تتحدث وسائل إعلام غربية نقلًا عن مصادر رفيعة تُفيد باستعداد إيراني لضربة إسرائيلية مرتقبة، بدعم وتنسيق مع الولايات المتحدة. تزامن هذا الحديث عن الاستنفار الإيراني مع تصريحات رئيس الموساد بأنّ إسرائيل لن تسمح لإيران بتنفيذ مخططها في القضاء على بلاده، يدل بحسب متابعين، إلى دخول خطط ضرب المنشآت النووية الإيرانية مرحلة مُتقدمة من التحضيرات، ويُفسر الحراك الدبلوماسي لدول المنطقة وحلفاء إيران، وفي مُقدتهم روسيا، التي يمكن أن تطرح الورقة الإيرانية في مفاوضاتها مع الإدارة الأميركية لإنهاء الأزمة في أوكرانيا."الضربة آتية لا محالة"في مقابلة مع منصة "المشهد"، استبعد السفير الأميركي الأسبق لدى الاتحاد الإفريقي جون سايمون، تنفيذ أيّ ضربات إسرائيلية ضد إيران، على الرغم من التقارير الصحفية التي تتحدث عن ذلك. بحسب رأيه، فإنّ الجانب الإسرائيلي إن كان يُفكر في الهجوم على إيران، وهو ما يحدث فعليًا، فإنه سيفعل ذلك في توقيت مختلف، كما أنّ إسرائيل تُحيط عملية التحضير لتنفيذ الضربات بجدار عالٍ من السرية والكتمان. يعتقد سايمون أنّ إسرائيل لن تُقدم على أيّ خطوة من دون تنسيق مع واشنطن، وبناءً على النقاش بين الطرفين يُتخذ القرار حول تنفيذ الهجوم، توقيته وحجمه أيضًا. من جانبه، يتوقع المحلل السياسي الإيرانيّ المقيم بواشنطن حسين هاشميان، أن لا تُنفذ الضربة الإسرائيلية لإيران، حتى حلول الشهر الرابع أو الخامس من السنة الجارية، ويضع المتحدث سببين لاعتقاده هذا: الحاجة لاستعدادات عسكرية ولوجستية تمنحها الولايات المتحدة للجيش الإسرائيلي، قد تتمثل في قنابل وقطع سلاح جوي، تزيد من قوة وتأثير الهجوم.التأسيس لعمل سياسي يرتكز على تقييم التعاطي الإيراني مع ملف المفاوضات النووية، ومدة جديتها في الانخراط فيه، إضافة لمراقبة تحركاتها وتحركات وكلائها في المنطقة، وعمل الوسطاء كروسيا والصين في هذا الصدد.وبحلول ذلك الوقت، يقول هاشميان لـ"المشهد"، سيثبت بشكل أكبر أنّ إيران تماطل في التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي، وقد تتجه للتصعيد في نشاطاتها النووية، ما يبعث بمؤشرات سلبية لواشنطن بأنّ طهران ماضية في التصعيد على المحورين، محور تطوير السلاح النووي، ومحور تدخلاتها في المنطقة، وما تُشكله من تهديدات لبعض الدول العربية ولإسرائيل ما يعطي حججًا أكبر لاستهدافها.تأثير عودة ترامب استنادًا لما يُتابعه، بحكم إقامته بواشنطن، واطّلاعه الواسع على شكل العلاقات الإيرانية -الأميركية، والإيرانية- الإسرائيلية، يتوقع المحلل السياسي الإيراني حسين هاشميان، أن تكون الضربة القادمة "قاضية" وواسعة، تستهدف دور الحرس الثوري الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، ما قد يدفعه إلى الرد الذي قد لا يكون مباشرًا لإسرائيل، ولكنه من دون شك، سيزعزع استقرار دول المنطقة. وبحسب الدبلوماسي السابق جون سايمون، فإنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان واضحًا بأنه سيطبق سياسة الضغوط القصوى على طهران، وهو لديه علاقة متينة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي يعدّ من أشد المعادين لإيران والمعارضين لامتلاكها سلاحًا نوويًا. معارضة يشترك فيها ترامب وإدارته بشدة، وهو ما تعكسه تصريحاته التي تجعل من امتلاك إيران لسلاح نووي خطًا أحمر لا ينبغي تخطّيه أو تجاهله أبدًا. كما أنّ وزير دفاعه بيت هيغسيث، كان قد أدلى بتصريحات مماثلة أثناء اجتماعه بوزير الدفاع السعودي في واشنطن، وعرضه استعداد الولايات المتحدة لمساعدة السعودية ودعمها ضد أيّ استهداف ايراني، كلها معطيات يراها سايمون ترجمة لسيناريوهات الحرب التي تدرسها واشنطن في حال قررت وحددت الهجوم على النظام الايراني ومنشآته النووية. الورقة الروسيةمحللون يؤكد على أن تنفيذ ضربة قاصمة لإيران سيكون من دون شك بعد ضمان تحييد أيّ دور لروسيا والصين في هذا النزاع، ولو أنّ تصميم طهران الذي يبدو واضحًا لامتلاك سلاح نووي سينسف أيّ دور لحلفائها في توفير غطاء يمنع الهجوم. في هذا الصدد يستبعد السفير الأميركي السابق في الاتحاد الإفريقي جون سايمون، أيّ دور كبير لروسيا في ما سيحدث: لأنّ المشكلة تتلخص في مدى استعداد النظام الإيراني للتراجع عن طموحاته النووية ما قرر المضيّ في تطوير قدراته النووية.إيران تواصل اعتماد سياسة ربح الوقت والتماطل في التفاوض مع واشنطن، لاعتقادها بأنّ امتلاك السلاح النووي هو السبيل الوحيد للحفاظ على النظام، لن تستطيع موسكو فعل أيّ شيء من شأنه تخفيف التوتر بين واشنطن وطهران، وإبعاد شبح الضربة. ولتفادي هذا السيناريو المحرج جدًا لروسيا، يرى المحلل الإيراني حسين هاشميان، أنّ الزيارات المكوكية واللقاءات التي يعقدها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في طهران، وقبلها لقاءاته مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واجتماعه أيضًا بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان، يراها كلها انعكاسًا لسعي روسيا لإقناع إيران بالدخول في مفاوضات مع واشنطن بشأن الملف النووي، وهي تحركات اصطدمت بغموض الموقف الإيراني لحد الساعة، المكتفي في المقابل بمطلب إزالة العقوبات على لسان خامنئي، رغم أنّ إيران تتراجع على كل المستويات وخيارات النظام أضحت جد محدودة، ما يجعلها لا تريد الدخول في المفاوضات في ظل الظروف الحالية. ويخلص هاشميان، في الأخير إلى أنّ روسيا ستستغل الملف لتسجل نقاطًا على حساب أوروبا وتلعب بالورقة الإيرانية للحفاظ على مسار تحسين علاقاتها مع ترامب، وضمان مكاسبها في مفاوضات إنهاء الأزمة الأوكرانية.(المشهد - واشنطن)