحياة، فلا تتوافر الطاقة ولا المياه ولا الكهرباء، ومعظم أهل غزة فقدوا أملاكهم وأساسيات الحياة من طعام وشراب ومسكن". ويضيف د. الطباع، أنّ "التقديرات الأولية تشير إلى أنّ الحرب الإسرائيلية على غزة كبّدت القطاع الخاص خسائر كبيرة بمئات ملايين الدولارات، من جرّاء الدمار الهائل الذي أصاب المصانع والشركات والمحالّ التجارية والمنشآت السياحية". وينبه د. الطباع إلى أنّ الحرب "تسببت في تفاقم الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية في غزة وعموم الضفة الغربية، وذلك أدى إلى تدهور البيئة الصحية، وزيادة معدلات الفقر والقائمة تطول، وفي حقيقة الأمر أقول بأنّ ما خلّفته الحرب أقلّ ما يمكن وصفه بالكارثة الإنسانية، فآلاف العمال شُردوا من أماكن عملهم وفقدوا مصادر رزقهم، والتبعات ما زالت مستمرة". (المشهد - القدس)