لا تزال أصابع الاتهام موجهة إلى عدد من شركات السياحة في مصر التي قامت بتسفير الحجاج غير النظاميين إلى المملكة العربية السعودية بتأشيرات زيارة، وذلك بعد حالة الجدل التي أُثيرت نتيجة وفاة مئات الحجاج المصريين لأداء المناسك في الأراضي المقدّسة. وبلغ عدد الحجاج المصريين الذي توفوا في الحج، نحو 700 شخص، بحسب تقارير إعلامية. من جانبها، حمّلت المملكة العربية السعودية، بعض شركات السياحة الأجنبية المسؤولية بعد أنّ قامت بتشجيع الزوّار على أداء الفريضة من دون احترام أنظمة الحج.تصريح الحجوقال المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية، العقيد طلال الشلهوب، إن عدد المتوفين ممن لا يحملون التصريح بلغ نحو 1079 حالة، وهو ما يعادل نسبة 83% من إجمالي الوفيات خلال الحج، البالغ 1301. وأشار الشلهوب في تصريحات إعلامية، إلى أنّ تصريح الحج ليس مجرد بطاقة عبور للمنافذ أو نقاط الفرز، وإنما وسيلة وأداة مهمة تسهل الوصول للحجاج والتعرف على أماكنهم من أجل تقديم الرعاية والخدمات المطلوبة في الوقت المطلوب. وأكد أن عدم وجود التصريح كان تحديًا أمام الوصول للمخالفين، وعائقًا لتقديم الخدمة لهم أو رعايتهم. سحب تراخيص الشركات المُخالفة في السياق نفسه، فتحت مصر تحقيقًا في واقعة وفاة الحجاج المصريين، حيث كلّف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي السبت بسحب رخص 16 شركة سياحة وإحالة مسؤوليها إلى النيابة العامة بتهمة "التحايل" لتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، على ما أفاد مجلس الوزراء. وقال المجلس في بيان له، إنه "تم رصد عدد 16 شركة سياحة ـ بصورة مبدئية ـ قامت بالتحايل وتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، ولم تقدم أيّ خدمات للحجاج".وفي التفاصيل، قال رئيس شركة سياحية تعمل في مجال الحج والعمرة بمصر، حسام الحلو، إنّنا في البداية يجب أن نُفرّق بين الشركات السياحية الرسمية وبين شركات التسفير وخدمات النقل. وأضاف في تصريح لمنصة "المشهد" أنّ غالبية المخالفات التي شهدها موسم الحج هذا العام، جاءت نتيجة قيام شركات خدمات السياحة والتسفير باستغلال رغبة المواطنين خصوصًا في الأرياف لأداء فريضة الحج من خلال استخراج تأشيرات زيارة لأداء فريضة الحج على عكس القانون. "سمسارة الحج"وأشار الحلو إلى أنّ شركات السياحة التي تعمل في هذا المجال يكون مُصرّح لها من قبل وزارة السياحة المصرية وتقوم الوزارة بنشر بياناتها على الموقع الإلكتروني الرسمي لها لمنع أيّ عمليات تحايل. ووجّه الحلو اللوم على سمسارة التسفير لقيامهم بإيهام الناس بأنهم سيؤدون فريضة الحج من خلال تأشيرة زيارة، لافتًا إلى أنّ شركات خدمات النقل لها فروع كثيرة في المناطق الريفية وجلّها ليس لها تراخيص سفر للحج والعمرة. وكشف مدير الشركة السياحية، أنّ نحو 2800 شركة في مصر تعمل بشكل قانوني ولديها تصاريح رسمية، لافتًا إلى أنّ بعض الشركات قامت بالفعل بارتكاب مخالفات خلال موسم الحج وهو ما دفع مجلس الوزراء المصريّ إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضدها. وأشار إلى أنّ العقوبات على شركات السياحة المُرخصة قد تصل إلى حد سحب الترخيص منها، لأن القانون يمنع تسفير أيّ شخص بتأشيرة زيارة أو سياحة لغرض الحج. وقال الحلو إنّ تأشيرات الحج في مصر تنظمها 3 جهات بعد الحصول على حصة مصر من السفارة السعودية وهي: وزارة الداخلية المصرية (ويتم إجراء قرعة لهم).وزارة التضامن الاجتماعي من خلال قرعة أيضًا.وزارة السياحة وتكون من خلال قرعة وتقوم بتنظيم عمليات التسفير من خلال الشركات السياحية.وأوضح أنّ كل شركة تحصل على حصة من هذه التأشيرات وبالتالي تقوم بتسفير أعداد محددة من المواطنين الراغبين في أداء فريضة الحج وفي حالة مخالفة أيّ من الاشتراطات الموضوعة فتخضع هذه الشركة لعقوبات كبيرة تصل إلى حد سحب الترخيص.طلب التعويضووفقًا لبيان مجلس الوزراء المصريّ، كلّف رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بسرعة سحب رخص هذه الشركات، وإحالة المسؤولين إلى النيابة العامة، مع تغريم هذه الشركات لصالح أسر الحجاج الذين تسببوا في وفاتهم". وفي هذا السياق، قال المحامي المصريّ شادي طلعت، إنّ القانون المدني في مصر ينص صراحة في مادته رقم 63 على أن كل من تسبب في ضرر يلتزم بالتعويض. وأوضح في حديث لـ"المشهد"، أنّه في قضية ضحايا الحج هذا العام، يجب التفريق بين أمرين: الأفراد الذين سافروا بتأشيرات زيارة وهم يعرفون ذلك.الشركات التي أوهمت الأشخاص بأنهم مسافرين للحج وتحايلت عليهم من خلال إعطائهم تأشيرة زيارة.وكشف المحامي المصريّ أنّ الحالة الأولى لا يحق لأسرة الضحية أن تعود على الدولة السعودية أو شركة السياحة بطلب التعويض لأنهم كانوا على علم بكافة التفاصيل قبل سفرهم، وهم من قاموا بمخالفة القانون السعودي بذهابهم إلى الحج من دون تصريح.أما فيما يتعلق بالشق الثاني وهو قيام شركات السياحة أو التسفير بإيهام الأشخاص بذهابهم إلى الحج من خلال إعطائهم تأشيرات زيارة، فبحسب طلعت، فيحق لأسرة الضحية أن تعود إلى الشركة لطلب التعويض. وقال إنّ هذه الشركات ستقع تحت طائلة القانون الجنائي لأنها استخدمت الغش وأوهمت الناس بغير الحقيقة وقامت بتحصيل أموال من المواطنين بالإضافة إلى وقوعها تحت طائلة القانون المدني وعليها أن تقوم بتعويض ذوي الضحايا عن الأضرار الناجمة. وأشار طلعت إلى أنّ هذه المخالفات قد تصل إلى سحب تراخيص هذه الشركات من قبل وزارة السياحة في مصر لأنها ارتكتب مخالفات جسيمة أدت إلى وفاة أشخاص.(المشهد)