على مدار سنوات، كانت الحرب الأهلية في سوريا، صراعاً يرواح مكانه إلى حد بعيد، وانقسمت البلاد إلى مناطق تحت سيطرة الرئيس بشار الأسد وأخرى تحت سيطرة جماعات المعارضة وقوات سورية كردية.ويصادف اليوم 15 مارس ذكرى نشوب الحرب في سوريا، ولكن بعد أن دخل الصراع عامه الـ14، يقول مراقبون إن العنف في تزايد مرة أخرى، بينما تحول معظم تركيز العالم إلى أزمات أخرى مثل حرب روسيا وأوكرانيا وحرب إسرائيل في غزة.وفي قرية النيرب بإدلب، شمال غربي سوريا، حيث سيطرة المعارضة، يحرق علي الأحمد أغصان الزيتون في موقد ليبقي منزله شبه المدمر دافئاً، ويعيش في منزل مدمر استهدف في موجة قصف شنتها قوات الحكومة مؤخراً، لكن حاله أفضل من العديد من المنازل المحيطة التي تحولت إلى أنقاض، وفق قوله. وعندما تبدأ موجة قصف جديدة، يغادر ليبقى في أحد مخيمات النازحين القريبة حتى يهدأ الوضع ليتمكن من العودة وإصلاح الضرر، يقول الأحمد: "نعود ليوم أو اثنين، ثم يشرعون في قصفنا. نغادر لعدة أيام، ثم نعود لقريتنا ونجد منازلنا مدمرة".وقالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المدعومة من الأمم المتحدة هذا الأسبوع، إن سوريا تشهد أسوأ موجة عنف منذ عام 2020 من أكتوبر.وأصبحت روسيا ومعها إيران أكبر حليفين للأسد في الحرب. ودعمت تركيا جماعات المعارضة السورية، بينما وقفت الولايات المتحدة في صف قوات سورية كردية، بينما تشن إسرائيل غارات جوية تستهدف "حزب الله" اللبناني وقوات إيرانية في سوريا.العنف في سورياوعلى مر هذه السنوات، وصلت ساحات القتال إلى طريق مسدود في الدولة التي تمزقها الحرب، بدأ التصاعد الأخير في أعمال العنف بغارة بطائرة مسيرة على حفل تخرج في الكلية العسكرية بمدينة حمص التي تسيطر عليها الحكومة في أكتوبر الماضي، ما أسفر عن مقتل العشرات.وقالت اللجنة إن الحكومة السورية والقوات الروسية المتحالفة معها شنت بعد ذلك قصفاً على شمال غرب البلاد الذي تسيطر عليه المعارضة، وأصابت مستشفيات ومدارس وأسواق ومخيمات للنازحين معروفة وواضحة.وكثفت تركيا هجماتها على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، في حين شن مسلحون من خلايا "داعش" النائمة هجمات متفرقة في أجزاء مختلفة من البلاد.وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أيضاً اضطرابات، مع اندلاع احتجاجات في إدلب ضد قيادة هيئة تحرير الشام التي تعتنق فكر تنظيم القاعدة والتي تحكم المنطقة، ومع كل طبقات الصراع المتعددة والمعقدة، لا يوجد حل للأزمة السورية في الأفق.وفي السياق، قال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية ديفيد كاردن، خلال زيارة قام بها مؤخراً إلى شمال غرب سوريا، إن خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة لعام 2023، والتي دعت إلى جمع أكثر من 5 مليارات دولار، لم تتلق سوى 38 % من المبلغ المطلوب، وهو أدنى مستوى منذ أن بدأت الأمم المتحدة في إصدار النداءات.وكشف كاردن أن هناك 4.2 ملايين شخص محتاج في شمال غرب سوريا، منهم 2 مليون طفل، مليون منهم لا يذهبون إلى المدارس، مضيفاً: "هذا جيل ضائع".الزلزال المدمّروما زاد من بؤس سوريا، الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 7.8 درجة في 6 فبراير 2023، والذي أودى بحياة أكثر من 59 ألف شخص في تركيا وسوريا. وقتل نحو 6 آلاف منهم في سوريا وحدها، خصوصا في الشمال الغربي، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 4.5 ملايين نسمة على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.وتكافح وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية، لتمويل البرامج التي توفر شريان الحياة في سوريا، وتلقي باللوم على إرهاق المانحين، وجائحة كوفيد19، والصراعات التي اندلعت في أماكن أخرى في السنوات الأخيرة.وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي يقدر أن أكثر من 12 مليون سوري يفتقرون إلى الوصول المنتظم إلى الغذاء، في ديسمبر الماضي أنه سيوقف برنامج المساعدة الرئيسي في سوريا عام 2024.واندلعت الحرب التي قتلت نحو نصف مليون شخص، وتسببت في نزوح نصف سكان البلاد البالغ تعدادهم 23 مليون نسمة، كاحتجاجات سلمية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد في مارس 2011.وقوبلت الاحتجاجات التي كانت ضمن موجة الربيع العربي، وانتشرت في أنحاء الشرق الأوسط ذلك العام بحملة قمع، وسرعان ما تحولت الانتفاضة إلى حرب أهلية كاملة النطاق، زاد من تعقيدها تدخل القوات الأجنبية على هامش الصراع، فضلاً عن تزايد نشاط المسلحين، أولا من جماعات على صلة بتنظيم القاعدة وبعدها تنظيم "داعش" حتى هزيمته عام 2019.احتجاجات جديدةخرج عشرات الآلاف من السوريين، اليوم الجمعة، في تظاهرات في عموم مناطق سوريا بمناسبة الذكرى الثالثة عشر لاندلاع الاحتجاجات في البلاد، لكن ما ميز مظاهرات هذا العام هو دخول محافظة السويداء على خط الاحتجاجات ضد هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة/. وخرج الآلاف بعد صلاة الجمعة اليوم بمظاهرات في مدينة عزاز بريف حلب الشرقي وهم يرفعون (علم الثورة) بألوانه الأخضر والأبيض والأسود بنجومه الخضراء، وهتافات تؤكد على الالتزام بمبادئ الثورة التي انطلقت قبل 13 عاماً.وفي مدينة أدلب شهدت ساحاتها وشوارعها خروج مظاهرات هي الأكبر في المدينة منذ سنوات ورفعت لافتات كتب عليها "ثورة لكل السوريين – ثورتنا متماسكة – بتماسكنا ننتصر – ثورة حتى النصر".(وكالات)