تدور معارك عنيفة بين الجيش الإسرائيلي وحركة "حماس" السبت في جنوب قطاع غزة حيث يحتشد آلاف المدنيين في ظروف إنسانية كارثية وسط المطر والبرد. في قطاع غزة المدمر والمحاصر، أصبحت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مرمى السلطات الإسرائيلية التي تقول إنها تشتبه في ضلوع بعض موظفيها في الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس السبت إن بلاده ستسعى لمنع الوكالة من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب في حين نددت حماس بـ"التهديدات" الإسرائيلية ضد الأونروا ومنظمات أممية أخرى.مخيمات غزة.. مغمورة وأصبحت الآن خان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة والتي تعدها إسرائيل معقلا لـ"حماس"، في قلب المعركة. وأعلن الجيش الإسرائيلي قصف "أهداف إرهابية بما فيها مستودع أسلحة عثر فيه على كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة ومعدات تكنولوجية مختلفة". وأضاف "وجّه الجيش الإسرائيلي طائرة قتلت 3 مقاتلين كانوا يعملون على زرع عبوات ناسفة قرب الجنود. وتوازيا، قتل الجيش الإسرائيلي العديد من المسلحين من مسافة قريبة". وأفاد شهود عيان وكالة "فرانس برس" بوقوع اشتباكات عنيفة بين حركة "حماس" والجيش الإسرائيلي في محاور عدة من مدينة خان يونس. وأفادت وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" بسقوط 135 قتيلا في القصف الليلي والمتواصل حتى صباح السبت في خان يونس ومناطق متفرقة في قطاع غزة. ويحتدم القتال خصوصا في محيط مستشفيَي ناصر والأمل اللذين يعملان بالحد الأدنى ويؤويان مرضى وآلاف النازحين. من جهتها، قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان إنها "تستهجن الحصار واستهداف مستشفى الأمل التابع لها ومقر فرعها في خان يونس لليوم السادس على التوالي". وأضافت "يواصل الجيش الإسرائيلي قصفه لمحيط المستشفى وإطلاق النار مما يهدد سلامة الطواقم الطبية والجرحى والمرضى ونحو 7000 نازح لجأوا إليه طلبا للأمان وهربا من القصف الاسرائيلي". وعلى مسافة كيلومترات قليلة إلى الجنوب، يتكدّس عشرات آلاف المدنيين في رفح في مساحة صغيرة جدا مقابل الحدود المغلقة مع مصر. وفي المجموع، نزح حوالى 1,7 مليون مدني منذ بداية الحرب بحسب تقديرات الأمم المتحدة. ومن بين هؤلاء كريم المصري (40 عاما) الذي نزح من بلدة بيت حانون شمال القطاع مع زوجته وأطفاله لـ4 إلى مدينة رفح بعد أسبوع من بدء الحرب. وقال المصري "تمر المساعدات التي تأتي للقطاع من هنا، اجلس وانتظر اذا توقفت شاحنة بسبب سوء الطريق يتهافت الجميع على المساعدات. نعيش في غرفة فصل في مدرسة قريبة من هنا، نتشارك الغرفة مع نحو 50 شخص". وأضاف "الوضع في المدرسة كارثي، نأتي هنا كل يوم للهروب من الازدحام والتلوث وانتظار المساعدات". وخلال الليل، غمرت أمطار غزيرة مخيمات مليئة بالخيام، ما يزيد من معاناة النازحين الذين كانوا يتعثرون في المياه الموحلة أثناء محاولتهم إنقاذ بعض متعلّقاتهم. وأفاد شهود عيان من النازحين بأنه تم إجلاء عشرات الآلاف من النازحين من مبان وخيام في منطقة المواصي غرب خان يونس، وساروا مشيا على الأقدام بينهم أطفال ونساء لمسافة تزيد عن 4 كيلومترات. وروى جميل عوض (31 عاما) "غادرت فجر اليوم أنا وأمي وهي عجوز وعمرها 74 عاما ومريضة وزوجتي وأولادي لـ3 من الخيمة قرب مقر جامعة الأقصى جراء قصف مدفعي وإطلاق نار كثيف، في منتصف الطريق وضعت قوات الاحتلال حاجزا مجهزا بكاميرات وآلات تفتيش إلكتروني تتعرف على الوجوه، مثل الحاجز قرب نتساريم". وأفاد الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل وكالة أن "الأمطار الغزيرة تغرق آلاف الخيام للنازحين في رفح وخان يونس ومخيم النصيرات ودير البلح ومدينة غزة وشمال القطاع، وتزيد معاناة النازحين".المستشفيات مهددة وعبّرت منظّمة أطباء بلا حدود في بيان عن أسفها لأنّ "القدرة الجراحيّة لمستشفى ناصر" أصبحت "شبه معدومة"، مشيرة إلى أنّه "يتعيّن على أفراد الطاقم الطبّي القلائل الذين بقوا في المستشفى التعامل مع مخزونات منخفضة جدا من المعدّات الطبّية". بدوره، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عبر منصة إكس "مع اشتداد القتال حول مستشفى ناصر، فر مئات المرضى وأفراد الطاقم الطبي. لا يزال هناك 350 مريضا و5 آلاف نازح جراء القتال في المستشفى". وأضاف "الوقود والغذاء والإمدادات في المستشفى تنفد"، داعيا إلى "وقف فوري لإطلاق النار".(أ ف ب)