قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو السبت، إنّ إسرائيل لم تتخذ قرارًا بعد بخصوص سيطرة عسكرية محتملة على محور فيلادلفيا الواقع على الحدود بين قطاع غزة ومصر.وفي الوقت ذاته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أنّ "مصر تضبط حدودها بشكل كامل، وهذه المسائل تخضع لاتفاقيات بين مصر وتل أبيب، والموضوع يخضع للتدقيق لنردّ بمواقف معلنة". ورغم أنّ الحديث عن محور فيلادلفيا غير جديد في الحرب الأخيرة على قطاع غزة، أكد مراقبون أنّ إحكام سيطرة إسرائيل على المحور قد يكون مخرجًا للحكومة الإسرائيلية في إنهاء الحرب، خصوصًا في ظل عدم تحقيق إنجاز ملموس على الأرض سوى القتل والتدمير. ووفقًا لاتفاقية السلام المصرية -الإسرائيلية لعام 1979، يُعتبر محور فيلادلفيا منطقة عازلة وقد خضع لسيطرة إسرائيل قبل انسحابها من قطاع غزة عام 2005. إلا أنّ إسرائيل أعادت الحديث عن ضرورة السيطرة عليه، حيث أكد نتانياهو أنه "من الواضح أننا لا نستطيع إنهاء الحرب حتى نغلقه (محور فيلادلفيا). سندمر "حماس"، وسنقوم بتجريد غزة من السلاح، وستستمر المعدات العسكرية وغيرها من الأسلحة الفتاكة في الدخول إلى هذا المنفذ الجنوبي، لذلك بالطبع نحن بحاجة إلى إغلاقه". محاذير إغلاق محور فيلادلفياوقال الكاتب والمحلل السياسيّ من رام الله جهاد حرب، إنّ احتلال محور فيلادلفيا قد يكون صورة لنتانياهو للاحتفال بأنه أتم "احتلال قطاع غزة، وأعاد حصاره بشكل كامل، بحيث لا يكون للقطاع أيّ حدود مباشرة مع دولة عربية". وأضاف حرب في حديثه لمنصة "المشهد"، أنّ "هذا الأمر سيؤدي إلى مزيد من التوتر في رفح الفلسطينية، ويصبح مكانًا لمقاومة إسرائيل وتعزيز المقاومة، كما سيصبح جنود الاحتلال كأفراد في مرمى نيران المقاومة الفلسطينية". وأكد أنه "في الوقت ذاته سيخلق أيضًا توترات متعددة مع مصر، خصوصًا في ظل خرق الاتفاقيات الموقعة مع القاهرة من قبل إسرائيل، وهذا الأمر سيزيد من التوترات مع القيادة المصرية بعد تصريحات المحامي الإسرائيليّ في محكمة العدل الدولية، وتحميلها مسؤولية حصار غزة وعدم إدخال البضائع والمساعدات الإنسانية". ويرى حرب أنه بمعنى آخر، فإنّ إسرائيل تحاول زجّ مصر في صراع مع الفلسطينيّين، مبيّنًا أنّ الشعب الفلسطينيّ يُدرك هذه المحاولات لحرف الأنظار عن جوهر المسألة، وهو "العدوان الإسرائيلي" واختراق الاتفاقيات التي تم توقيعها مع الأطراف العربية وبشكل خاص مع مصر.وأثار نتانياهو جدلًا منذ أيام عدة، بعد حديثه عن محور فلادلفيا، حيث شدّد سابقًا على ضرورة خضوعه لسيطرة إسرائيلية.إلى ذلك، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي، في تصريحات لمنصة "المشهد"، أنّ محور فيلادلفيا هو الأخطر طرحًا من الحكومة الإسرائيلية في هذه الحرب، والسيطرة عليه قد يوازي "العدوان على القطاع منذ أكثر من 100 يوم، للأهمية الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية لهذا المحور". وأوضح الماضي أنّ "السيطرة على المحور يُشكل مدخلًا لخنق قطاع غزة وأهلها مرة أخرى، ويُعطي شرعية للحكومة الإسرائيلية في أن تقوم بما تريد من دون الإحساس بوجود أيّ ضغوط دولية أو إقليمية عليها". واعتبر أنّ السيطرة على محور فيلادلفيا، يُمكن أن يساهم في تخفيف حدّة الحرب، ولكنه سيعطي ميزة وقيمة جديدة للسيطرة على مدخل غزة، وسيقوم بدفن كل مشروع وحلم فلسطينيّ في إقامة دولة فلسطينية قادرة على أن تتواصل مع الأطراف الدولية. وقال الماضي إنّ السيطرة على محور فيلادلفيا، يعني أنّ إسرائيل ستُحدّد مصير قطاع غزة في المستقبل، وإنّ الحكومة التي ستأتي والمجموعات التي تحكم القطاع ستمرّ بالتأكيد تحت تقييم إسرائيل، ما يجعل مستقبل حركات المقاومة غير واضح تمامًا.فرصة تحقيق إنجاز إسرائيلي أكد حرب أنّ الحكومة الإسرائيلية فشلت على مدار نحو 100 يوم من تحقيق أهدافها التي كانت واسعة منذ البداية، سواء بالقضاء على حركة "حماس" والمقاومة الفلسطينية، أو إطلاق سراح الأسرى، أو حتى أن يكون قطاع غزة غير مُهدّد لإسرائيل. وقال إنّ إسرائيل فشلت أيضًا في ما تم طرحه من أهداف العملية العسكرية، وتأكيدها على إمكانية اغتيال شخصيات عسكرية وازنة في "حماس"، على غرار يحيى السنوار ومحمد الضيف. وأضاف حرب: "أعتقد أنّ تصوير نجاح إسرائيل بالسيطرة على محور فيلادلفيا، لن يكون لديه قيمة أمام المجتمع الإسرائيلي، وخلال 100 يوم من العملية العسكرية لنتانياهو الذي لن يستطع الوصول إلى أيّ هدف من الأهداف التي أعلنها".فيما أكد الماضي أنه إذا أرادت إسرائيل أن تُسيطر على المحور وتمكّنت من ذلك، سيكون إنجازًا بديلًا عن الإنجازات التي وعدت بها شعبها مع بدء المعركة، ولذلك هو مهم جدًا لها.واعتبر أنّ للمحور أهمية استراتيجية لا تكمن فقط للفلسطينيّين، ولكن للمصريّين أيضًا إذا تمت السيطرة عليه من قبل إسرائيل.وأضاف: "أعتقد أنه إن سيطرت إسرائيل على محور فيلادلفيا، فإنّ ذلك سيُسجّل كسابقة تاريخية بحقّ مصر وسابقة سياسية وعسكرية بأنّ القاهرة لم تستطع حماية حتى اتفاقية السلام بينها وبين إسرائيل".وقف الطموحات الإسرائيليةواعتبر حرب أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ قام بعملية تدمير واسعة لقطاع غزة، وجعل القطاع غير صالح للسكن للمواطنين نتيجة الدمار الهائل. وتابع قائلًا: "صحيح أنه قد دمّر القطاع الصحّي في قطاع غزة وكذلك التعليمي، ولكن ما تقدّم جلب له وللشعب الإسرائيليّ الكثير من الخسائر، في ما يتعلق بالقضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية التي تُظهر إسرائيل بأنها أصبحت مجرمة وليست ضحية". وأكد حرب أنّ صورة إسرائيل تغيّرت أمام المجتمع الدوليّ بصورة أخرى واضحة وكبيرة، عبر التضامن الدوليّ مع الشعب الفلسطينيّ الذي بات أوسع، لافتًا إلى أنه حتى السياسيّين باتوا يدركون أنذ حلّ الدولتين هو الطريق الوحيد لحل الصراع، والطريقة المثلى لعدم تكرار العنف، وموجة المواجهات بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين وتحقيق السلام في المنطقة. فيما قال الماضي إنّ بقاء المحور مع الفلسطينيّين هو بارقة أمل، وقد يكون محاولة الحديث عنه وخنقه هو بقصد المزيد من الضغوط على "حماس"، من أجل القبول بتسوية سياسية قادمة، وقد تكون الحركة ليست جزءًا منها في المستقبل.ودعا إلى ضرورة التوجه نحو مصر من أجل وقف الطموحات الإسرائيلية والأهداف القائمة في السيطرة على محور فيلادلفيا، لأنّ السيطرة عليه ستُسجل مرة أخرى في خانة أنّ هناك مساعدة لإسرائيل في تنفيذ مخططاتها الاستراتيجية والعسكرية في خنق الفلسطينيّين، على حدّ تعبيره.(المشهد)