في خضم التوتر بين إسرائيل والأردن، على خلفية موقف عمّان الرافض للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يُفتح ملف تجديد اتفاقية المياه ليصعّد من الخلاف. البرلمان الأردني طالب الحكومة بإلغاء الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، في المقابل هددت تل أبيب بإلغاء تمديد اتفاقية المياه، لكن الحكومة الأردنية أعلنت ثبات موقفها في دعم الفلسطينيين ضد الحرب الإسرائيلية في غزة. وكشفت تقارير صحفية إسرائيلية، أن الأردن طالب إسرائيل في 11 يناير بتمديد اتفاقية الماء مقابل الكهرباء، التي تبيعها بموجبها للمملكة 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه، فوق الـ50 مليون متر التي تلتزم بتوفيرها بموجب معاهدة السلام لعام 1994.ووضعت تل أبيب العديد من الشروط، أبرزها وقف التصعيد والتهديد من قبل المسؤولين والبرلمانيين الأردنيين ضد إسرائيل، وإعادة العلاقات الدبلوماسية إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر.هذه الشروط رفضها الأردن، ودفع المملكة إلى مطالبة وسطاء بالضغط على الحكومة الإسرائيلية لتمديد الاتفاقية من دون تنفيذ تلك الشروط، وبين تمسّك الأردن وابتزاز إسرائيل، طرح البعض حلولاً بديلة لعمّان، بينها اللجوء لتحلية المياه. ما خيارات الأردن؟يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات لمنصة "المشهد"، إن موقف الأردن يعتمد على رؤية بعيدة المدى، تنظر للصراع بشكل عقلاني، الحرب على غزة دخلت شهرها السادس من دون أفق على أن هذه الحرب في طريقها للانتهاء. ويوضح شنيكات أن الأردن يعتمد في تمديد المياه على أكثر من حل، الحل الأول هو أن الأطراف التي تدخلت كوسطاء لعقد هذه الاتفاقية ربما يكونون الآن وسطاء لإعادة الاتفاقية إلى سابق عهدها، ولكن شرط أن تناقش هذه الاتفاقية كمسألة فنية بعيداً عن مواقف الأردن السياسية خصوصا فيما يتعلق بالحرب، ومن دون تقديم أي تنازلات، ودون الضغط على المسؤولين في الحكومة والبرلمان عندما يعلنون مواقفهم من هذا الصراع.ويضيف شنيكات: "القضية الأخرى وهي خارج الاتفاقية، ربما يفكر الأردن ببدائل أخرى تتعلق بتحلية المياه، خصوصا في ضوء تطور التكنولوجيا، توفر الطاقة الشمسية والأردن يحصل على شمس تقريباً طوال السنة، ربما تستخدم هذه التكنولوجيا لتحلية المياه. ويكمل شنيكات، إسرائيل تعتمد على هذه التكنولوجيا لتحلية المياه من البحر الأبيض المتوسط وتصديرها إلى الخارج، هذه النقاط الأساسية بالإضافة إلى حزمة إجراءات، بما يتعلق بترشيد استخدام المياه، وحفر آبار وبناء سدود، ربما مجموعة من الإجراءات التي يجب على الحكومة أن تأخذها بعين الاعتبار، إذا ما رُفضت مسألة تجديد الاتفاقية، لكن الأردن في هذا الموقف يؤكد أن هذه الاتفاقية اتفاقية فنية يجب أن تبتعد عن الأمور السياسية.ماذا تريد إسرائيل من الأردن؟يقول المحلل والكاتب الإسرائيلي يوأب اشترن، لقناة "المشهد" إن العلاقات ما بين إسرائيل والأردن يجب أن تكون معتمدة على الاهتمام بالمدى البعيد، وفي المدى البعيد أعتقد أن هناك انسجاما في الرؤية، وهذا يتطلب التعاون بين الطرفين، وهذا التعاون موجود على بعض الأصعدة، منها الأصعدة الفنية والطاقة والمياه.ويضيف اشترن: "لكن في ظل ما يحدث في غزة، أصبح هناك فجوة بين الحديث الإعلامي، وما نسمعه من البرلمان الأردني، وتصريحات كبار المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين للأسف الشديد بين الفينة والأخرى، حيث تطالب إسرائيل المسؤولين الأردنيين بتخفيف حدة تصريحاتهم النارية ضد إسرائيل، لكن على أرض الواقع ما زالت العلاقات منسجمة وهناك تعاون على مختلف الأصعدة. وذكّر اشترن أن الأردن في الماضي لم يجدد الاتفاقية التي بموجبها كان المزارعون الإسرائيليون يقومون بزرع الأراضي، وطالبت إسرائيل بالانسحاب وإخلاء هذه المناطق، التي كانت تحت السيادة الأردنية ولكن سمحوا للمزارعين الإسرائيليين حينها بالدخول إليها. ويرى اشترن أن الأردن سيواجه تحديا كبيرا في حال لم يتم تجديد اتفاقية المياه، ويقول إن إسرائيل هي قوة عظمى في هذا المجال، لأنها تقوم بتحلية مياه البحر الأبيض المتوسط، لكن هناك إمكانية للتعاون بين الطرفين، إسرائيل تقوم بتخزين المياه من أجل الأردن، والأردن في المقابل يعطي إسرائيل الكهرباء، كما السابق، لكن هذا يتطلب إرادة وحوارا بين الطرفين بعيداً عن السياسة.وفي المقابل أكد شنيكات أن العلاقة الأردنية الإسرائيلية، طوال فترة حكومة نتانياهو أصابها الفتور والتوتر وشهدت انقطاعا على مستوى الاتصالات، لأن أطرافا من الحكومة الإسرائيلية يتحدثون أن الوطن البديل للفلسطينيين هو الأردن وهذا ما يثير قلق الأردن ويرفضه تماماً، وعلى الأردن أن يستعد لحلول بديلة من دون أن يُمس بمواقفه، في حال عدم تجديد الاتفاقية. (المشهد)