في إطار الدفعة الثانية من عملية تبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل، سلّمت الفصائل الفلسطينية 4 أسيرات مجنّدات إسرائيليات، لطواقم الصليب الأحمر الدولي وتم نقلهن إلى تل أبيب، بالمقابل تم تحرير 200 أسير فلسطينيّ من السجون الإسرائيلية وتم نقلهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزّة، وسيبعدُ 70 أسيراً من ذوي المؤبدات والمحكوميّات العالية لدول عربية من بينها تركيا، وقطر والأردن، وبعض الدول الأوروبية كسويسرا والنرويج.توازياً، وبموجب الاتفاق الذي أُبرم اليوم، يتوجب على القوات والجيش الإسرائيلي الشروع بالانسحاب الكامل من محور "نيتساريم" وسط قطاع عزّة، ليتسنى لأهالي شمال قطاع غزة النازحين والمهجّرين العودة لبيوتهم وممتلكاتهم رغم الدمار الفادح الذي حلّ بالمنطقة بالكامل، وذلك اعتباراً من الأسبوع المقبل، وميدانياً، وفق مسودة الاتفاق، يفترض أن تُفكّك إسرائيل مواقعها ومنشآتها العسكرية بمنطقة "محور نيتساريم"، في عملية ميدانية ستستمر لساعات طويلة. أسماء بارزة ينص اتفاق تبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل، أن تفرج السلطات الإسرائيلية عن 50 أسيراً فلسطينياً مقابل كل مجندة إسرائيلية يتم إطلاق سراحها، بينهم 30 محكوماً بالمؤبد و20 من ذوي الأحكام العالية. وينتمي 137 أسيراً فلسطينياً من الدفعة الثانية لـ"حماس"، و26 لحركة "فتح"، و29 لـ"الجهاد الإسلامي"، و3 لـ"الجبهة الشعبية"، وواحد للجبهة الديمقراطية، و4 دون انتماء تنظيمي. وبحسب نادي الأسير الفلسطيني إن "أقدم أسير فلسطيني لدى إسرائيل محمد طوس ضمن الدفعة التي أطلق سراحها".وتتضمن دفعة التبادل الثانية أسماء بارزة لأسرى محكومين بالمؤبد والأحكام العالية، وستقوم السلطات الإسرائيلية بإبعادهم للخارج، وأبرزهم القيادي في حركة فتح زكريا الزبيدي، وأحمد البرغوثي، ووائل قاسم، ومحمود عطا الله، ورائد السعدي، ومحمد العارضة. أقدم أسير فلسطيني ينال الحرية في حديث خاص مع ثائر محمد الطوس من قرية الجبعة قضاء بيت لحم نجل أقدم أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ العام 1985، يعدّ واحدًا من الأسرى القدامى المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، البالغ عددهم 23 أسيرًا، ورفضت إسرائيل الإفراج عنهم في كل صفقات تبادل الأسرى، وينتمي إلى حركة "فتح" وحكمته إسرائيل بالسجن مدى الحياة، وأمضى 40 عاماً بشكل متواصل في السجون الإسرائيلية.يقول ثائر لمنصة "المشهد" تزامناً مع الإفراج عن والده الطوس، "هناك فرحة وغصة بالقلب في آن معاً، بسبب قرار إسرائيل إبعاد والدي خارج فلسطين، لن يتنسم هواء البلاد، ولن يعود للمنزل ليعيش أجواء الأسرة والأحفاد، سيحرم من كل هذه التفاصيل للأبد، وهذا ما تريده إسرائيل التنغيص علينا في فرحتنا وحريتنا العادلة". وبنبرة حزينة يضيف قائلاً "يبلغ والدي 70 عاماً يعاني من عدة مشاكل صحية في القلب والنظر، بفعل ظروف الاعتقال وعدم تلقي العلاج، كالعادة لم تراعِ إسرائيل السنّ والمرض وأبعدته للخارج، ضاربة بعرض الحائط كل الأعراف الدولية والإنسانية". ويستذكر ثائر لـ"المشهد" لحظات اعتقال والده في العام 85 "كنت جنيناً في بطن أمي ولم أعش مع والدي دقيقة واحدة، أخي البكر شادي في عمر العامين، وفداء عام ونصف، كبرنا وبتنا آباء وأمهات ولدينا أبناء، لكن والدتي توفيّت في العام 2015 من شدّة ألمها وقهرها على مصير والدي، حيث دخلت غيبوبة حيال تراجع إسرائيل عن الإفراج عنه في صفقة عام 2014، نتعرض دائماً للمضايقات من قبل السلطات الإسرائيلية وتم هدم منزلنا 3 مرات".وخص ثائر "المشهد" برسالة والده الأخيرة قبل نشوب الحرب، "لست نادماً على ماقدمته من تضحية كبيرة فداءً للوطن، وأنا على ثقة بأنني سأخرج من السجن وأنّ الفرج قريب"، كما وأنه يزخر بإرث أدبيّ حيث "أصدر والدي سيرة ذاتية بعنوان عين الجبل، وفي العام 2023 كتاب حلاوة ومرارة". خنساء فلسطين تعرف السبعينية أم ناصر أبو حميد من مخيم الأمعري بمدينة رام الله، "بخنساء فلسطين" والتي تشتهر بحكاية صمود فريدة، حيث تحكم إسرائيل على 5 من أبنائها بالمؤبد في سجونها، وتعبر لمنصة "المشهد" عن لحظات الانتظار والفرح حيال شمول الصفقة الأشقاء نصر ومحمد وشريف، لكن سيتم إبعادهم خارج فلسطين.وتقول أم ناصر لـ"المشهد" إنهم من بين "4 أشقاء يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد في السجون الإسرائيلية، كما ارتقى شقيقهم الخامس ناصر أبو حميد عام 2022 في سجون إسرائيل بفعل التعذيب والحرمان من العلاج، نصر يبلغ 51 عاماً محكوم 5 مؤبدات، وشريف 49 عاماً محكوم 4 مؤبدات، ومحمد 42 عاماً محكوم بالمؤبد مرتين و30 عاماً، نحن أول بيت فلسطيني تحكم إسرائيل 5 من أبنائه بالمؤبد".وبكثير من الحسرة الممزوجة بالألم، تعبّرُ أم ناصر لـ"المشهد" عن رغبتها وأمنيّتها بتحرر أبنائها الثلاثة على أرض الوطن وليس إبعادهم خارجاً، "بعيداً عن أهلهم وذويهم، هذه فرحة منقوصة علينا جميعاً، إسرائيل تستقصد أن تعاقبنا بهذه الطريقة المعهودة لسلوكها تجاه حرية الفلسطينيين، كنت أتمنى خروجهم بين أبناء الشعب الفلسطينيّ للاحتفال بعودتهم وحريتهم، وليعيشوا كبقية البشر، لقد حرمتهم سنوات الأسر الظالمة من كل حقوقهم البشرية، نريد العيش بسعادة وسلام". رسائل الأسرى المحررين وعبّر الأسير المحرر سعيد عرار من مدينة رام الله، والذي أمضى 20 عاماً في السجون الإسرائيلية لمنصة "المشهد" عن سوء الأحوال والظروف السيئة التي يعاني منها الأسرى، "استمرت القوات الإسرائيلية بضربنا وتعذيبنا حتى آخر لحظة، رغم الأوجاع في جسدي، إلا أنني لم أعد أشعر بألم من شدة الفرح بين الأحباء والأهل، نتمنى الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطينيّ لكي ننال حريتنا الموعودة". وشدّد الأسير المحرر ثائر تعامرة من مدينة بيت لحم، الذي قضى 10 سنوات في سجون إسرائيل على ضرورة الوحدة الوطنية الفلسطينية، قائلاً "كنا نتعرض لتجويع وضرب وتنكيل بطرق مذلة ومهينة، وفقدنا العديد من الأسرى لم يتحملوا حجم التعذيب، ولكن نعيش الآن لحظات تاريخية نتنسم الحرية بين أهلنا وذوينا، ونتمنى الحرية لكل الأسرى". ومن جانبه، اعتبر الأسير المحرر وائل الجاغوب من مدينة نابلس، الذي قضى أكثر 20 عاماً في السجون الإسرائيلية، والمحكوم بالمؤبد، بأنّ الصفقة "خطوة باتجاه تحرير فلسطين من الظلم والاستبداد وسلب الأرض، إسرائيل عبارة عن منظومة لتعذيب وقتل الأسرى، لكن الأمل موجود لنيل كل حقوقنا السليبة". (المشهد - القدس)