حين بدأت إسرائيل شنّ حربها المُدمرة على قطاع غزّة في 7 أكتوبر، ردًا على العمليّة التي نفّذتها حركة "حماس" على بعض المستوطنات المحاذيّة للقطاع، أعلنت حكومة الحرب وقتها هدفين من عمليتها العسكريّة:القضاء على كتائب "حماس".استعادة الأسرى من غزّة.ومنذ ذلك الحين، ورغم الدمار الشديد الذي خلّفته الحرب على القطاع، حيث قتلت أكثر من 36 ألف شخص، وشردّت أكثر من مليوني فلسطينيّ، لم تستطع تحقيق الهدفين، وفق محللين تحدثّوا لمنصة "المشهد".وأمام هذه الحرب المستمرة، تزايدت الضغوط الدوليّة خصوصًا من حلفاء تل أبيب من أجل إنهاء هذه الحرب، فيما تتحدث الكثير من التقارير الأمميّة عن ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في غزّة، واستخدام الجوع كسلاح في المعارك.بالتزامن مع ذلك سعت إسرائيل إلى تبرير فشلها في تحقيق أيّ نصر ملموس في غزّة، باستثناء القتل الجماعيّ، من خلال محاولات تصدير المشكلات لبعض الأطراف الإقليميّة ومن بينهم مصر، لكي تحمّلهم نتائج فشلها، بحسب مراقبين.نقل الأسرى إلى سيناء؟في هذا السياق، قال مسؤول عسكريّ إسرائيليّ، إنّه من المرجّح أن تكون " حماس" قد اقتادت الأسرى في وقت ما من الحرب إلى مصر عبر الأنفاق. وخلال حوار إذاعيّ وردًا على سؤال عما إذا كان هناك احتمال لنقل الأسرى الأحياء أو حتى الأموات إلى سيناء المتاخمة لغزّة، قال نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيليّ السابق اللواء ماتان فيلناي: كل شيء ممكن، إذا اعتقدت "حماس" أنّ ذلك صحيح، فإنها ستفعل ذلك.من الناحية الفنية، من الممكن نقل الأسرى من غزّة إلى الجانب المصري عبر الأنفاق في ممر فيلادلفيا.مصر لديها مصلحة في مساعدتنا، من الناحيّة النظريّة، يمكن أن يحدث ذلك.يقع الممر على الحدود بين قطاع غزّة وسيناء، وهو مقسّم بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية.هناك حاجة إلى التنسيق الكامل مع المصريّين، وما أعرفه أنّ تصرفات المصريّين حتى الآن لا تزال تمثل صعوبات.وخلال الأسابيع الماضيّة، زادت حدة التوتر بين القاهرة وتل أبيب خصوصًا مع بدء العملية العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وسيطرة تل أبيب على المعبر، ما دفع مصر إلى وقف دخول المساعدات من المعبر لحين انسحاب إسرائيل بشكل كامل من المعبر.إسرائيل "تكذب"في المقابل، قال خبير الأمن القوميّ المصريّ، اللواء محمد عبد الواحد، إنّ إسرائيل تستخدم في حربها على قطاع غزّة "استراتيجية الإسقاط، للتلاعب بالرأي العام الدوليّ والمحليّ لكي تبرر فشلها في الحرب".ونفى خبير الأمن القوميّ المصريّ في حديث لمنصة "المشهد" الإدعاءات الإسرائيلية بقيام "حماس" بنقل الأسرى عبر الأنفاق إلى مصر وقال إنّ تل أبيب "تكذب". ودلّل عبد الواحد على قوله بطرح الأسئلة التالية: لماذا يموت الأسرى الإسرائيليين ما بين الحين والآخر مع كل عملية نوعيّة في غزّة؟ لماذا لم تُلق إسرائيل القبض على قيادات "حماس" حتى الآن؟لماذا لم تعثر إسرائيل على الأنفاق بين غزّة ومصر بعد اجتياحها لرفح الفلسطينية؟وقال عبد الواحد إنّ تل أبيب أخفقت أيضًا في عمليتها العسكريّة في رفح، بدليل أن مقاتلي "حماس" لا يزالون يواجهونها في أكثر من مكان بالقطاع، لافتًا إلى أن ما يجري الآن في غزّة أثّر بشكل كبير على مفهوم الأمن القوميّ الإسرائيليّ. وأشار إلى أنّ تل أبيب كانت تتبنى استراتيجية الردع من خلال الترويج على أنهم الجيش الذي لا يُقهر، وجاءت عملية 7 أكتوبر لكي تدمر كل هذه الادعاءات. وأضاف أنّ إسرائيل استخدمت العنف الشديد ضد المدنيين والأطفال في غزة، لكي تغطي فشلها الاستخباراتي والعسكري، بالإضافة إلى دوافع دينية تبرر لهم القتل للآخر.ورأى عبد الواحد أنّ الجنود الإسرائيليين يخوضون المعارك في غزّة عبر دوافع مختلفة عن تلك التي يخوض بها صناع القرار في تل أبيب هذه الحرب وبالتالي ليس هناك استراتيجية واضحة الآن لاستمرار الحرب. وأوضح أنّ إسرائيل استهانت في بداية الحرب بالقدرات العسكرية لـ"حماس" وكانت تظن أن الحرب لن تستمر طويلاً ولكن بعد مرور أكثر من 8 أشهر على القتال لازال الجيش الإسرائيليّ يواجه عمليات نوعية ينفذها المقاتلون في القطاع. وتابع "بعد أن قامت إسرائيل باجتياح رفح لم تصل إلى أيّ دليل حقيقي يقول أن هناك أنفاقا بين مصر وغزة، رغم الادعاءات التي خرجت في البداية بوصولهم إلى أنفاق". الزج باسم مصر في الحرب هدفه في رأي عبد الواحد هو محاولة تل أبيب الضغط على القاهرة لكي تضغط على "حماس" لاستعادة الأسرى، لافتًا إلى أن قطر تعرضت أيضًا لهذه المحاولات من خلال اتهامها بدعم "حماس"، على حد تعبيره.(المشهد)